بورصة أسعار المواد الغذائية في سوريا.. قبل السؤال وبعده!


سأل البائع:  كم سعر كيلو السكر.. ففتح جواله وذهب إلى تطبيق أسعار صرف الليرة لحظة بلحظة، من أجل أن يعطيه السعر الآن..

هذه لم تعد نكتة في سوريا، بل حقيقة بدأ التجار يعترفون بها، من أن عدم متابعتهم لآخر أخبار سعر صرف الليرة مقابل الدولار، والبيع بموجبه، سوف يؤدي إلى خسارتهم حكماً.. لذلك يقول أحد التجار: "قبل أن توجهوا اللوم لنا، وجهوا اللوم لمن لا يستطيع أن يضبط سعر الليرة"..

وفي المقابل، فإن النظام بدأ يشعر بأن سعر الصرف خرج من يده، بعد تجاوزه حاجز الألف ليرة النفسي، مقابل الدولار، وأصبح حديث أغلب المسؤولين المعنيين بالأسواق، لا يركز على ضبط الأسواق ومكافحة الغلاء، كما كان في السابق، وإنما حول الاجراءات الجديدة المتعلقة بتوزيع المواد الغذائية في صالات السورية للتجارة، على البطاقة الذكية، وكأنها الحل الشافي لكل مشاكل السوريين..

يقول تجار في تصريحات لوسائل إعلام تابعة وموالية للنظام، إن بورصة الأسعار تختلف بين لحظة وأخرى، وما تشتريه قبل ساعة بسعر، لا يمكن أن تشتريه بعد ساعة بنفس السعر، مطالبين الحكومة بفتح باب الاستيراد على مصراعيه لمن يشاء، وتحطيم القرار الذي تم اتخاذه في العام 2013، بترشيد الإستيراد، لأنه لم يساعد الليرة في أي شيء بحسب قولهم، بل العكس، فقد تم حرمان خزينة الدولة من الكثير من الإيرادات التي كان يمكن أن تأتي عبر الاستيراد..

ويحاول اليوم الكثير من السوريين، أن يستذكروا فترة الثمانينيات، وكيف أنهم تكيفوا مع تلك الفترة من أجل تأمين حاجاتهم الغذائية، لكن يؤكد البعض أن الفترة الحالية هي أصعب بكثير، ولا يمكن مقارنتها بالثمانينيات، نتيجة لظروف الإنتاج في البلد، والتي قام بشار الأسد برهن مواردها الأساسية بالكامل للروس والإيرانيين، ما يعني أن الأزمة قد تكون طويلة زمنياً، سيما مع غياب الآفاق بالحل السياسي، وعودة الاستقرار للبلد..

أما المحلل الاقتصادي، ووزير الاقتصاد الأسبق الدكتور نضال الشعار، فقد كتب على صفحته الشخصية في فيسبوك، مجدداً فكرته السابقة، والتي يرى فيها أن الخروج من كل هذه الأزمات، لا يمكن إلا بعودة جميع السوريين المهجرين إلى بلادهم، وأن يتولوا بأنفسهم عملية البناء وضخ الأموال في شتى جبهات الاقتصاد.

يؤكد العديد من المراقبين، أن واقع ارتفاع الأسعار في سوريا، ينذر بثورة جياع حقيقية.. حيث أن مستوى الدخل في أحسن الأحوال، والمقدر بنحو 70 ألف ليرة سورية شهرياً، لا يغطي سوى 20 بالمئة من الحاجة الحقيقية، بالإضافة إلى قيام النظام بمحاصرة شركات الصرافة ومكاتب تحويل الأموال، وإغلاق الكثير منها، الأمر الذي حد من قدرات المغتربين بمساعدة ذويهم في الداخل.. حيث أن كل هذه الظروف، تنبئ بأن النظام لم يعد يعبأ بالوضع الداخلي، وجل تركيزه يتجه نحو الصورة الخارجية، وخصوصاً مع تقارير تتحدث عن مباحثات سرية وعلنية، لإعادة تأهيل بشار الأسد، دولياً، بمساعدة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ترك تعليق

التعليق