نماذج من تجارب السوريين مع المستشفيات في تركيا


"15 ألف ليرة تركية كانت تكلفة عملية جراحية واحدة رافقها مبيت داخل المستشفى بعد الحادث الذي تعرضت له"، هكذا بدأ "محمود"، ابن مدينة عربين، (26 عاماً)، حديثه لـ "اقتصاد" عن معاناته داخل المشافي الحكومية في اسطنبول، والذي اضطر أصدقائه إلى نقله لمستشفى خاص خوفاً على حياته.

"محمود" الذي يتحفظ "اقتصاد" على ذكر كنيته ضمن التقرير حفاظاً على سلامة عائلته المتواجدة في مناطق سيطرة النظام داخل سوريا، تحدث عن معاناته داخل المستشفيات الحكومية بعد الحادث الذي تعرض له، فقال: "بعد أن أصبت جراء حادث أثناء قيادتي لدراجتي النارية في إحدى شوارع منطقة باشاك شهير في القسم الأوروبي لولاية اسطنبول، نقلتني سيارة الإسعاف إلى مستشفى (سليمان القانوني) المعروف والقريب من المنطقة. السؤال الأول الذي طُرح من قبل طاقم الإسعاف فور وصولهم لمكان الحادث، كان حول امتلاكي لبطاقة حماية مؤقتة صادرة عن ولاية اسطنبول. وبعد الإجابة بوجودها، تم نقلي إلى المشفى".

"أُدخلت إلى قسم الإسعاف حيث بقيت هناك قرابة نصف ساعة دون أي اهتمام يذكر من قبل طاقم المشفى سواء كانوا ممرضين أو أطباء حتى بدأت بالصراخ بسبب الألم، بعدها أدخلوني إلى غرفة قاموا فيها بإغلاق الجرح بخرزات عوضاً عن عملية القطب إضافة إلى وضعهم جبيرة ثابتة للحفاظ على الساق دون حركة لوجود كسر يحتاج لعملية جراحية".

حسب مشاهدات "اقتصاد"، تم تحويل المصاب إلى قسم التصوير بالأشعة، ليبقى "محمود" في رواق المشفى قرابة الساعة والنصف بحجة ضرورة وجود طبيب أثناء عملية التصوير، وأن ذلك الطبيب لديه مرضى آخرون يجب عليه معاينتهم. وبعد أن عاودت ساق محمود النزيف، وبدأ الألم بالازدياد، حضر الطبيب وأُدخل محمود إلى غرفة التصوير لينقل بعدها إلى غرفة يوجد فيها 5 مرضى آخرون كان يحضر الطبيب كل نصف ساعة تقريباً لتفقد أولئك المرضى دفعة واحدة ومن ثم يعاود الذهاب.

بقي محمود على هذه الحال قرابة 6 ساعات، كان يتخللها إدخاله إلى غرفة الإنعاش بسبب غيابه عن الوعي نتيجة النزيف الذي لم يتوقف.

تقع مشفى سليمان القانوني Kanuni Sultan Süleyman Eğitim ve Araştırma Hastanesi في منطقة كوتشوك شكمجه Küçükçakmece في القسم الأوروبي لولاية اسطنبول وتعتبر من أبرز المشافي الحكومية التابعة لوزارة الصحة التركية إضافة إلى توافر معظم الإختصاصات ضمن المشفى حيث يتم تحويل الحالات الطبية المستعصية من مشافي اسطنبول الحكومية إلى مشفى "القانوني".

بعد عدة ادخالات لغرفة الإنعاش إضافة إلى رفض الممرضين التعاون مع المصاب وإخباره بموعد العملية التي سيخضع لها حيث كانت معظم الأجوبة تتمحور حول عدم إمكانية طبيب واحد تحديد موعد لعملية وبأنه يجب أن يجتمع أطباء المشفى المختصين للبت في قرار العملية.. نُقل محمود إلى مشفى اسنجان Esencan الخاصة في منطقة اسنيورت في القسم الأوروبي للمدينة، حيث رفضت المشفى الحكومي نقله بسيارة الإسعاف الخاصة بها إلى المشفى الخاص، ما استوجب استدعاء سيارة الإسعاف الخاصة بالمشفى الجديد والتي أخذت مبلغ 400 ليرة تركية مقابل عملية النقل.

بعد إدخال محمود إلى المستشفى الخاص تم دفع مبلغ 450 ليرة تركية أخرى مقابل إدخاله إلى غرفة التصوير الإشعاعي بعد رفض مستشفى "القانوني" إعطاء الصور لطاقم الإسعاف في المشفى الخاص.

بعد التصوير قرر الطبيب ضرورة إجراء عملية "صفائح" لوجود كسور متعددة في الساق، وبلغت تكلفة العمل الجراحي 13 ألف ليرة تركية، تشمل أيام بقاء المريض داخل المشفى أيضاً.

"منار أبو هيثم"، سوري آخر روى تجربته داخل المستشفيات الحكومية في تركيا، بعد أن خلع كتفه أثناء عمله في مجال صيانة السيارات "الميكانيك"، فقال: "بعد وقوع الحادث نقلني أخي إلى مشفى اسنيورت الحكومي Necmi Kadioğlu hastanesi أو ما يعرف باسم مشفى الدولة Esenyurt Devlet Hastanesi حيث حاول الطبيب هناك إعادة الكتف إلى مكانها لمدة تجاوزت الساعة تقريباً دون استخدام أي نوع من أنواع المسكنات لتخفيف الألم. وكان الطبيب يرد على مطالبتي بإعطائي مسكن لتخفيف الألم بعبارات أشبه بالتي يستخدمها الأطباء السوريون في المشافي العسكرية في سوريا. بعد فشل تلك المحاولات توصل الطبيب إلى ضرورة إجراء عمل جراحي لم يحدد موعده أيضاً".

"أبو هيثم"، أكمل قائلاً: "اضطررت نتيجة الألم للتوجه إلى مستشفى خاص بغية الحصول على معاملة أفضل وإيجاد طبيب يتمكن من إعادة كتفي إلى مكانها، لم تتجاوز المدة التي احتاجها الطبيب هناك أكثر من 7 دقائق كانت قد عادت الكتف إلى مكانها خلالها، السبعة دقائق كانت تكلفتها 800 ليرة تركية إلا أنها كانت أفضل من البقاء تحت رحمة الأطباء في المشفى الحكومي".

تقدم الحكومة التركية للسوريين الحاصلين على بطاقة الحماية المؤقتة والمقيمين في نفس ولاية استصدار تلك البطاقة، العلاج بالمجان في مشافيها الحكومية، إضافة إلى قيام صيدليات محددة بصرف الوصفات الطبية المقدمة من المشافي الحكومية حصراً، بالمجان.

يذكر أن القرارات الأخيرة التي أصدرتها الحكومة التركية والتي أجبرت أصحاب المعامل والشركات على استصدار اذونات عمل للعمال الأجانب لديها، حدت من إمكانية أولئك العمال الحصول على العلاج المجاني حيث يعمل معظم أصحاب المعامل والشركات على استصدار تلك الأذونات دون إرفاقها بالتأمين الصحي ما يجعل علاج أولئك العمال في المشافي الحكومية بالمجان أمراً مستحيلاً، لعدم وجود تأمين صحي.

ترك تعليق

التعليق