اقتصاديات.. فارس الشهابي والغناء في الطاحون


كتابات فارس الشهابي، رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية، على صفحته الشخصية في "فيسبوك"، ومداخلاته على وسائل الإعلام أو في مجلس الشعب، جميعها منذ أكثر من عامين، تتمحور حول فكرة واحدة، وهي أنه لا يمكن مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة، سوى بزيادة الإنتاج ودعم الصناعة والصناعي الوطني، وعدا ذلك، يرى الشهابي أن الحكومة هي المسؤولة عن ما وصلت إليه الأوضاع من سوء، عندما تجاهلت هذه الرؤية وذهبت إلى تبديد موازاناتها، في دعم الاستيراد والمستوردين والصرف على مشروعات عقارية لا طائل منها..

والشهابي لا يمل أبداً من طرح هذه الأفكار، فهو يعيدها باستمرار ويؤكد عليها، دون أن يقدم المزيد من التفاصيل عما يقصده من زيادة الإنتاج ودعم الصناعي السوري.. ولعل في ذلك السر الذي يجعل الحكومة تتجاهل مطالباته..

مؤخراً، نشر الشهابي على صفحته في "فيسبوك" صورة لقرار مصري، يعطي للصناعيين قروضاً طويلة الأجل، بتسهيلات مصرفية كبيرة، مع رصد موازانات جديدة داخل المصرف المركزي، لدعم الإنتاج المحلي ومواجهة حالة الركود والمنافسة التي يعانيها الإنتاج الصناعي المصري..

وعلى ما يبدو أن الشهابي، أراد أن يقدم لحكومة النظام، نموذجاً لما يجب أن تقوم به، حيث كتب تعليقاً على هذا الخبر، العنوان التالي: "الارهاب في سوريا.. والتحفيز في مصر..!!!".

وأضاف: "مصر أعفت المنشآت المتعثرة وليس (المهدمة أو المنهوبة) من فوائد القروض عدا المبادرات التحفيزية الأخرى للصناعات الصغيرة.. ونحن لا زلنا نلاحق المنشآت المتعثرة والمتضررة والمنهوبة بفعل الإرهاب ولازلنا نخنق باجراءاتنا الصناعات الصغيرة الخارجة من الإرهاب..!".

ولفت الشهابي في ذات المنشور: "يبدو.. أن البعض عندنا يساهمون دون أن يدركوا في تحفيز و تنشيط الاستثمار الصناعي في مصر و ليس في سوريا..!، إلى متى... ؟!".

نعتقد أن هذه أوضح صورة، يبين فيها فارس الشهابي، ما الذي يقصده من دعم الإنتاج المحلي وزيادته.. وهي أن تقوم الدولة بتقديم القروض والمساعدات للصناعيين، بالإضافة إلى إعفائهم من الغرامات والضرائب، وكل ما من شأنه أن يعيق حركتهم عن الإنتاج..

لهذا نرى أن حكومة النظام، لا تتجاوب مع مطالب الشهابي، كون المقصود بهذا الدعم، هم الصناعيون الحلبيون، فهم الأكثر تضرراً، وحلب من جهة ثانية، تحوي لوحدها أكثر من 70 بالمئة من الإنتاج الصناعي في سوريا.

ولا نبالغ إذا قلنا، إن النظام يتعامل مع الداخل السوري مثلما يتعامل مع الدول الخارجية، وعلى مبدأ، "من لم يقف معنا في حربنا على الشعب، فلن يكون له دور في مشاريع إعادة الإعمار".. وحلب بالنسبة للنظام، خرجت عن إرادته، وبالتالي لا يستحق صناعيوها الدعم، تحت أي ظرف.

لذلك، سوف يظل فارس الشهابي، كمن يغني في الطاحون، وسوف نقرأ كلامه هذا بعد عدة سنوات دون أن يتغير شيء.. لكن نود أن نلفت انتباه الشهابي لأمر، وهو أن النظام بدأ بالفعل بخطة لدعم الإنتاج الصناعي في سوريا، ولكن ليس عبر دعم الصناعيين السوريين، وإنما عبر تقديم مصانعه ومشاريعه الصناعية، كهبة وهدية للروس والإيرانيين.. أفلا يستحق هذا الأمر، التعليق منك يا فارس..؟


ترك تعليق

التعليق