تزايد الطلب على فحم الحراقات مقارنةً بالمازوت والحطب في ريف حلب


شهد ريف حلب الشمالي في الأشهر القليلة الماضية موجات ارتفاع مستمرة في سعر مادة المازوت، ما اضطر السكان ولا سيما من ذوي الدخل المحدود إلى البحث عن وسائل أخرى للتدفئة؛ فكان فحم الحراقات بديلاً مناسباً لكثيرٍ من العائلات في المنطقة، بسبب انخفاض سعره وفاعليته أثناء الاشتعال.

"سعيد خليل" وهو مالكٌ لإحدى الحراقات في منطقة "ترحين" بريف مدينة "الباب" شرقي حلب، أوضح في حديثٍ خاص لـ"اقتصاد" أنّ "فحم الحراقات هو عبّارة عن رواسب تنجم عن عمليات تكرير النفط الخام، ويتم استخراجه بعد الانتهاء من حرق النفط وفرز مشتقاته من المازوت والبنزين والكاز".

وأضاف: "تُترك الرواسب داخل الحراقة لبعض الوقت حتى تتصلب، ثمّ يتم تنظيف الحراقة وإخراج الرواسب المتصلبة داخلها عبر تكسيرها إلى قطعٍ كبيرة توضع في أكياس بلاستيكية (شوالات) تمهيداً لبيعها للأهالي لاستخدامها في أغراض التدفئة الشتوية سواء في المنازل أو في المحال التجارية والصناعية".

وأشار "خليل" إلى وجود إقبالٍ كبيرٍ ومتزايد على استخدام فحم الحراقات في ريف حلب الشمالي والشرقي، نظراً لسهولة الحصول عليه وانخفاض سعره مقارنةً مع مادتي الحطب أو المازوت، حيث يتراوح سعر الطن الواحد منه في الوقت الراهن بين 40 ألف ليرة سورية و100 ألف ليرة، تبعاً لنوع وجودة الصنف.

وانعكس الحظر المفروض على عمليات دخول مادة "الفيول" من مناطق "قوات سوريا الديمقراطية"، إلى ريف حلب الشمالي، سلباً على عمليات استخراج فحم الحراقات ومخزونات المنطقة منها، ما تسبب شيئاً فشيئاً بارتفاع أسعارها وانقطاع الأنواع الجيدة منها في الأسواق المحليّة نتيجة زيادة الطلب عليها من قبل شريحة واسعة من الأهالي.

وبحسب "خليل" فإنّ "شوال" الفحم من الجيد "الخشن"، وزن 50 كيلو غرام، كان يُباع قبل شهرين بـ 2500 ليرة سوية، فيما ارتفع سعره الآن إلى 5000 ليرة.

وفي هذا العام اضطرت عائلاتٌ كثيرة-كما يقول "خليل"- إلى استخدام أنواعٍ أخرى من الفحم الحجري المستورد من تركيا، لكن سعره ارتفع أيضاً نتيجة لزيادة الطلب عليه، وتراجع قيمة الليرة مقابل الدولار، إذ كان الكيس الأزرق وزن 25 كيلو غرام منه يُباع قبل فترة بسعر 1500 ليرة سورية، بينما يُباع الآن بـ 2500 ليرة.


بدوره قال "محمد فواز" وهو ربُّ أسرة مؤلفة من 4 أفراد، ويقطن في مدينة "الباب"، في تصريح خاص لـ"اقتصاد"، إنّه لجأ إلى استخدام فحم الحراقات لكونه رخيصاً بالمقارنة مع باقي مواد التدفئة كالحطب والمازوت، إلاّ أنّ أسعاره تضاعفت مؤخراً، بسبب انقطاع دخول المواد النفطية الخام إلى المنطقة، وارتفاع سعر المازوت، ما دفع التجّار إلى احتكار كميات منه، ثمّ قاموا بعد ذلك برفع الأسعار إلى الضعف.

ويوجد صنفان من فحم الحراقات-كما يقول "فواز"- الخشن والناعم، إذ يتراوح سعر الكيلو غرام الواحد من الفحم الخشن بين 75 وحتى 110 ليرة سورية، والناعم بين 50 إلى 75 ليرة، وذلك حسب نوعه والكمية التي يتم شرائها من التاجر.

وعن مزايا فحم الحراقات في التدفئة، أشار "فواز" إلى أنّ فحم الحراقات يشتعل داخل المدفأة بطريقة سهلة من خلال وضع قطعة بلاستيكية أو خشبية صغيرة معه، كما أنّه يعطي درجة حرارة عالية أثناء الاشتعال، بالإضافة لبقائه مشتعلاً لمدّة طويلة داخل المدفأة.

ونوّه إلى أنّ استهلاك عائلته من فحم الحراقات طيلة فصل الشتاء، يقدّر بنحو طنٍ ونصف، وبسعر 120 ألف ليرة سورية، في حين تحتاج العائلة ذاتها إلى ما لا يقل عن 500 لتر من المازوت بسعر 325 ألف ليرة سورية، ومن الحطب نحو طنين بسعر 250 ألف ليرة.

ويستخدم فحم الحراقات ضمن مدافئ خاصة مصنّعة بغالبيتها محليّاً، وهي تختلف عن مدافئ الحطب أو المازوت المعروفة، حيث تتميز بأنّها مغلقة إغلاقاً محكماً مع وجود فتحات عديدة للتهوية، من أجل المساعدة على الاحتراق وطرد الروائح المنبعثة من جراء ذلك.


وتبقى للتدفئة بواسطة الفحم على اختلاف أنواعه آثارٌ سلبية على الجهاز التنفسي في الأماكن المغلقة، ولكن الحاجة وسوء الوضع المعيشي، وعدم وجود بديل يجعل معظم الأهالي في ريف حلب الشمالي، يرضخون للأمر الواقع، فيما ينصح الأطباء بضرورة مراعاة عدم تسرب الدخان من مدفأة الفحم عند تركيبها، إضافةً لعدم نوم الأطفال وبالأخص الرُضّع منهم بالغرفة التي تُوضع فيها المدفأة.

ترك تعليق

التعليق