أحياء في اللاذقية، وكأنها مدينة البندقية.. في جانبها السلبي، فقط


تعرض الساحل السوري إلى موجة فيضانات بعد أمطار غزيرة استمرت لأكثر من 24 ساعة، لتكشف مقدار إهمال نظام الأسد للمنطقة، وتدهور بنيتها التحتية.

وشهدت مدن اللاذقية وجبلة وبانياس وطرطوس، فيضانات ضخمة، يومي الجمعة والسبت، خلّفت خسائر مادية كبيرة في البنية التحتية المهترئة أصلاً، وأضراراً في المحاصيل الزراعية والمشاريع الإنتاجية، بالإضافة إلى أضرار هائلة في المنازل التي دخلتها المياه، وانقطاع للطرقات تسبب في توقف المواصلات بين أغلب قرى الساحل والمدن الساحلية.

وغمرت المياه أحياء كاملة من مدينة اللاذقية ودخلت المحلات التجارية في الأسواق العامة، مثل سوق العنّابة وسوق التجار وسوق الرمل الجنوبي.


وفي جولة لموقع "اقتصاد" في حي الرمل الجنوبي، التقى مع السيد "أحمد أبو خالد"، وهو تاجر مفرّق يملك محلاً في سوق الحي، كان "أبو خالد" قد خسر كثيراً من بضاعته التي تعرضت للتلف بسبب دخول المياه إلى محله، وخاصة أن محله مختص ببيع المواد الغذائية مثل الأرز والبرغل والخبز والبهارات.

قال "أبو خالد": "نحن نعيش في حي مهمل بالكامل منذ أمد بعيد، وزاد نظام الأسد من إهماله وتهميشه بعد انطلاق الثورة والدور الكبير الذي لعبه الحي خلالها، وكنا خلال الفترة الماضية ندفع إتاوات إلى أجهزة الأمن بعد خروج الثوار إلى جبلي الأكراد والتركمان والمجزرة التي ارتكبها النظام في الحي".

"وجاءت غزارة الأمطار التي شهدتها المدينة خلال يومي الجمعة والسبت، لتتسبب لنا بزيادة المعاناة".

وأضاف: "غمرت المياه الحي بالكامل ودخلت إلى الأبنية والمحلات، وزاد ارتفاع المياه في بعض الأماكن عن المترين، واضطر بعض الأهالي إلى استخدام الزوارق الخشبية من أجل مساعدة المحاصرين في الأقبية والمنازل والمحالات المغمورة".

وبتهكم، شبّه "أبو خالد" حالة الرمل الجنوبي أثناء الفيضان، بمدينة البندقية، مع التمييز بين سلطة الأسد والحكومة الإيطالية، من ناحية الخدمات والاهتمام في الحالتين.

وقد شهدت أحياء ذات تخديم عالي المستوى مقارنة ببقية الأحياء، نظراً لموالاتها لنظام الأسد، مثل أحياء المشاريع والرمل الشمالي والدعتور، خسائر كبيرة، هي الأخرى، بعد دخول المياه إلى المحلات والمنازل المنخفضة.

من جهتها، نشرت الصفحات الموالية لنظام الأسد أخباراً كثيرة عن تعرض القرى والبلدات للفيضان.

كما فاضت مياه ملوثة على القرى القريبة من مكب نفايات البصة الواقع بين جبلة واللاذقية، وانتشرت روائح كريهة نتيجة لانحلال القاذورات في مياه الأمطار وفيضانها.


وحسب مصدر محلي من داخل المدينة، تحدث لموقع "اقتصاد"، فقد تعرض محافظ اللاذقية الذي ظهرت صور له وهو يشارك بشكل استعراضي في إنقاذ رجل دين مسيحي في سوق الذهب بالقرب من الكنيسة، للتهجم والشتم من قبل المواطنين ووصفوه بالفاسد، وحمّلوه مسؤولية تردي الخدمات.

وتعرضت قرية "القلوع الدروع" التابعة إلى منطقة جبلة، لأضرار كبيرة في المحاصيل الزراعية بعد تطاير البيوت البلاستيكية وغمرها بالمياه مما تسبب في تلف شتول البندورة والكوسا والباذنجان وبقية المحاصيل.

كما انقطعت طرق كثيرة في منطقة جبلة مثل طريق جبلة الزهيريات، وطريق جبلة بانياس القديم، وطريق رأس العين جبلة.


كما شهدت القرى القريبة من مدينة بانياس فيضانات تسببت بخسائر فادحة في بلدتي "البيا والبساتين" المعارضتين لنظام الأسد واللتين شهدتا مجزرة فظيعة في عام 2013. وكان سبب الفيضان هو إغلاق مصارف الصرف الصحي والمصارف الزراعية والمطرية بأكوام من التراب بشكل مقصود، الأمر الذي عرّض البيوت البلاستيكية إلى الدمار، مع العلم أن معظم زراعة هذه القرى تعتمد على الزراعة في المياه بدون استعمال التربة وهي طريقة تتفرّد بها، ولا يجيدها سوى سكان هذه البلدات.

هذا وقد قدّر مهندس زراعي، تحدث لـ "اقتصاد"، باسم مستعار "علي أبو جعفر"، خسائر المنطقة الساحلية بمليارات الليرات السورية خلال يومين متتاليين.

ترك تعليق

التعليق