ادفع بالدولار، وخذ حقك بليرة متهاوية.. حال اللاجئين السوريين في لبنان


معاناة كبيرة يعيشها اللاجئون السوريون في لبنان، هذه الأيام، إضافة الى الخوف من المصير إذا ما تفاقمت الأمور في ذلك البلد، وانزلقت إلى ما لا يحمد عقباه، وتأثيرات ما يجري فيه على الأحوال المعيشية لأغلبهم.

وترافق الارتفاع الكبير للأسعار -الذي بدأ يطال كافة السلع في لبنان- مع خسارة الكثير من السوريين أعمالهم، حيث أن غالبية المحلات والشركات والورش اللبنانية اضطرت إلى الاستغناء عن بعض عمالها وموظفيها اللبنانيين بالإضافة لكافة العاملين السوريين لديها، والمحظوظون من السوريين الذين يستمرون في العمل تم تخفيض أجورهم ورواتبهم إلى النصف تقريباً.

 ومن الأمثلة على ذلك، ما بيّنه لنا "عدنان" وهو لاجئ سوري يعمل كمحاسب لدى شركة متخصصة بقطع غيار السيارات في شمال لبنان، كان يتقاضى راتباً أسبوعياً 150 ألف ليرة لبنانية، ومنذ بداية الحراك في لبنان بدأ عمل الشركة يتأثر ويشهد تراجعاً كبيراً، وبسبب ذلك قام صاحب العمل اللبناني بتخفيض أجره الأسبوعي إلى 100 ألف ليرة لبنانية، وتخفيض أجور باقي العاملين لديه من 100 ألف ليرة لبنانية في الأسبوع إلى 50 ألف ليرة لبنانية، مع احتمال إيقاف الجميع عن العمل إذا استمر تراجع وتيرته.

ادفع الايجار بالدولار أو بالليرة اللبنانية مع الفرق
 
ومع استمرار تحركات الشارع اللبناني، أصبح غالبية السوريين عاجزين عن دفع أجور منازلهم، وكان الحل لأغلب السوريين الذين توقفت أعمالهم وأشغالهم -كحل مؤقت- هو ما تم توزيعه خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر، كمعونة للتدفئة من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين -لتعبئة مادة المازوت- وقيمتها (560) ألف ليرة لبنانية، فاستغلها معظم السوريين لدفع أجور منازلهم، بعد التهديدات المتلاحقة لهم من أصحاب البيوت بالطرد في حال عجزهم عن دفع إيجاراتها، وكل ذلك على حساب تعبئتهم مادة مازوت التدفئة لمواجهة برد الشتاء.

واللافت أيضاً مطالبة معظم أصحاب البيوت لللاجئين السوريين بدفع أجور المنزل بالدولار، أو الدفع بالليرة اللبنانية مضاف عليها قيمة فرق سعر صرف الدولار زيادةً، حسب سعر السوق السوداء المتفاوت بين منطقة وأخرى في لبنان -حيث يتراوح سعر صرف الدولار بين (1700، 2350،2000) ليرة لبنانية، ويختلف هذا السعر بين منطقة وأخرى وبين يوم وآخر- وفي مقابل ذلك يرفض أصحاب العمل اللبنانيون "تقبيض" عمالهم السوريين رواتبهم بالدولار ويصرون على دفعها لهم بالليرة اللبنانية، رغم انخفاض قيمتها.

استغلال جهات ووسائل إعلام لبنانية لمآسي السوريين

تستغل بعض الجهات ووسائل إعلام لبنانية تجمع أعداد كبيرة من السوريين عند "صرّافات" البنوك وتقوم بتصوريهم في الخفاء أثناء قبض بعض السوريين "المعونة الشتوية"، وبث الصور على شاشاتها أو مواقعها الالكترونية، واستغلالها لإثارة البعض من الشعب اللبناني ضد اللاجئين السوريين، مدعين أن هؤلاء السوريين يقبضون أموالاً ويحولونها إلى الدولار ويقومون بإرسالها إلى سوريا، وبذلك يشكلون سبباً أساسياً في شح الدولار بالسوق اللبنانية، حسب زعم تلك الجهات، دون أي إشارة إلى أن ما يقبضه بعض اللاجئين السوريين من الصرّافات، حالياً، هو المساعدة الوحيدة الباقية لبعضهم، والمقدمة من مفوضية اللاجئين، بغاية تغطية نفقات التدفئة، وذلك بعد أن تخلت المفوضية عن معظم واجباتها تجاه اللاجئين السوريين وتركتهم يواجهون الوضع الراهن وحدهم.

