سعد الحريري يعلن أنه ليس مرشحاً لتشكيل الحكومة المقبلة في لبنان


أعلن رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري الأربعاء أنه لن يكون مرشحاً لتشكيل الحكومة المقبلة في لبنان، عشية استشارات مخصصة لتكليف شخصية تأليف الحكومة، وسط انقسام سياسي حاد ومطالبة المتظاهرين بحكومة اختصاصيين.

وتحت ضغط حراك شعبي بدأ في 17 تشرين الأول/أكتوبر وبدا عابراً للطوائف والمناطق، قدّم الحريري استقالته في 29 تشرين الأول/أكتوبر، من دون أن يتم تسمية رئيس جديد للحكومة، رغم مطالبة المتظاهرين ونداءات دولية بوجوب الاسراع في تشكيل حكومة إنقاذ تضع حداً للتدهور الاقتصادي المتسارع.

وقال الحريري في بيان "منذ أن تقدمت باستقالتي قبل خمسين يوماً تلبية لصرخة اللبنانيين واللبنانيات، سعيت جاهداً للوصول إلى تلبية مطلبهم بحكومة اختصاصيين، رأيت انها الوحيدة القادرة على معالجة الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة التي يواجهها بلدنا".

وأضاف "لما تبين لي أنه رغم التزامي القاطع بتشكيل حكومة اختصاصيين، فإن المواقف التي ظهرت في الأيام القليلة الماضية من مسألة تسميتي هي مواقف غير قابلة للتبديل، فإنني أعلن انني لن أكون مرشحاً لتشكيل الحكومة المقبلة".

وأكد في الوقت نفسه أنه سيتوجه للمشاركة في الاستشارات المقررة الخميس بعدما كان رئيس الجمهورية ميشال عون أرجأها مرتين آخرها الإثنين.

وكان الحريري طلب الإثنين تأجيل الاستشارات كونها كانت ستؤدي إلى "تسمية من دون مشاركة كتلة مسيحية وازنة فيها" بعد توجه الكتلتين المسيحيتين الأبرز، "التيار الوطني الحر" بزعامة عون وحزب "القوات اللبنانية"، لعدم تسميته في بلد يقوم نظامه السياسي على المحاصصة الطائفية، ما أعاد خلط الأوراق السياسية.

والحريري (49 عاماً) رجل أعمال دفعه اغتيال والده رئيس الحكومة الأسبق الملياردير رفيق الحريري في العام 2005 إلى دخول معترك السياسة، وبات يُعد الزعيم السني الأبرز في البلاد. وقد ترأس الحكومة ثلاث مرات منذ العام 2009، وواجه تحديات عدة آخرها الحراك الشعبي الذي أطاح حكومته، رغم طرحه ورقة إصلاحات اقتصادية لم ترض الشارع.

ومنذ استقالته قبل أكثر من شهر ونصف شهر، جرى تداول أسماء عدة لخلافة الحريري إلا أنها سقطت جميعا، فيما بقي هو الأوفر حظاً رغم رفض المتظاهرين لإعادة تسميته باعتباره شريكاً في الحكم وجزءاً مما يصفونه بـ"منظومة الفساد" في البلاد.

ويطالب المتظاهرون، الذين عارضوا أسماء عدة تم تداولها سابقاً لرئاسة الحكومة لقربها من الطبقة السياسية، بتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين عن الأحزاب السياسية والسلطة الحالية، تنكبّ سريعاً على وضع خطة لإنقاذ الاقتصاد المتداعي.

وأعلن الحريري مراراً إصراره على ترؤس حكومة اختصاصيين، الأمر الذي ترفضه قوى سياسية رئيسية لا سيما حزب الله، خصمه الأبرز، رغم اعلانه عدم ممانعته تكليف الحريري تشكيل حكومة لا تقصي أي طرف سياسي رئيسي.

- شغب وعوائق اسمنتية -

وجاءت خطوة الحريري في وقت لا يحظى أي اسم بديل بتوافق علني، ما يزيد من تعقيدات الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعصف بلبنان.

ولا يعني توافق القوى السياسية على تسمية رئيس جديد للحكومة أن ولادتها ستكون سهلة، إذ غالباً ما تستغرق العملية أشهراً عدة جراء الخلافات بين القوى السياسية.

ويشهد لبنان انهياراً اقتصادياً ومالياً يُهدد اللبنانيين في وظائفهم ولقمة عيشهم مع أزمة سيولة حادة بدأت معالمها قبل أشهر، وقد بات الحصول على الدولار مهمة شبه مستحيلة مع فرض المصارف قيوداً على حركة الأموال، تزامناً مع ارتفاع مستمر في أسعار المواد الأساسية.

وتوقّع البنك الدولي أن يسجل العام الحالي نسبة ركود أعلى من تلك المتوقعة مع نمو سلبي 0,2 في المئة. وحذّر من أن معدل الفقر (ثلث اللبنانيين) قد يرتفع الى خمسين في المئة، وأن نسبة البطالة (أكثر من 30%) في صفوف الشباب مرشحة لارتفاع حاد.

وتعدّ الأزمة الاقتصادية الراهنة وليدة سنوات من النمو المتباطئ، مع عجز الدولة عن إجراء إصلاحات بنيوية، وتراجع حجم الاستثمارات الخارجية، عدا عن تداعيات الانقسام السياسي الذي فاقمه النزاع في سوريا.

وشهدت بيروت خلال الأيام الماضية أعمال شغب وصدامات هي الأعنف منذ بدء الحراك الشعبي، الذي بات يطلق عليه "ثورة 17 تشرين".

وشهدت عطلة نهاية الأسبوع المواجهات الأعنف بين القوى الأمنية ومتظاهرين حاولوا اقتحام شارع يؤدي إلى مقر البرلمان. كما اندلعت يومي السبت والإثنين صدامات عنيفة بين القوى الأمنية ومناصرين لحركة أمل وحزب الله، مناوئين للمتظاهرين الناقمين على زعمائهم.

ومع تكرار أعمال الشغب والصدامات، أغلقت قوى الأمن الأربعاء بالعوائق الاسمنتية طرقاً فرعية مؤدية إلى ساحات التظاهر الرئيسية في وسط بيروت، كما وضعت حاجزاً حديداً ثابتاً في شارع يؤدي إلى مبنى البرلمان.

وتظاهر مئات اللبنانيين مساء الأربعاء في وسط بيروت تحت عنوان "لا لجدران العار" احتجاجاً على وضع العوائق في وسط العاصمة.

ترك تعليق

التعليق