سوق العاصمة وريفها.. أشبه بـ "عصفورية"


"كما لو أنها القيامة.. كل دقيقة نحن بحال جديد، وصاحب المحل يطلب منك أن تشتري بالسعر الذي يتوقعه للغد"، ويتابع محدثنا "أبو خالد": "بمنتهى الصرامة قال لي البائع (إن السعر الذي أعرضه عليك الآن قد لا تحصل عليه بعد ساعة)". ويختم بعبارة عادت لتكون دارجة منذ أيام: "الله يسترنا من الأعظم".

الليرة (جنت)

على وقع الارتفاعات الجنونية لليرة السورية خلال الأسبوع الحالي لم يبق شيء على حاله، وقفزت كل الأسعار إلى أرقام فلكية، والكل بدأ يضع أسعاره الخاصة التي تناسب هذا الجنون، ولا ضاط سوى الضمير الذي بات يقفز أيضاً مع كل صعود جديد.

"أم جاسم"، "فقيرة" في ريف دمشق الغربي، تقول لـ "اقتصاد": "يوم الجمعة اشتريت كيلو المسبحة بـ 1000 ليرة، واليوم ذهبت لشراء نصف كيلو طلب 600 ليرة فقد ارتفع سعر الكيلو 200 ليرة".

"أبو سليمان"، صاحب محل صغير يبرر ارتفاع الأسعار كما يعتقد: "الليرة جنت يا جماعة الخير، والكل جن معها، وحتى سوق الهال مجنون".

سوالف طابور الغاز

اسطوانة الغاز المفقودة التي باتت حلم السوري في أزمة شهر السنة الأخير، قفز سعرها إلى 10 آلاف ليرة في السوق السوداء بعدما أصبح دور البطاقة الذكية في خبر كان، والسيارات المحملة بالاسطوانات التي يتحدث عنها مسؤولو النظام ليست سوى مخدر لطوابير المنتظرين عند أبواب المراكز ومستودعات التوزيع.

جريدة "تشرين" الحكومية نقلت بعضاً من معاناة الناس بانتظار توزيع اسطونات الغاز، وخصوصاً مع دخول الشتاء وانخفاض الحرارة، واتهام التجار بالجشع والاحتكار، وهذا الأمر رأى فيه البعض رمياً للقضية في غير مكانها.

"محمد . ر" من سكان صحنايا بريف دمشق الغربي، يقول لـ "اقتصاد": "المشكلة تتحمل وزرها الحكومة التي تكذب على الناس، والتاجر هو شريكها في البيع والربح على حسابنا".

فيما يرى "باسل" الذي ينتظر دوره منذ أكثر من شهر ونصف ولم يحصل على اسطوانته التي يجب أن يتم توزيعها كل 23 يوماً على البطاقة الذكية: "كل يوم انتظر على الدور أنا وجيراني أكثر من ست ساعات وتسمع هنا قصصاً غريبة عن أثرياء الغاز ومحتكريه ومن هم شركاؤهم في المؤسسة والبلدية ومعهم المختار.. لدينا أزمة أخلاق كبيرة".

عصفورية

"مروان . ز" يصف لـ "اقتصاد" وضع السوق على أنه عصفورية وانفلات كبير: "ليست القصة في جرة الغاز، هي في كل السلع الأساسية، ومنذ يومين لا يوجد سكر في السوق، والصحافة وتلفزيون الحكومة يصورون الوضع على أنه عادي، ويتم توزيع السكر للمواطن بالمؤسسات الكيلو بـ 250 ليرة بينما الحال غير ذلك، وأصحاب المحلات يؤكدون أن سعر الكيلو سيصل إلى 1000 ليرة خلال أيام".

توقعات غامضة وسلبية عن أوضاع "المواطن" السوري تحملها الأيام القادمة، فيما تواصل آلة الذبح ملاحقة دماء السوريين في أسواقهم البسيطة في ريف إدلب، في هذه الأثناء، يشارف الدولار على الوصول إلى الـ 1000 ليرة سورية، في مناطق النظام والعاصمة تحديداً، والخشية كبيرة من القادم.


ترك تعليق

التعليق