القضاء اللبناني يمنع كارلوس غصن من السفر ويطلب ملفه من طوكيو


قرر القضاء اللبناني الخميس منع رجل الأعمال كارلوس غصن من السفر خارج البلاد، وطلب ملفه من طوكيو، بعد الاستماع إليه بشأن "النشرة الحمراء" الصادرة بحقه عن الانتربول، إثر فراره الجريء من اليابان، في خطوة قال إنه أُجبر عليها لأنه ما كان ليحصل على محاكمة عادلة.

واستدعت اتهامات غصن (65 عاماً) للقضاء الياباني ردود فعل أبرزها من وزيرة العدل اليابانية التي اعتبرت أنه "لا أساس لها" من الصحة، وحضته على أن يعرض قضيته "في محكمة يابانية وأن يقدم أدلة دامغة"، الأمر الذي وصفه غصن بـ"كلام سخيف".

وعقد الرئيس السابق لتحالف رينو-نيسان-ميتسوبيشي مؤتمراً صحافياً مطولاً الأربعاء في أول اطلالة علنية في بيروت أمام حشد من الصحافيين المحليين والأجانب، دافع فيه بشراسة عن نفسه من التهم الموجهة إليه في اليابان، حيث كان قيد الإقامة الجبرية وينتظر بدء محاكمته بتهم مخالفات مالية وتهرب ضريبي، يدحضها بالكامل.

واستمعت النيابة العامة التمييزية الخميس إلى غصن حول مسألتي "النشرة الحمراء" التي تسلمها القضاء الأسبوع الماضي من منظمة الانتربول إثر فراره من طوكيو، وإخبار تقدم به ثلاثة محامين إلى القضاء قبل أيام بشأن زيارته إسرائيل عام 2008، الدولة التي تعد رسمياً في حالة حرب مع لبنان.

ومنعت النيابة العامة، وفق ما قال مصدر قضائي لبناني لوكالة فرانس برس، غصن من السفر وطلبت الحصول على ملفه من السلطات اليابانية، في مهلة أقصاها أربعين يوماً.

وبحسب مصدر قضائي آخر، تركت النيابة العامة غصن "بسند إقامة، على أن يبقى ممنوعاً من السفر إلى حين ورود ملفه القضائي من اليابان. وبناء على مضمون الملف، إذا تبين أن الجرائم المتهم بها في اليابان تستوجب ملاحقته في لبنان، فستتم محاكمته، واذا كانت لا تستوجب الملاحقة وفق القوانين اللبنانية، عندها يُترك حراً".

واعتبر غصن أن منعه من السفر "اجراء" روتيني. وأوضح في مقابلة مع تلفزيون "أم تي في" المحلي الخميس أنه لا يخطط أساساً لمغادرة لبنان، وسلّم جواز سفره الفرنسي الذي استخدمه للدخول إلى لبنان الى السلطات القضائية.

-"نظام رجعي"-

ولا يمكن لمنظمة الانتربول إصدار أوامر اعتقال أو الشروع في تحقيقات أو ملاحقات، بينما لا تبيح القوانين اللبنانية تسليم المواطنين إلى دولة أجنبية لمحاكمتهم، وتعتبر السلطات أنه دخل لبنان بصورة "شرعية".

وفي ما يتعلق بزيارة اسرائيل، قرر النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات ترك غصن الذي يحمل الجنسيات اللبنانية والفرنسية والبرازيلية، بسند إقامة، على أن يستكمل التحقيق معه لاحقاً.

وأوضح غصن الأربعاء أنه ذهب بصفته "فرنسياً بناء على اتفاق موقّع بين رينو وشركة إسرائيلية"، مقدماً اعتذاره إلى الشعب اللبناني.

ووجّه القضاء الياباني الى غصن أربع تهم تشمل عدم التصريح عن كامل دخله واستخدام أموال شركة نيسان التي أنقذها من الإفلاس للقيام بمدفوعات لمعارف شخصية واختلاس أموال الشركة للاستخدام الشخصي. ويبلغ إجمالي المبلغ الذي لم يصرح به أكثر من تسعة مليارات ين (85 مليون دولار) على امتداد ثماني سنوات، بحسب طوكيو.

وأمضى غصن الجزء الأكبر من مؤتمره الصحافي في التأكيد على أن العدالة كانت مستحيلة له في اليابان. وقال إن الاتهامات ضده ومنها تهمة عدم الكشف عن كامل مداخيله وتحويل أموال من شركة نيسان لاستخدامه الخاص، كانت مسعى لإسقاطه لأسباب سياسية.

وندّد بما وصفه بعملية "تواطؤ" ضده بين شركة "نيسان" والادعاء العام الياباني، أدت الى توقيفه "الاستعراضي"، مؤكداً أنه كان "رهينة" وسينصرف في الفترة المقبلة إلى "تبرئة" ساحته من الاتهامات الموجّهة إليه.

وغداة تأكيد الادّعاء العام أنّ اتهامه بـ"التواطؤ" مع نيسان هو "ادّعاء كاذب بشكل قاطع ومنافٍ للحقيقة"، قالت وزيرة العدل ماساكو موري الخميس للصحافيين "إذا كان يدعي البراءة عليه أن يمثل أمام المحاكمة بموجب النظام القضائي في اليابان، حيث كان يجري تعاملاته التجارية، ويتعين عليه أن يقدم أدلة تثبت ادعاءاته".

ووصف غصن في مقابلة مع تلفزيون "أل بي سي أي" المحلي الخميس كلام موري بأنه "سخيف"، معتبراً أن "النظام القضائي رجعي للغاية" في اليابان.

وخرج الرئيس التنفيذي السابق لشركة نيسان هيروتو سايكاوا، الذي أُجبر على تقديم استقالته بعد توقيف غصن، عن صمته الخميس. وأعرب عن اعتقاده للصحافيين بأنّ عصن "فر لأنه كان خائفاً من إدانته".

- "لم أهرب" -

وأحدث فرار غصن، الذي أمضى 130 يوماً في السجن منذ توقيفه في تشرين الثاني/نوفمبر 2018 قبل أن يتم اطلاق سراحه بكفالة صارمة الشروط في نيسان/أبريل، صدمة في اليابان.

ورفض غصن كشف أي تفاصيل عن عملية هروبه، ونفى أي دور لأفراد عائلته لا سيما زوجته التي أصدرت طوكيو مذكرة توقيف بحقها بتهمة الادلاء بشهادة زائفة.

كما امتنع عن ذكر أسماء من يعتبر بين المسؤولين اليابانيين أنهم متورطون في توقيفه، حرصاً على عدم الإضرار بالعلاقة بين اليابان ولبنان. إلا أنه قال إن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي غير متورط فيها.

وقال غصن إثر وصوله إلى بيروت "لم أهرب من العدالة، لقد حررت نفسي من الظلم والاضطهاد السياسي". وهو ما كرره خلال مؤتمره الصحافي، مبدياً استعداده للمحاكمة "في أي مكان شرط أن تكون عادلة".

ووفق روايات الإعلام الياباني، يُشتبه بأن غصن بعد خروجه من منزله في طوكيو، استقل القطار إلى أوساكا في غرب اليابان قبل أن يسافر في طائرة خاصة من مطار كانساي الدولي برفقة شخصين، وتمكّن من تجنّب التفتيش في المطار من خلال اختبائه في صندوق مماثل للصناديق المستخدمة في نقل المعدات الصوتية الخاصة بالحفلات الموسيقية.

ترك تعليق

التعليق