"ضياء الحجي".. لاجئة سورية، تقود شاحنة كبيرة في السويد


تحدّت اللاجئة السورية "ضياء الحجي" الصورة النمطية للمرأة العربية ككل، وحفرت لنفسها اسماً كسائقة شاحنة ثقيلة في السويد متخطية كل القيود والعراقيل التي لا تزال تحول بين كثير من النساء في الوطن العربي وبين تحقيق أحلامهن.

وعملت ضياء المتحدّرة من مدينة "عندان" بريف حلب الشمالي، ككوافيرة لـ 17 عاماً، قبل لجوئها إلى السويد عام 2013. وتمكنت مع زوجها المهندس "محمد كورج" من تخطي عقبات اللغة والإندماج بسهولة ويسر.


 وروت اللاجئة الثلاثينية لـ"اقتصاد" أنها وجدت صعوبة في العمل بخبرتها كـ "كوافيرة" لأن أكثر صالونات الشعر تديرها سويديات ولدي المجتمع هناك فكرة غير صحيحة عن المحجبات، علاوة على ضرورة الحصول على شهادة (اوتبلدننك) التي تُمنح من قبل معاهد ومراكز متخصصة في المهنة. ونصحها أحد أصدقاء العائلة من واقع خبرته، التسجيل في دورة تدريب مهني لقيادة الشاحنات، سيما وأن لغتها السويدية باتت ممتازة ومجال هذه المهنة متوفر ومطلوب في سوق العمل السويدي.

ومما شجعها على خوض هذا المجال أيضاً -كما تقول– أنها استطاعت الحصول على قرض من البنك لتتمكن من دفع تكاليف المعهد، لتتمكن من التدريب على قيادة الشاحنة، وشراء منزل واسع باسمها يوفر بيئة ملائمة لحالة ابنتها التي تعاني مرض التوحد.

ولفتت محدثتنا إلى أنها لم تجد صعوبة في تقديم طلب بترخيص قيادة الشاحنات إلى إدارة المرور بعد اتباع دورة بهذا الخصوص، ولكن الصعوبة كانت خلال الدروس الأولى من التدريب على الشاحنة حيث شعرت بحالة من الخوف والإرتباك نظراً لحجم السيارة التي لم تعتد عليها، رغم أن لديها خبرة في قيادة السيارات العادية وتقودها بسهولة وسلاسة، ولكنها لم تلبث أن تأقلمت مع التدريب وتمكنت من اتقان القيادة بـ 13 درساً بدل الـ 14 درساً المقررة عادة، وأتاحت لها هذه الدورة تعلم قيادة كل الشاحنات الكبيرة سواء تلك التي تنقل البترول أو الإسفلت أو البنزين أو الغاز كما نالت مؤخراً شهادة في قيادة الرافعة الشوكية "تروك شوركور" التي يتعلق عملها بعمل الشاحنة.


ولفتت اللاجئة القادمة من ريف حلب إلى أن ترخيص قيادة الشاحنة الكبيرة لا يختلف كثيراً عن ترخيص قيادة السيارات الخاصة أو العامة، وبمجرد تقديم طلب إلى إدارة المرور تتم الموافقة بعد اتباع دورة بهذا الخصوص، وتابعت أن السويد هي بلد قانون ونظام والمرأة مدعومة فيه جداً ومتاح أن تعمل في أي مجال،

وتتقن ضياء قيادة كل الشاحنات الكبيرة لأنها على نفس النظام (اوتوماتيك) و(مانويل) ولكنها لم تتمكن من تأمين فرصة عمل علماً أنها راسلت-كما تقول- العديد من الشركات التي تشغل الشاحنات K وأرسلت سيرتها الذاتية cv بانتظار تأمين فرصة عمل وخصوصاً أنها مجبرة على تسديد أقساط منزلها قبل سنتين من بداية الفوائد، ولفتت إلى أن فرص العمل في السويد بشكل عام قليلة وخاصة بالنسبة لمن لا يملكون خبرات أو شهادات في مجال العمل أياً كان.


ضياء، 39 عاماً، التي تعيش مع عائلتها في مدينة لودڤيكا بمحافظة DALARNA، نوّهت إلى أن قوانين السير في السويد شبيهة بغيرها من الدول الأوروبية فلديهم أولوية اليمين وكشفت أن تعلم قيادة الشاحنات تكون حصراً باللغة السويدية أما باقي السيارات فيمكن تعلمها باللغة الانكليزية أو العربية.

ويقف وراء نجاح ضياء وتشجيعها على هذا العمل زوجها المهندس "محمد كورج" الحاصل على شهادة في الهندسة المدنية من الجامعة الأمريكية في دبي.

 وروى كورج لـ"اقتصاد" أنه ذهب مع زوجته إلى المدرسة المهنية لتدريب الشاحنات في المدينة التي يقيمان فيها وحصلا على المعلومات الوافية عن كيفية التدريب على قيادة الشاحنات وكيفية الحصول على قرض من البنك لتعليم القيادة، وبعد تقديم الطلبات إلى إدارة المرور تمت الموافقة على التدريب، وهو أمر احتاج-كما يقول- للكثير من الوقت والمال، واستدرك أن قيادة الشاحنات تُدرس كدراسة الجامعة ضمن كتب ودروس خاصة ولمدة شهر كامل في المعهد النظري والعملي لافتاً إلى أن قيادة الشاحنات موضوع صعب على السويديين أنفسهم والكثير منهم يرسبون فيه.


وأضاف محدثنا أن فحص النظري يتعدد لأكثر من نوع، أما الفحص العملي فواحد، مشيراً إلى أن المتدرب يجب أن يكون مطلعاً بشكل كامل على ميكانيك هذه الآليات الضخمة لينجح في الفحص العملي عدا عن فهم الطرق والقوانين والاتجاهات والأمن والأمان وطريقة تحميل وتنزيل البضائع وموضوع التأكد من الفرامل وجاهزية السيارة للانطلاق.

وبحسب قوائم المهن وجهات العمل في السويد تعد مهنة سائقي الشاحنات من أكثر المهن المطلوبة في البلاد للعام 2019 إلى جانب العمل في مجال الطهي والمحاسبة ورعاية المسنين واللحوم والجزارة وعاملي النظافة والممرضات.


ترك تعليق

التعليق