قراءات في التأثيرات المحتملة لقانون "سيزر" على النظام السوري


ماذا سيحمل قانون حماية المدنيين السوريين، المعروف باسم قانون "سيزر/قيصر"، للسوريين عموماً؟، وما مدى قابليته للتطبيق في ظل المشهد السوري المعقد، وفي ظل وجود قنوات لا حصر لها لدعم نظام الأسد؟

أسئلة تتردد في الأوساط السورية، فيما الأجوبة على تلك التساؤلات، لا زالت متناقضة، بسبب وجود تصورات مختلفة لمشروع القانون الذي تجاوز مجلس النواب الأمريكي، بانتظار تصويت مجلس الشيوخ عليه، ومن ثم مصادقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عليه.

و"سيزر" هو القانون الذي أخذ اسمه من الاسم الحركي لعسكري منشق عن النظام، قام بتسريب عشرات الآلاف من الصور لضحايا قتلوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري، وينص على فرض "عقوبات على الأشخاص الذين يقدمون دعماً أو يشاركون في صفقات مع النظام السوري، أو القوات العسكرية".

وكذلك يفرض عقوبات على من يبيعون أو يقدمون عن قصد البضائع أو الخدمات أو التكنولوجيا أو المعلومات المهمة التي تسهل أو توسع الإنتاج النفطي المحلي للنظام السوري، وعلى من يبيعون "الطائرات، أو الأجزاء، أو الخدمات ذات الصلة التي تستخدمها القوات العسكرية التابعة للحكومة السورية"، وكذلك على من يقدمون "الخدمات الإنشائية أو الهندسية للنظام السوري".

واعتماداً على آراء عدد من الخبراء والاقتصاديين، يناقش "اقتصاد" في هذا التقرير التأثير العملي لهذا القانون.

دعوة إلى التريث

رئيس "مجموعة عمل اقتصاد سوريا"، الدكتور أسامة قاضي، رد على تساؤلات "اقتصاد" في هذا الصدد، بالدعوة إلى التريث، إلى حين توقيع مشروع القانون، واعتماده كقانون، قبل الحكم على نتائجه، وذلك في إشارة إلى احتمال تعطيل صدوره، كما رحلّت الإدارة الأمريكية السابقة (إدارة أوباما) مشروعه، إلى الإدارة الحالية (إدارة ترامب)، بذريعة تعارضه مع التوافقات مع الروس.

غير قابل للتطبيق

الباحث بالشأن الاقتصادي، يونس الكريم، لم يستبعد هو الآخر خلال حديثه لـ"اقتصاد"، أن تؤجل الإدارة الأمريكية التوقيع عليه، نظراً للإشكاليات الكبيرة الناجمة عن اعتماده كقانون.

وقال إن تغيرات سياسية وعسكرية جرت على الأرض السورية منذ العام 2016 تاريخ إقرار وثيقته للمرة الأولى، إلى الوقت الحالي.

وموضحاً ما يعنيه، أضاف أن الخارطة السورية شهدت تغيرات جوهرية، لم تكن مأخوذة في الحسبان من أهمها، سيطرة روسيا على مفاصل اقتصاد سوريا، وكذلك ظهور ما يعرف بـ"الإدارة الذاتية".

وطرح الكريم العديد من التساؤلات، من بينها "كيف ستتعامل الولايات المتحدة مع (قسد) التي تتعامل مع النظام اقتصادياً؟، وكيف ستتعامل (قسد) مع روسيا التي ستشملها العقوبات الأمريكية؟، وكيف ستتعامل الولايات المتحدة مع تصدير النفط إلى النظام، وهي الجهة التي تسيطر فعلياً على حقول إنتاجه؟، وكيف ستتعامل تركيا مع روسيا؟، وكيف ستتعامل الولايات المتحدة مع الأطراف الخليجية التي بدأت بالتعامل مع النظام، والإمارات على رأس تلك الدول؟".

وبهذا المعنى، يجزم الكريم، أن تطبيق هذا القانون بهذا الكم الهائل من العقبات يبدو أمراً مستحيلاً، ويردف: "قد يتعرض مشروع القانون للتعطيل، تجنباً لكل هذه الإشكاليات".

غير أن الكريم، لم يستبعد في الآن ذاته، أن يتم إقرار القانون، في حال كان هناك تصور أمريكي لتطبيقه على مراحل.

تأثير بالغ

أستاذ العلاقات الاقتصادية الدولية، حسن الشاغل، كان له رأي مغاير، إذ بدا متيقناً خلال حديثه لـ"اقتصاد"، أن أثر القانون سيكون بالغاً على النظام السوري وداعميه، اقتصادياً وسياسياً.

وقال: "استناداً إلى هذا القانون تستطيع الولايات المتحدة أن تفرض مزيداً من العقوبات الاقتصادية على روسيا وإيران، وخاصة أن إدارة ترمب اتخذت استراتيجية التدرج في فرض العقوبات الاقتصادية في سياستها الخارجية، فقد فرضت العقوبات على الصين، والهند، وإيران، وروسيا والنظام السوري، حيث تعمل إدارة ترامب على محاربة الدول من خلال تدمير اقتصاداتها".

وأضاف الشاغل أن الأمر الأهم في هذا القانون، أنه سوف يمنع الشركات الإيرانية والروسية أو أي أشخاص أو شركات مرتبطين بهم من المشاركة بإعادة الاعمار، مشيراً في هذا السياق إلى عدم جدوى كل الاتفاقات التي وقعتها إيران وروسيا مع النظام السوري في قطاعات اقتصادية عدة.

وأردف أن "التأثير الأكبر سوف يكون على النظام السوري، بسبب الخوف من الشركات التي لا زالت تتعامل معه اقتصادياً، بالإضافة إلى تقييد أنشطة الأشخاص والشركات التي أسسها النظام للهروب من العقوبات الاقتصادية".

وبناء على كل ذلك، قال الشاغل إن "هذا القانون سوف يؤدي إلى زيادة الخناق الاقتصادي على النظام، ومن المرجح أن نشاهد حالة انهيار كبير في الاقتصاد السوري وسعر العملة، في حين سيمتد تأثيره سياسياً، حيث سيرغم الدول التي تنوي إعادة سفاراتها وعلاقاتها الدبلوماسية مع الأسد، على إعادة حساباتها خوفاً من العواقب".

ترك تعليق

التعليق