كيف يعيش السوري في لبنان حالياً؟

السوريون الموجودون في لبنان يشعرون اليوم بالعجز التام ويترقبون الوضع بخوف وحذر وسط تخوفهم حيال مصيرهم ومستقبل أولادهم. فالبعض منهم بات على استعداد كامل للعودة إلى سوريا، ولكن الكثير منهم متخوف من العودة، فمن سيضمن سلامتهم وعودتهم الآمنة، حيث أن غالبية الشباب مطلوبين "لخدمة العلم" أو خدمة الاحتياط أو مطلوبين أمنياً لدى أجهزة النظام.

وفي هذا الإطار- كأمثلة- حدثنا "أبو محمد" وهو لاجئ سوري من محافظة حمص يقيم مع عائلته في بلدة "الكواشرة" شمال لبنان، قائلاً: "شغل ما فيي. وأجار البيت  كل أول الشهر ع الأبواب. والولاد بلا مدارس، وإذا حطيناهم بالمدارس ما معنا أجار الباص وخايفين من بكرا.. الله يكون بالعون".

وأضاف جاره "أبو حسان"، وهو لاجئ سوري آخر، قائلاً: "إذا نوينا ننزل ع سوريا الشوفيريه بدهم أجار العفش هديك الحسبة شو نعمل محتارين كتير والدنيا اجت ع شتوية وبرد والوضع بالبلد صار بالويل وحلها إذا بتنحل".

وأضاف لنا "أبو إياد"، سوري لاجئ في منطقة حلبا شمال لبنان، متحدثاً عن معاناة دفع إيجار المنزل: "تأخرنا ع أجار البيت يومين قالولنا فضوا البيت، وع سوريا ما بقدر ارجع وما معي أدفع لمهرب واطلع من لبنان وما قدران دبر اموري هون.. شو بعمل".

وعبر "اقتصاد"، طالب لاجئون سوريون ممن تحدثنا إليهم، مفوضية اللاجئين، بالتوقف عن الاستهتار بهم وبكراماتهم، كما وطالبوها بالتوقف عن استغلالهم، حسب وصفهم، وأن تأخذ دورها تجاههم في ظل الأزمة الراهنة، مع ضرورة الضغط على الدول الأوروبية لاستقبال أعداد أكبر من اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان.

منظمة دولية للحماية لا توفر إلا العمل للبنانيين فيها

في مقابل ذلك لجأ عدد كبير من السوريين إلى قسم الحماية التابع لمفوضية شؤون اللاجئين في لبنان، لإيصال مأساتهم ومعاناتهم وظروفهم القاهرة، ولكنهم قوبلوا بمعاملة سيئة وبطريقة فظة وفوقية من قبل الموظفين والموظفات.

وحسب شهود عيان تحدثوا لـ "اقتصاد"، فقد رُفض إدخال لاجئين سوريين ومقابلتهم والاستماع لشكواهم- مع العلم أن موظفي المفوضية والجمعيات والمنظمات الشريكة لها العاملة في لبنان أغلبهم من اللبنانيين-.

 ورغم أن أهم شعارات منظمة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، هو تأمين الحماية للاجئين ومنهم السوريون، بكل أنواعها: (حماية قانونية: إقامة، أوراق قانونية الخ.. حماية أطفال.. حماية ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي.. حماية ضد الإخلاء: إذا كان صاحب المنزل يهددهم بالطرد..إلخ)، لكن، يبقى اللاجئ السوري في لبنان يفتقر لكل أنواع الحماية، ولا تقوم المنظمة الأممية بتأمين أي نوع من الحماية له ولأطفاله.

ترك تعليق

التعليق