مخاوف لدى السكان.. هل سيتكدس الآلاف في جيب ضيق، شمالي إدلب؟


في زاوية مشمسة بمقهى "هارموني" وسط مدينة بنش، يجلس "رامي" مراقباً سيارات محملة بالأثاث المنزلي، وهي تعبر الطريق الدولي حلب-إدلب باتجاه مناطق أكثر أمناً، بعيداً في أقصى شمال محافظة إدلب.

يخشى "رامي" كما يخشى العشرات من سكان المنطقة أن تؤدي العمليات الجوية والبرية التي ينفذها النظام وروسيا للسيطرة على طريق دولي هام، إلى تقلص الجيب الواسع الذي يسيطر عليه الثوار، ما سيجعل أكثر من 3 مليون نسمة، يُحشرون في بقعة صغيرة.

وقال فريق (منسقو استجابة سورية) خلال نشرة محدثة إن عدد العائلات التي نزحت من جنوبي وشرقي إدلب بسبب القصف المتواصل وصل إلى 19.898 عائلة (فوق الـ 100 ألف نسمة) وذلك بين 1 تشرين الثاني و17 كانون الأول الجاري.

ومنذ احتدام القتال في رمضان الفائت، لم يتوقف القصف على ريف إدلب الجنوبي سوى بضعة أسابيع. ومنذ أيام توسعت الغارات الحربية التي تشنها مقاتلات روسية وأخرى تابعة للنظام لتشمل مناطق جديدة شرقي إدلب.

وأبدى سكان خلال حديث مع "اقتصاد" قلقهم الشديد من استمرار موجات النزوح التي يظهر أن بعض المناطق مقبلة عليها قريباً شرقي إدلب وربما جنوبي حلب، كما يتوقع السكان.

وقال "محمود" وهو من شرقي إدلب ويعيش في منطقة آمنة نسبياً إنه يخشى من النزوح في حال تعرضت بلدته للقصف. وتابع "إلى أين نذهب فالمناطق الحدودية مكتظة ومدينة إدلب ومحيطها مزدحم أيضاً".

ويسعى النظام على الأرجح للوصول إلى المدن والبلدات المتناثرة على الطريق الدولي (دمشق-حلب) المار من معرة النعمان وسراقب وريف حلب الجنوبي.

وقال سكان إنهم يعتقدون أن الهدف من القصف المتواصل على معظم هذه المناطق هو تفريغها من سكانها على غرار ما جرى في ريف حماة الشمالي الذي تقدم إليه النظام قبل عدة أشهر في عمليات مشابهة.

ويرى محللون أن غاية الروس هو قضم كامل المنطقة العازلة التي تحيط بإدلب من ثلاث جهات، وجرى الاتفاق عليها بين تركيا وروسيا في سوتشي منتصف العام 2017.

وإذا استمر القصف ستحدث أشياء كارثية -كما يقول سكان- بسبب النزوح المكثف في فصل الشتاء وعدم وجود مأوى لمعظم الوافدين.

سوتشي- المحرقة

مع سيطرة النظام على خان شيخون وريف حماة الشمالي متجاوزاً نقطة مراقبة تركية لا تزال حتى اللحظة متمركزة في مورك، شعر سكان إدلب بالقلق.

وذلك لأن روسيا تنفذ اتفاق سوتشي بطريقة مغايرة تماماً لما أعلن عنه رسمياً.

وينص اتفاق سوتشي الذي وقّعه كل من الرئيسين رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين في 4 أيار 2017 على بناء منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 - 20 كيلومتراً. والقضاء على الجماعات التي يصفها بيان الاتفاق بـ "الرديكالية"، كما تسحب فصائل المعارضة الأخرى جميع الدبابات وقاذفات الصواريخ المتعددة والمدفعية ومدافع الهاون. على أن تقوم دوريات مشتركة روسية-تركية بالسير على امتداد حدود المنطقة منزوعة التسليح، إضافة إلى العمل على ضمان حرية حركة السكان المحليين والبضائع، واستعادة الصلات التجارية والاقتصادية.

ويؤدي هذا الاتفاق في نهاية المطاف إلى استعادة طرق نقل الترانزيت عبر الطريقين، إم 4 (حلب-اللاذقية)، وإم 5 (حلب-حماة).

وألمح عدد من السكان لـ "اقتصاد" إلى أن نية النظام وروسيا السيطرة البرية على المنطقة العازلة ومن بينها الطريقان الدوليان اللذان يصلان بين دمشق وحلب وبين الساحل وحلب.

كما ينظر البعض بعين الريبة إلى ما يجري من اتفاقات وخلافات بين الأطراف الإقليمية والدولية شرقي الفرات، حيث النفط والقطن والحبوب.

وقال "مروان" الذي يقيم في مدينة إدلب لـ "اقتصاد": "المنطقة تخضع لبازار سياسي. وكل ما نخشاه أن نرى النظام يدخل معرة النعمان وسراقب كما حصل في خان شيخون في حال استمرت الفصائل وهيئة تحرير الشام بغض الطرف عن تنفيذ مخططات الأطراف الخارجية".

وقال "محمد" وهو من نفس المدينة: "لا أحب التشاؤم لكن أعتقد أن مصيرنا بات مجهولاً".

وقال أيضاً: "عليهم (الفصائل) أن يخرجوا للناس ويطلعوهم على ما يحدث بالضبط".


ترك تعليق

التعليق