نضال الشعار، وقصة القطن السوري الذي قتل عصام الزعيم


تحضر هذه الأيام ذكرى رحيل المفكر الاقتصادي والوزير السابق عصام الزعيم، بما تحمله من غصّات لكل من عرفه عن قرب سواء من الإعلاميين أو الوزراء أو الأصدقاء، نظراً لما تمتع به من أخلاق عالية وإخلاص في عمله الفكري والاداري، ولكونه رحل وهو يشعر بالأسى في بلد عاد إليه لكي يقدم له خبراته فزجه نظام الأسد وحثالاته في معترك الاتهامات والتجريم.

الدكتور نضال الشعار، وزير الاقتصاد السابق، روى في منشور له على صفحته في "فيسبوك"، كيف قضى النظام ولصوصه على عصام الزعيم، بالرغم من نزاهته المطلقة، فكتب تحت عنوان: "قصة عصام الزعيم.. الأكثر من دكتور والأكثر من وزير، ولجنة الرئيس الـ 12".

(نضال الشعار)

كتب الشعار: "رحل عصام في مثل هذا اليوم حزيناً مقهوراً وبأعلى درجات الإحساس بالإحباط والغدر". ومن ثم يسترسل في رواية حكاية اللجنة التي شكلها بشار الأسد للتحقيق في قصة القطن السوري المصدّر إلى مصر: "تشكلت هذه اللجنة الرئاسية بمرسوم للتحقيق في قضايا سرقة القطن السوري والتي نتج عنها إغراق السوق المصري بالقطن السوري واحتجاج حسني مبارك على ذلك ومنع استيراد القطن من سورية وهو مصدر مهم للدولار".

اللجنة كانت برئاسة الزعيم الذي كان حينها وزيراً للاقتصاد، وبعضوية موظفين من الدولة وتجار وخبراء. ويتابع الشعار روايته: "عصام عمل ليلاً نهاراً لإثبات السرقات وإدانة المتورطين ومنهم من كان مسؤولاً رفيع المستوى ومنهم من هو ملياردير الآن ومنهم من يملك مؤسسات تعليمية ومنهم من هو سمسار تافه".

يروي الشعار كيف كان يطلب من الزعيم الانتباه لما يحاك حوله من اللصوص والحكومة، وكيف كان يجيبه الزعيم: "ياعصام.. إنتبه هالشغل رح يئذيك ويمكن يخفيك..لا تغمق كتير.. -(نضول) هذا ما كان يسميني به-.. ولا يهمك وراي (خلفي) الرئيس".

وبحسب رواية الشعار فقد كان يحذّره بأن الرئيس لا يعلم كل ما يدور حوله: "ياعصام ..مو كلشي بيصل للرئيس صحيح..منشان الله انتبه..عصام كعادته لم ينتبه..صدر التقرير..إدانة بسيطة جداً بعد تدخلات هائلة من كل من هب ودب..سرقة القطن السوري بمقدار حوالي 68 مليون دولار فقط خلال فترة بسيطة".

بعدها كما يروي الشعار في 2003 تم إعفاء موظفي الحكومة من أعضاء اللجنة الرئاسية: "في سبتمبر 2003..تم إعفاء موظفين الحكومة أعضاء اللجنة الرئاسية حسب القانون 186 أو 189 لا أذكر وبعد يوم أو يومين من إعفاء محافظ حلب السابق (يا أبو حافظ شلنا المحافظ) نقل إلى منصب رئاسة الوزراء واستلام "العطري"... يعني القرار كان جاهز".

النتائج التي توصلت إليها اللجنة في موضوع القطن السوري وإدانات البعض هي من أدت إلى إقصاء الزعيم واتهامه بقضية أخرى للإطاحة به: "المهم بعدها وكما توقع جميع أصدقاء عصام...راح فيها عصام (ومو قضية الكفالات التي تم الترويج بأنها السبب)..صحيح أن الرئيس أعاده ..ولكنه عاد مكسوراً حزيناً محبطاً ..ورحل عنا وعن هذا الخجل والحزن والإحباط والتعاسة..رحمك الله ياعصام".

أما القضية المعلنة التي أدت إلى صدور قرار من وزير مالية حكومة العطري حينها، محمد الحسين، بالحجز على أموال الزعيم المنقولة وغير المنقولة كانت تتعلق بفساد مالي حيث تم اتهامه بصرف مستحقات شركة ألمانية ساهمت في تطوير معمل غزل جبلة، وبالرغم من صدور قرار براءته من القضية إلا أن هذا الألم ساهم في قتل الزعيم الذي كابد الأسى في بلدٍ تخلى من أجله عن مناصبه في جامعات العالم المتحضر.

ترك تعليق

التعليق