روسيا تضع يدها على آثار سوريا.. ومتخصصون يحذّرون


حذّر أثريون سوريون، من خطورة وضع روسيا يدها على الآثار السورية، ونبهوا إلى تداعيات سلبية، من بينها شرعنة تهريب ما تبقى من آثار سوريا إلى الخارج.

جاء ذلك على خلفية توقيع مذكرة تفاهم روسية مع نظام الأسد، لترميم مواقع أثرية في مدينة تدمر في البادية السورية، من بين المواقع المتضررة بفعل الحرب.

والأسبوع الماضي، نقلت وكالات أنباء روسية عن مدير متحف "إرميتاج" الروسي، ميخائيل بتروفسكي، تأكيده التوقيع على مذكرة تفاهم مع مدير هيئة المتاحف والآثار، التابعة للنظام، محمود حمود، لترميم بعض المنشآت التاريخية والقطع الأثرية في مدينة تدمر.

بدوره، حذّر الباحث والخبير الأثري، أحمد الخنوس، من مخاطر عدة لمذكرة التفاهم الأخيرة، مشيراً خلال حديثه لـ"اقتصاد" بعين الريبة إلى البند المتعلق بترميم القطع الأثرية.

وأوضح أن "هذا البند يشرعن لروسيا نقل الآثار السورية إلى أراضيها، بحجة عدم وجود مختبرات ومعدات لازمة لعمليات الترميم، على أن تعيدها بعد الانتهاء من عمليات الترميم المزعومة".

وقال الخنوس، إن روسيا التي تسعى للعودة مجدداً إلى تسيّد العالم، لا تمانع في عرض القطع الأثرية السورية النادرة في متاحفها، شأنها شأن البلدان الغربية التي سبقتها إلى سرقة الآثار السورية، على حد تعبيره.

وما يثير شكوك الباحث، هو ضعف قدرات روسيا في مجال الآثار، وتحديداً الآثار السورية، موضحاً أنه "ليس لدى الروس مؤهلات للتعامل مع الآثار السورية، ما يعني أن المذكرة برمتها ليست أكثر من غطاء لشرعنة تجارة وتهريب الآثار السورية".

ولم تختلف قراءة الباحث في الآثار، عمر البنيه، عن القراءة السابقة، إذ حذّر هو الآخر من نوايا روسية مبطنة وراء هذه المذكرة.

وفي حديثه لـ"اقتصاد"، عدّ المذكرة بأنها إطلاقٌ ليدِ روسيا في كل الآثار السورية، قائلاً: "البداية من تدمر، ومن ثم ستدخل روسيا في بقية المناطق الأثرية الأخرى من معلولا إلى الساحل السوري، وإلى حلب".

ولا يقتصر الأمر على الشأن الأثري، وفق البنيه، الذي أشار إلى أن المذكرة ستساعد الروس أيضاً على تبرير اجتياح إدلب، تحت عناوين من بينها حماية الآثار في إدلب من التنظيمات "الإرهابية".

وتابع بأن "المذكرة تساعد روسيا على إعادة شرعنة نظام الأسد، من خلال مخاطبة منظمة اليونسكو"، مضيفاً "هذا الملف هو ملف قوي وله حضوره أمام الرأي العام الدولي والغربي على وجه التحديد، المهتم بمجالات الآثار والثقافة".

وعن سُبل مواجهة هذه المذكرة، دعا البنيه المعارضة والائتلاف، إلى مخاطبة "اليونسكو"، لشرح حقيقة تورط روسيا في تدمير الآثار السورية، مؤكداً أن "الطائرات الروسية شاركت في تدمير العديد من المواقع الأثرية، ومدينة حلب القديمة بأحيائها وأسواقها المغلقة، في مقدمة تلك المواقع المتضررة جراء الضربات الروسية".

كذلك، أهاب البنيه بالمثقفين السوريين التركيز على فضح جرائم روسيا، منهياً بقوله: "من غير المقبول، أن تكون روسيا هي الخصم والحكم في آن".

وطبقاً لمصادر متعددة، فقد تعرضت مواقع أثرية عدة في تدمر إلى الضرر الكلي والجزئي، حيث دمرت أجزاء كبيرة من معبد بعل، الذي يعود إلى العصر الروماني، ومعبد بعل شامين بالكامل، ويعود إلى العصر الروماني، وكذلك سبعة أبراج من القبور تم قصفها وتدميرها، إضافة إلى تدمير قوس النصر الذي يعد المدخل الرئيس للمدينة الأثرية.

يذكر أن مدينة تدمر المدرجة في لائحة التراث العالمي من قبل منظمة "اليونسكو"، تعد من أقدم المدن التاريخية في الشرق، وتحظى آثارها بشهرة عالمية.

ترك تعليق

التعليق