بلدة "المغتربين" في درعا.. تنفض عنها غبار الحرب


لم تنتظر بلدة "صيدا" طويلاً، للتغلب على آثار الحرب وتداعياتها المختلفة، إذ سرعان ما نفضت عن كاهلها غبار الحرب، وعادت بقوة إلى دورة حياتها الاعتيادية، وأنشطتها اليومية، وذلك بفضل جهود أبنائها من المغتربين، الذين يولون خدمات بلدتهم  اهتمامات كبيرة، ليس في ظروف الحرب فحسب، بل منذ عشرات السنين التي سبقتها.

وكانت بلدة "صيدا" الواقعة إلى الشرق من مدينة درعا بنحو 13 كم، قد تعرضت لتدمير واسع، شمل مشاريع بنيتها التحتية،  وممتلكات الأهالي الخاصة، جراء المعارك التي شهدتها المحافظة خلال السنوات الماضية. لكن بفضل جهود أبنائها، وتعاونهم، عادت البلدة إلى وضعها الطبيعي، وبدأت بممارسة دورها الاقتصادي الريادي على مستوى المحافظة.

وتقول مصادر محلية من البلدة، التي تُشتهر بأنها بلدة "المغتربين" بامتياز، إن "البلدة، ومنذ تحسن الأوضاع الأمنية في المحافظة، شهدت  عملية إعادة بناء لجميع مشاريع  البنية التحتية، من طرق، وكهرباء، وماء، واتصالات، ومدارس، وذلك على نفقة الأهالي، الذين لم يعولوا يوماً على  مؤسسات النظام، في تقديم أية خدمات للبلدة".

وأشارت المصادر، إلى أن الأهالي، تمكنوا خلال فترة وجيزة، من محو آثار الحرب بجهودهم الشخصية، وأموالهم الخاصة، من خلال تنظيف الشوارع، ونقل ركام الأبنية المهدمة، وترميم بعض المباني، وإعادة نحو 90 بالمئة من خدمات شبكة الكهرباء إلى البلدة، وإنارة شوارعها بأجهزة الطاقة الشمسية.

وأضافت المصادر، أن الأهالي قاموا أيضاً بتنظيف آبار مياه الشرب المغذية للبلدة، وإصلاح شبكة المياه، والخزانات التجميعية، لافتة إلى أنهم بصدد حفر بئر مياه  جديدة، وتجهيزها بالمستلزمات الضرورية لتأمين المياه الكافية لأحياء البلدة، التي يقطنها أكثر من 30 ألف نسمة، بين سكان محليين ونازحين من القرى المجاورة.

وبيّنت المصادر، التي لم ترغب بالإعلان عن هويتها لأسباب أمنية، أن المجتمع المحلي، وبإشراف شكلي من مجلس البلدة الذي يتبع للنظام، قام أيضاً بترميم وإصلاح جميع المدارس في المدينة، وعددها نحو 13 مدرسة، إضافة إلى ترميم المستوصف الصحي، ورفده بالأجهزة الضرورية واللازمة، لافتة إلى أن المجتمع المحلي، بصدد إعادة تأهيل مشفى صيدا، -وهو مشفى متبرع به-، لوضعه في الخدمة من جديد.

وعلى صعيد النشاط الاقتصادي في المدينة، أشار "ق. ص"، وهو أحد المستثمرين في المدينة، إلى أن النشاط التجاري والاقتصادي عاد إلى المدينة بقوة، بعد تراجع ملحوظ  بفعل الأحداث، لافتاً إلى أنه تم إعادة افتتاح المولات الكبيرة، والمحلات التجارية، والوكالات المشهورة، التي كانت تتمركز في البلدة، ويغطي نشاطها مناطق المحافظة.

ولفت إلى أن أسواق البلدة، التي تعتبر الأغنى في المحافظة، عادت تعج بحركة المتسوقين، بعد ترميم وإعادة افتتاح المحال التجارية فيها من جديد، مشيراً إلى أن محلات الألبسة، والذهب، وقطع الغيار، والمخابز، ومحال الحلويات الفاخرة، التي تشتهر بها البلدة على مستوى المحافظة، والمحافظات المجاورة، عادت إلى سابق عهدها.
 
وأشار إلى أن آثار الحرب من الناحيتين المادية والاقتصادية، رغم فداحتها، لم تكن على بلدة صيدا بذات قوة التأثير، التي شهدتها باقي مناطق المحافظة، كون أكثر من 75 في المئة من أبناء  البلدة، التي يبلغ عدد سكانها نحو 24 ألف نسمة، مغتربون في دول الخليج العربي، لاسيما في الكويت، موضحاً أن  قنوات الدعم المالي، المغذية للأهل في الداخل، بقيت مفتوحة حتى في أصعب الظروف التي مرت بها المحافظة.

وأكد أن موقع صيدا الجغرافي، بالقرب من الاوتستراد الدولي دمشق-عمان، وغنى أهلها، زادا من أهمية تلك البلدة الصغيرة، ودورها الاقتصادي على مستوى المحافظة، موضحاً أن البلدة تعتبر صلة وصل بين العديد من مناطق المحافظة، والمحافظات المجاورة، كما أن أهلها يعتبرون من أبرز أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين في درعا، حيث تتوزع أنشطتهم الاستثمارية والاقتصادية على مناطق المحافظة المختلفة ومن بينها مدينة درعا.

وكانت البلدة قبل الحرب، تشتهر بمشاريع استثمارية كبرى، اكتسبت شهرة واسعة على مستوى المحافظة والمحافظات المجاورة، مثل معمل "سجاد صيدا" الآلي، وفندق "الكويت السياحي"، ومجمع "الأحمدي التجاري" الذي كان يضم عدداً من الفعاليات الاقتصادية،  ومجمع وأفران "كرز".. وكلها كانت قد تعرضت لخراب كبير، على أيدي قوات النظام والطيران الروسي. لكن مع توقف المعارك، وتحسن الوضع الأمني، بدأت بعض هذه المشاريع بالعودة تدريجياً إلى عمليات الاستثمار والإنتاج، من جديد.

ترك تعليق

التعليق