غاز درعا.. لمحافظات أخرى


على الرغم من الوعود التي أطلقتها مؤسسات النظام، بحل أزمة نقص مادة الغاز المنزلي في عموم سوريا خلال فترة قصيرة، إلا أن شيئًا من هذا القبيل لم يحدث، بل على العكس من ذلك ازدادت الأزمة وضربت جذورها عميقاً.

وتشهد محافظة درعا مثل العديد من المحافظات السورية، منذ أكثر من شهرين، أزمة غاز خانقة، فُقد خلالها الغاز المنزلي من السوق السوداء، بالتزامن مع تناقص حصول العائلات على مستحقاتها الشهرية، من الغاز، عبر ما يعرف بـ "البطاقة الذكية"، التي بات لها هي الأخرى استخدامات جديدة، منذ مطلع شهر شباط الحالي.

وتعزو العديد من المصادر، نقص الغاز المنزلي في المحافظة، إلى تقصد النظام عدم منح بعض المحافظات، ومنها درعا، حاجتها اللازمة من الغاز عبر ما يعرف بالبطاقة الذكية، وتحويل قسم من مخصصاتها الشهرية، إلى المحافظات الأكثر ولاء لنظام الأسد، إضافة إلى السرقات التي تخضع لها هذه المادة من قبل مسؤولي النظام، لبيعها في السوق السوداء بأسعار عالية بهدف جني الأرباح.

وتساءلت تلك المصادر إذا كان هناك فعلاً نقص في مادة الغاز، نتيجة الحصار، وقلة الإنتاج بسبب ظروف الحرب، كما تتذرع مؤسسات النظام.. فمن أين يظهر إذًا الغاز في السوق السوداء على مدار الوقت؟، ويباع بأضعاف أسعاره الحقيقية!

واتهمت المصادر، وعدد من الأهالي، مؤسسات النظام، بالكذب والتسويف وتقديم الذرائع والحجج الكاذبة، للهروب من مسؤولياتها تجاه المواطن، لافتة إلى أن استلام جرة غاز على البطاقة الذكية، الذي يفترض أن يتم كل 23 يوماً، ما هو إلا كذبة لتخدير الناس، وجعلهم يعيشون على آمال كاذبة.

وقالت المصادر، إن المواطن العادي، بالكاد يحصل على حصته عبر البطاقة الذكية كل شهرين مرة، وأحياناً يضطر إلى الانتظار أكثر من ثلاثة أشهر، حتى يحصل على اسطوانة غاز.

ويشير "أبو محمد"، 40 عاماً، وهو موظف من الريف الغربي، إلى أنه اضطر لشراء اسطوانة غاز الأسبوع الماضي بـ 18 ألف ليرة سورية، من السوق السوداء، لافتاً إلى أن الاسطوانة كانت ناقصة الوزن، نحو 2 كغ من المادة السائلة.

وأشار إلى أن "البائع يخبرك بالنقص، وإلا بلغ سعر الاسطوانة أكثر من 20 ألف ليرة سورية، في حال كان وزنها طبيعي أي 24 كغ"، موضحاً أن قلة كمية الغاز المتوفرة، سمحت لتجار السوق السوداء، بالتحكم في رقاب العباد، وفرض ما يريدون من أسعار، في ظل غياب المحاسبة والرقابة، من قبل سلطات النظام، التي ما زال وجودها شكلي، في معظم مناطق المحافظة.

فيما أكد "أحمد . س"، 55 عاماً، وهو صاحب مطعم، في ريف درعا الأوسط، أنه أوقف عمليات بيع الفروج المشوي والشاورما، في مطعمه، وأبقى على بيع الفلافل، وباقي المأكولات الشعبية، وذلك لعدم تمكنه من تأمين مادة الغاز، موضحاً أن مادة الغاز مفقودة في المحافظة منذ أكثر من أسبوعين.

وأضاف أنه عندما ستنفذ ما لدية من اسطوانات غاز يستخدمها في صناعة الفلافل، سيضطر لإغلاق محله، لعدم وجود بدائل متوفرة، مشيراً إلى أن إغلاق محله، سيترتب عليه توقيف مصادر رزق، خمسة عمال يعملون لديه في مطعمه وكلهم يعيلون أسراً، كما يقول.

من جهته، أكد "سليم. ر"، 45 عاماً، وهو معلم شاورما في أحد المطاعم، أنه منذ عشرة أيام متوقف عن عمله، لعدم توفر مادة الغاز في الأسواق، لافتاً إلى أن اسطوانات الغاز كان يتم الحصول عليها سابقاً بالسوق السوداء، بنحو عشرة آلاف ليرة سورية، لكن الآن غير متوفرة، ووصل سعرها إلى 19 و20 ألف ليرة سورية.

وأضاف أن الأهالي عادوا إلى استخدام البدائل الأخرى في عمليات الطهي من حطب، ومازوت، رغم ضررهما، كما خففوا من عمليات الطهي إلى حدودها الدنيا، لعدم توفر الغاز، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، التي مازالت تحلق عالياً.

إلى ذلك أشار أحد المعتمدين، إلى أن هناك نقصاً كبيراً في مادة الغاز من المصادر الحكومية، لافتاً إلى أن لديه 500 بطاقة ذكية، لكن المؤسسة ترسل له 200 اسطوانة كل 23 يوماً.
 
وأضاف أنه يضطر إلى توزيعها حسب دور نظّمه هو بنفسه حسب المتوفر، ما يعني بقاء 300 بطاقة دون غاز، فيضطر إلى تأجيلها إلى المرة اللاحقة، مضيفاً أن من استلم في الدفعة الأولى، سيضطر إلى الانتظار نحو شهرين، حتى يستلم مرة أخرى، وهو إجراء ليس هو المسؤول عنه، حسب وصفه.

يشار إلى أن عدد البطاقات الذكية في محافظة درعا، وفق بعض المصادر التابعة للنظام، يتجاوز الـ 215 ألف بطاقة، وهذه البطاقات تحتاج إلى نحو 300 ألف اسطوانة غاز شهرياً، لكن ما يتم توزيعه لا يتجاوز الـ 100 ألف اسطوانة شهرياً، لعدم توفر المادة، بسبب الحصار، كما يدعي مسؤولو النظام، فيما الواقع يؤكد أن النقص سببه أن حصة المحافظة، تذهب إلى محافظات أخرى أكثر قرباً من النظام.


ترك تعليق

التعليق