ارتفاع سعر المحروقات يهدد الزراعات المروية شمالي حلب


لولا حاجته إلى العمل، لما ترك المزارع شريف ناصر ولا حتى دونماً واحداً من حقله لزراعة البطاطا الصيفية في الموسم القادم، وذلك بسبب ارتفاع تكلفة زراعة هذه المادة مؤخراً.

وبدلاً من الامتناع نهائياً عن زراعة البطاطا، قلص ناصر (40 عاماً) المساحة التي اعتاد على زراعتها في مدينة مارع بريف حلب الشمالي إلى النصف في هذا الموسم.

إلى النصف

قال ناصر لـ"اقتصاد": "أبقيت 20 دونماً فقط، لزراعة البطاطا في هذا الموسم، والبقية زرعتها بالقمح والشعير (البعل)، لأن ري مساحة أكبر من ذلك بات مكلفاً بعد ارتفاع سعر المحروقات مؤخراً".

وأضاف: "خفضت المساحة المخصصة للزراعة المروية إلى النصف وأكثر، لأن غلاء المحروقات ستزيد كلفة الإنتاج، حيث يستهلك ري هكتار البطاطا الواحد (10 دونمات) وسطياً، 13 برميلاً من المازوت".

وتابع ناصر: "اليوم يتجاوز سعر البرميل الواحد 100 ألف ليرة سورية، وهذا يعني أن التكلفة تضاعفت، إذ كان لا يتجاوز سعره في الموسم الماضي 30 ألف ليرة سورية".

ووفق ناصر فإن أسعار البطاطا في السوق المحلية، لم تعد تتناسب وحجم التكاليف.

مخاوف ناصر ترددت على لسان العديد من المزارعين الذين تحدث معهم "اقتصاد".

مزارعو الداخل في أزمة

مدير عام مؤسسة إكثار البذار التابعة للحكومة المؤقتة، المهندس الزراعي معن ناصر، اعتبر أنه لم يعد بمقدور المزارعين تحمل المزيد من الخسائر، نتيجة ارتفاع سعر المحروقات، وتدني سعر صرف الليرة السورية.

وأضاف في حديث لـ"اقتصاد" أن ارتفاع تكاليف الزراعة المروية، أدخل غالبية المزارعين في أزمة، قد توقفهم عن متابعة العمل بالزراعة.

وحذّر ناصر من النتائج الكارثية الناجمة عن انخفاض مساحة الزراعات المروية، وفقدان عدد كبير من الناس لموارد رزقهم وعدم قدرتهم على الصمود لفترة أطول، وكذلك ارتفاع نسبة البطالة، لا سيما وأن المحاصيل المروية توفر فرص عمل لعدد كبير من العاملين.

والأهم من كل ذلك، أن تراجع معروض الخضار (البطاطا، البصل، البندورة، الباذنجان)، سيؤدي إلى زيادة الاعتماد على الخضار والفواكه المستوردة، وارتفاع أسعارها.

المجالس المحلية عاجزة

مدير الزراعة في مجلس مارع المحلي، المهندس الزراعي، علي النجار، أكد عدم قدرة المجالس المحلية على تقديم الدعم للمزارعين، مناشداً المنظمات المانحة بمد يد العون للمزارعين، وتحديداً الزراعات المروية.

وتابع في حديثه لـ"اقتصاد"، أن المجلس لا يفوت فرصة لحث المنظمات على تقديم الدعم للمزارعين، وخصوصاً أنهم تعرضوا خلال المواسم الماضية لخسائر كبيرة، نتيجة انخفاض أسعار الإنتاج، التي بالكاد باتت قادرة على تغطية التكاليف.

وقال النجار، إن المجلس يسعى إلى البحث عن سوق تصريف للمحاصيل الزراعية الفائضة، لتساعد المزارع على بيع إنتاجه بسعر مناسب لحجم التكلفة.

ووفق مدير الزراعة، فإن فقدان الزراعات المروية، من شأنه زيادة أعباء المنطقة اقتصادياً، من حيث خسارة فرص العمل وارتفاع الأسعار.

ترك تعليق

التعليق