تفاصيل عن الحوالات من وإلى سوريا.. ما دور المخابرات؟، وما هي الدول الصعبة؟


قال صرّاف يعمل من خارج سوريا، في تصريحات خاصة لـ "اقتصاد"، إن كل الحوالات الداخلة إلى سوريا، "تمر من تحت الطاولة"، ولا تمر على المركزي، ويتم تسليمها بسعر السوق السوداء.

وأوضح الصرّاف الذي عمل لسنوات في سوريا، في هذا المجال، قبل أن يغادر البلاد، إنه يكفي لمكتب الصرافة أن يصوّر هوية لأحد أقاربه، ويرسل له 100 أو 200 دولار، وفق سعر "دولار الحوالات" الرسمي، ويُبلغ المركزي بهذه الحوالة. أما باقي الحوالات، فتتم بسعر السوق السوداء، ودون أن تمرّ عبر المركزي.

واستثنى الصرّاف حالات للسوريين في بعض الدول، مثل كندا والولايات المتحدة الأمريكية، ودول أخرى لا توجد فيها جاليات سورية كبيرة، حيث يضطر السوريون في هكذا بلدان، للتحويل إلى سوريا، باستخدام "ويسترن يونيون"، الذي يسلّم صاحب الحوالة، بسعر المركزي، أي يُسلّم الدولار الواحد بـ 434 ليرة.

وعقّب الصرّاف أن الدول التي لا تحتوي شبكات صرافة سورية، تعدّ قليلة، ففي معظم الدول التي يتواجد فيها سوريون، يمكن تحويل الأموال عبر مكاتب أو شبكات صرافة، تُوصل الحوالات للسوريين بالداخل، بسعر السوق السوداء. وهذا ينطبق على كثير من الدول الأوروبية، ومنها هولندا وألمانيا.

وقال الصرّاف الذي يعمل من خارج سوريا في الوقت الحالي، إنه يوجد في كل محافظة سورية أكثر من مركز لتسليم المبالغ، بشكل غير نظامي "طبعاً"، وذلك مُغطىً من الأجهزة الأمنية، بمعاشات، حسب وصفه.

وفصّل الصرّاف، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن نسبة مكتب الحوالات من الحوالة التي يتم نقلها، تختلف باختلاف البلدان، فالتحويل من تركيا والإمارات ولبنان (سابقاً قبل الاحتجاجات)، يُعتبر سهلاً، حسب وصفه. وتقدّر النسبة الوسطية لمكتب الحوالات بـ 2 بالألف. وتختلف من مكتب إلى آخر.

ولتوضيح آلية احتساب النسبة أكثر، أوضح الصرّاف أن أي مبلغ بدءاً من 10 دولار وصولاً إلى 1000 دولار، يأخذ منه المكتب عمولة 2 دولار. فلو حولت 100 دولار، تدفع 2 دولار. ولو حولت 500 دولار، تدفع 2 دولار أيضاً.. وهكذا، وصولاً للـ 1000 دولار. أما لو حولت مبالغ أكبر من الـ 1000 دولار، قد تصبح النسبة 5 بالألف. لكن هذه النسبة تبقى ثابتة، حتى مع المبالغ الكبيرة. فلو طلبت نقل مبلغ 100 ألف دولار، مثلاً، يتقاضى مكتب الحوالات مبلغ 5 آلاف دولار فقط. وهو نفس المبلغ الذي يتقاضاه المكتب لو حولت 5 آلاف دولار فقط.. وهكذا.

وبطبيعة الحال، تختلف هذه النسبة في بعض المكاتب، لتصل إلى 3 بالألف، أو 3.5 بالألف. وبالنسبة لنقل المبالغ الكبيرة، فعادةً ما يعتمد الأمر على سمعة الصرّاف أو شركة الحوالات التي يتم اعتمادها. ويجب أن تكون هناك ثقة تحديداً بالشخص الذي يدير المكتب الذي يتم منه تحويل المبالغ الكبيرة.

صرّاف آخر قال لـ "اقتصاد"، إن التحويل من تركيا تحديداً، إلى داخل سوريا، سهل، عن طريق مكاتب الحوالات المنتشرة بكثرة. ويمكن إيصال المبلغ المطلوب إلى أي مكان بتكاليف قليلة، وكلما ارتفع المبلغ المحوّل، قلّت تكاليف التحويل.

