كيف ظهرت أولى آثار "سيزر"؟، وما هي أبرز التأثيرات المرتقبة له؟


تحققت توقعات نشطاء سوريون معارضين في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي أعلنوها قبل أسبوعين، بأن قانون "سيزر – قيصر"، سيمر بسهولة، وسرعة، عبر تصويتين كانا مرتقبين في مجلسي، النواب ومن ثم الشيوخ، وصولاً إلى توقيع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عليه.

وتحققت تلك التوقعات، مساء الجمعة، إذ وقّع ترامب على القانون الملحق بميزانية وزارة الدفاع الأمريكية. وهو الإجراء الذي سعى نشطاء معارضون في الجالية السورية – الأمريكية، إلى اعتماده، بغية تمرير قانون "سيزر" الذي تعرض لعراقيل في كواليس السلطة التشريعية الأمريكية، على مدار ثلاث سنوات متتالية.

ولم يتضح بعد كيف سيتم تطبيق القانون من جانب الولايات المتحدة الأمريكية. لكن مواد القانون تتيح لـ دونالد ترامب، صلاحية كبيرة في فرض العقوبات واستهداف جهات داعمة لنظام الأسد، اقتصادياً ومالياً.

وكما توقع "اقتصاد" في تقرير سابق، قبل أسبوعين، فقد كانت الآثار الأولى للقانون، تراجعاً متسارعاً في سعر صرف الليرة السورية. إذ ارتفع "دولار دمشق" 25 ليرة، في ساعة ونصف، بعيد افتتاح تعاملات السبت.

ومن أبرز الآثار المرتقبة للقانون، أن تزداد حدّة الصعوبات التي يواجهها النظام في شراء المحروقات، سواء على صعيد توفير القطع الأجنبي لهذه الغاية، أو على صعيد إيجاد موردين مستعدين لبيعه الوقود.

 لذلك قد يعيش السوريون في مناطق سيطرة النظام شتاءً أقسى من سابقه، لتكون الطوابير "القياسية" التي اصطفت أمام "الكازيات" في نهاية الشتاء الفائت، ظاهرة متجددة، في الأسابيع والأشهر القادمة.

ويتيح قانون "سيزر" فرض عقوبات على النظام وحلفائه، في مجالات الطاقة والتمويل وإعادة الإعمار، والنقل الجوي. ومن الممكن أن يطال أي شخص أو جهة تتعامل مع حكومة النظام، أو توفر التمويل لها. كما سيطال مصرف سورية المركزي، الخاضع للنظام.

لكن مواد القانون تتيح للرئيس الأمريكي هامشاً من المرونة في إلغاء العقوبات، على أساس كل حالة على حدى، الأمر الذي يتيح لـ دونالد ترامب إمكانية استخدام مشروع القانون، للابتزاز السياسي، بغية الضغط على النظام والروس، لتحصيل مكاسب سياسية في الساحة السورية.

وهو ما لم تخفه الإدارة الأمريكية، إذ سبق أن أشار بيان للخارجية الأمريكية، صدر بعيد تصويت سابق على مشروع القانون، في كانون الثاني/يناير من العام 2019، بأن واشنطن ستستخدم القانون للضغط على النظام باتجاه الحل السياسي.

ومن جانب آخر، فإن توقيع ترامب على القانون، وتفعيله، يتيح تبريراً قانونياً لوجود الجنود الأمريكيين في "شرق الفرات"، والتحكم بآبار النفط هناك، ومنع وصول النظام إليها. ذلك أن القانون يتيح فرض عقوبات على قطاع الطاقة، وإعاقته. وهو ما يدعم الساعين لتعزيز السيطرة الأمريكية على نفط "شرق الفرات"، في أوساط الإدارة الأمريكية، بنص تشريعي. وفي نفس الوقت، يعزز إمكانية حرمان نظام الأسد وحلفائه من نفط تلك المنطقة.

وقد تكون أبرز آثار القانون، حال تفعيله، هي دفع جهات إقليمية ودولية، تجارية وسياسية، إلى تجنب التعامل مع النظام أو المحسوبين عليه، تجنباً للوقوع في دائرة العقوبات الاقتصادية الأمريكية، الأمر الذي سيصعّب من قدرة النظام على إجراء التعاملات التجارية، والصفقات، لشراء المحروقات، بصورة رئيسية.

