تحدّي التدفئة يتفاقم في درعا


خلت أسواق محافظة درعا هذا العام، من مادة الحطب، والمحروقات الرخيصة، وذلك خلافاً للسنوات السابقة، التي كانت تتوفر فيها هذه المواد بكميات كبيرة وبأسعار منافسة.

وعزت مصادر محلية شح مادة الحطب، وعدم توفرها على نطاق واسع، كما كانت عليه في الأعوام السابقة، إلى خلو المحافظة من هذه المادة، بعد أن تم تحطيب حقول واسعة من أشجار الزيتون، والكرمة، واستهلاك الشجيرات البرية، التي كانت تنمو في مجاري الأودية والسيول.

ولفتت المصادر إلى أن شح مادة الحطب، وزيادة الطلب عليها، تسببا بارتفاع أسعار المتوفر منها بشكل كبير، موضحة أن سعر طن حطب الزيتون، ارتفع من 60 ألف ليرة سورية في العام الماضي إلى نحو 85 ألف ليرة سورية في العام الحالي، مع صعوبة الحصول عليه، فيما وصل سعر طن حطب "السرو"، وهو لأول مرة يستخدم في التدفئة، إلى نحو 65 ألف ليرة سورية.

وأكدت المصادر أن حطب "الملول" الذي كان يباع بنحو 80 ألف ليرة سورية في الأعوام السابقة، فُقد من الأسواق هذا الموسم لعدم توفره أولاً، ولصعوبة الحصول عليه من الأودية الحدودية ثانياً، وذلك بعد أن سيطرت قوات النظام على الجنوب السوري، وانتشرت في واديي اليرموك والرقاد وفروعهما المختلفة، والتي كانت تشكل مصدراً هاماً لمادة الحطب، بما تحتويه من شجيرات برية، كالملول، والدفلة، والغار والقيصوم والشيح وغيرها.

من جهته، أشار أبو إحسان، 65 عاماً، وهو موظف متقاعد، إلى أن الأهالي يعانون من نقص كبير في مواد التدفئة بجميع أشكالها، لافتاً إلى أن كميات المحروقات هذا العام قليلة في الأسواق، ومرتفعة الأسعار، بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعاني منها النظام، نتيجة سياساته الرعناء بحق شعبه.

ولفت إلى أن لتر المازوت الحر، يباع في أسواق درعا بسعر يتجاوز الـ 450 ليرة سورية، وجرة الغاز بأكثر من 9000 ليرة سورية، وهو ما تعجز عن شرائه معظم الأسر، لضيق ذات اليد، ولعدم توفر السيولة المادية بين أيدي الناس.

وأشار إلى أن أغلب الأهالي في مناطق درعا، لم يستلموا حتى الآن حصص الدفعة الأولى من مادة المازوت، المخصصة للتدفئة، لافتاً إلى أن مخصصات الدفعة الأولى البالغة 100 لتر للأسرة، والتي يفترض أن يستلمها الأهالي منذ أكثر من شهرين، مازالت في حوزة النظام ومؤسساته، التي مازالت تماطل وتسوّف، وتطلق الوعود، وتحدد المواعيد الكاذبة لتسليمها.

وعبّر عن اعتقاده أن المخصصات المتبقية، من مخصصات البطاقة الذكية، لن تُسلّم لأصحابها، وسيكون مصيرها كمصير مخصصات العام الماضي، التي ضاعت بين المماطلة والتسويف، وانتهاء فصل الشتاء.
 
من جهته لفت "سعيد . خ"، وهو ناشط سابق، إلى سياسة التمييز الواضحة، التي يتبعها النظام في تسليم مخصصات التدفئة على البطاقة الذكية، موضحاً أن جميع المناطق التي كانت تخضع لسلطة النظام، تسلمت مخصصاتها، فيما لم تسلم ما يطلق عليها مناطق "المصالحات" والتسويات، سوى النذر اليسير من مخصصات الأهالي.

ولفت إلى أن الكثير من الأهالي في ريف المحافظة، عادوا إلى استخدام المواد البلاستيكية، وعبوات الكرتون الفارغة، والملابس البالية، في عمليات التدفئة، رغم سيطرة نظام الأسد على جميع المناطق، الأمر الذي يعيد إلى الأذهان بدايات الثورة، والحصار، الذي كان يفرضه النظام على المناطق، انتقاماً من مواقفها الثورية.
 
ويشير "أحمد . س"، 43 عاماً، وهو عامل مياوم، إلى أنه لا يملك ما يشتري به مازوت، أو حطب، بسبب ضعف الإمكانيات المادية والغلاء، لافتاً إلى أنه وباقي أفراد أسرته، يجوبون الحقول والسهول يومياً، للبحث عن بقايا أعواد يابسة، أو نباتات حولية جافة، لاستخدامها في التدفئة.

وأردف قائلاً: "ما في شغل. ما في عمل"، موضحاً أن الأعمال الموسمية المتوفرة بالكاد تؤمن مصاريف الأسرة اليومية، في الحدود الدنيا.

وقال: "كل شي غالي والناس ما معها مصاري، منين بدها تجيب إذا ما في شغل؟".

ويعيش في محافظة درعا مئات الأسر الفاقدة للمعيل، ولمصادر الدخل الثابتة، في ظل شح كبير بالموارد والمداخيل وغلاء فاحش، وباتت عاجزة ليس عن تأمين "وقيد" يومها فحسب، بل باتت عاجزة أيضاً عن تأمين قوت يومها.


ترك تعليق

التعليق