وفصّل الصرّاف الثاني: "تبلغ أجور تحويل 100 دولار إلى داخل العاصمة دمشق، 15 ليرة تركية أي حوالي 3 دولارات ونصف تقريباً. ويستلم الشخص المرسل إليه المبلغ من مكتب رسمي في المنطقة كـ (شامنا) مثلاً".

وفي هذا الصدد، قالت "سمية الشاغوري" وهي من مدينة دمشق، خرجت قبل عامين تقريباً ووصلت لتستقر بإسطنبول التركية، إن "طرق إيصال الأموال من الخارج للأهالي في سوريا تختلف من شخص لآخر، لكن من أفضل الطرق اليوم هي التسليم والاستلام، حيث أن من له أقارب في تركيا يستلم من شخصٍ المال، وأقرباء الشخص الآخر في دمشق يستلمون القيمة نفسها إما بالدولار أو بالليرة بسعر صرف السوق السوداء، وبالعكس".

وأضافت "الشاغوري" لـ "اقتصاد" أن "هناك من يلجأ إلى بعض المكاتب التي تحول عن طريق أخذ عمولة بسيطة لتحويل المال حيث يتم أخذ 15% على كل 100 ليرة تركية يتم صرفها للطرف الآخر بسعر الصرف السوري، أو عن طريق ايجاد أشخاص مسافرين من سوريا إلى تركيا والعكس، بسعر يتفق عليه الطرفان".

وأشارت "الشاغوري" إلى أن "الطريقة التي يبتعد عنها الغالبية هي مكاتب الصرف والتحويل المعروفة في العالم، كونها تأخذ وتصرف بسعر الدولة (سعر صرف المركزي) وتعد خسارة فادحة للعامل البسيط، حيث يحسب سعر الصرف لقيمة الـ 100 دولار بـ 43 ألف سوري، إلا أنها في الحقيقة تصل لقيمة 73 ألف، وهذا فرق شاسع".

لكن هناك دولاً يكون تحويل الأموال منها، صعباً، لأنها تطبق قيوداً مشددة على نشاطات نقل الأموال. وذكر الصرّاف الأول أمثلة على هذه الدول، مثل قطر والكويت والسعودية ومصر، حيث تصل نسبة مكتب الحوالات من المبلغ المحوّل إلى 2%، وأحياناً تصل إلى 2.5%.

وحينما سألناه، لماذا يعد التحويل من الإمارات سهلاً، وأجوره منخفضة، مقارنة بقطر والكويت والسعودية؟ أجابنا: "الإمارات غسالة"، في إشارة إلى نشاطات غسيل الأموال، حيث تكون القيود على حركة الأموال، من وإلى الإمارات، محدودة.

لكن ماذا عن دور "الأمن" في نشاطات الصرافة والحوالات بسوريا؟ أقرّ الصرّاف الأول بأن المعلومات والثبوتيات التي تُرفق مع كل عملية تحويل، تمرّ جميعها على أفرع الأمن، في المكاتب المُرخصة. وأضاف أن عناصر من "السياسية" و"أمن الدولة" و"الأمن العسكري"، يمرون على مكاتب الحوالات والصرافة المُرخصة، بشكل دوري ويحصلون على نسخ من الثبوتيات المرفقة بكل عمليات التحويل.

ونوّه الصرّاف إلى أن معظم المكاتب المُرخصة تضع 1000 ليرة سورية بين الأوراق والثبوتيات التي يستلمها عنصر الأمن، كراتب له.

وعقّب: "لا نعرف إن كانوا يدققون هذه الأوراق والثبوتيات، أم لا. ما نعرفه أنهم حريصون على زيارة مكاتب الصرافة بشكل دوري، للحصول على (معاشهم) المرفق سرّاً بين الثبوتيات. ولا نواجه مشاكل مع الجهات الأمنية في أي نشاطات تحويل، في الأحوال العادية".

لكن الصرّاف استطرد: "بعض شركات التحويل يكون عليها تدقيق أمني أكثر من غيرها، حسبما يُشاع. منها (الهرم). لذلك فإن الثبوتيات وشروط التحويل لدى الهرم، أصعب من غيرها. كما أن (الهرم) تُسلّم الدولار بسعر أقل بضع ليرات عن غيرها من المكاتب".

ترك تعليق

التعليق