وسيطال ضرر القانون رجال الأعمال الموالين للنظام، الذين لطالما استخدمهم كواجهة لتمرير صفقاته الخارجية. كما ويطال القانون كل المعاملات مع مصرف سورية المركزي، والمصارف الحكومية، مما يضيّق من هامش حركة مخزون القطع الأجنبي.

كل ما سبق، سينعكس بطبيعة الحال، مزيداً من الحاجة للدولار، والطلب عليه، وسيؤثر سلباً على الليرة السورية.

يضاف إلى ما سبق، عنصر أخير، يتعلق بلجم اندفاع أي دولة إقليمية للانفتاح الاقتصادي على نظام الأسد، مجدداً، وهذه المرة، ليس عبر الضغط السياسي فقط، كما حدث في الربع الأول من العام الفائت، حينما نقلت مصادر متطابقة أنباء عن ضغوط أمريكية على الإمارات للجم حراكها الانفتاحي على الأسد، بل سيُدعّم هذا الضغط، هذه المرة، بعقوبات اقتصادية ممكنة، على أية شركة، أو جهة حكومية أو خاصة إماراتية، أو خليجية، أو عربية، ستتعامل اقتصادياً أو مالياً، مع الأسد. مع التذكير، بأن القانون يتيح للرئيس الأمريكي، هامشاً لرفع العقوبات عن كل حالة على حدى، مما يمنح الرئيس الأمريكي قوة ضغط سياسي كبيرة، على كل الأطراف المهتمة بالشأن السوري، في المنطقة.

وكان "اقتصاد" رصد آراء متخصصين اقتصاديين سوريين، حيال الآثار المستقبلية المحتملة لقانون "سيزر" على النظام السوري. وذلك في تقرير تم نشره قبل أسبوع.

وفيما دعا رئيس "مجموعة عمل اقتصاد سوريا"، الدكتور أسامة قاضي، إلى التريث، إلى حين توقيع مشروع القانون، واعتماده كقانون، قبل الحكم على نتائجه، توقع أستاذ العلاقات الاقتصادية الدولية، حسن الشاغل، أن سيكون للقانون أثر بالغ على النظام السوري وداعميه، اقتصادياً وسياسياً.

وقال الشاغل في تصريحات لـ "اقتصاد"، حينها: "استناداً إلى هذا القانون تستطيع الولايات المتحدة أن تفرض مزيداً من العقوبات الاقتصادية على روسيا وإيران، وخاصة أن إدارة ترمب اتخذت استراتيجية التدرج في فرض العقوبات الاقتصادية في سياستها الخارجية، فقد فرضت العقوبات على الصين، والهند، وإيران، وروسيا والنظام السوري، حيث تعمل إدارة ترامب على محاربة الدول من خلال تدمير اقتصاداتها".

وأضاف الشاغل أن الأمر الأهم في هذا القانون، أنه سوف يمنع الشركات الإيرانية والروسية أو أي أشخاص أو شركات مرتبطين بهم من المشاركة بإعادة الاعمار، مشيراً في هذا السياق إلى عدم جدوى كل الاتفاقات التي وقعتها إيران وروسيا مع النظام السوري في قطاعات اقتصادية عدة.

وأردف أن "التأثير الأكبر سوف يكون على النظام السوري، بسبب الخوف من الشركات التي لا زالت تتعامل معه اقتصادياً، بالإضافة إلى تقييد أنشطة الأشخاص والشركات التي أسسها النظام للهروب من العقوبات الاقتصادية".

وبناء على كل ذلك، قال الشاغل إن "هذا القانون سوف يؤدي إلى زيادة الخناق الاقتصادي على النظام، ومن المرجح أن نشاهد حالة انهيار كبير في الاقتصاد السوري وسعر العملة، في حين سيمتد تأثيره سياسياً، حيث سيرغم الدول التي تنوي إعادة سفاراتها وعلاقاتها الدبلوماسية مع الأسد، على إعادة حساباتها خوفاً من العواقب".

ترك تعليق

التعليق