لأنها بطاقة ذكية.. أنت في مشروع دمر، واسطوانة الغاز في رنكوس


لم يعد المشهد الاقتصادي في سوريا وتعقيداته مثيراً للسخرية فقط بل وصل حد الألم المبرح لما وصل إليه السوري من نكبات وذل، وباتت ألاعيب مسؤولي النظام ومحاولات تغطية عجزهم مفضوحة ومخزية كما يردد أغلب مؤيديه ومناصريه.

ذهول

تناقلت مواقع التواصل صورة لسيارة توزيع الغاز في مشروع دمر محشوة باسطوانات الغاز المملوءة على غير العادة، ولكن الأغرب أنها تأتي لمدة ثلاثة أيام وتنتطر ثم تعود دون أن توزع أية جرة غاز، وبحسب صاحبها فقد سلمّ 6 اسطوانات فقط، وأما السبب حسب المنشور المرفق بالصورة: "عدم ورود رسائل من شركة تكامل بأسماء المستحقين، وسط ذهول المواطنين الذين لا يعرفون ما الذي يجري".

أما شركة "تكامل" فهي الشركة التي تشغل البطاقة الذكية وآلية توزيع المواد المدعومة من النظام كالسكر والرز وأيضاً اسطوانات الغاز، وهي التي أربكت فيما يبدو عن عمد أدوار الاستلام وصنعت فوضى كبيرة وسط مطالبات بإلغائها والعودة للتوزيع حسب قوائم كان يديرها المخاتير والبلديات.

المعلقون على قصة السيارة ذكروا قصصاً مشابهة في مناطق عدة وعدم وصول رسائل التسليم: "صرلي شهر وعشرة ايام ما اخدت جرة. وعندي هلأ جرتين فاضيين والله اعلم ايمتى بدن يتكرمو علينا ويبعتولي الرسالة. لنشوف وآخرتها شو بدو يصير".

معقلون تحدثوا عن هذه الفوضى بغرابة لأنهم استلموا الرسالة ثم تم الغاؤها: "والأغرب ويحتاج تفسير بعد ما إجت رساله للاستلام رجعو بعتو رساله بإلغاء الاستلام شو السبب!!!؟".

لصوص أم أغبياء؟

مواطنون آخرون أعادوا المشكلة إلى غباء الشركة المشغلة للبطاقة الذكية، وأنها مشروع فاشل ينضم إلى سلسلة مشاريع التوزيع الفاشلة: "مشاريع فاشلة وراها مشاريع فاشلة من مبتكرين فاشلين زادوا هم المواطن هم وايمتى الفرج لا أحد يعلم".

فيما رأى البعض أن القصة كلها مجرد سرقة علنية من مصلحتها خلق الفوضى: "مسخرة وقلة حيلة شكلهن ماعم يعرفو كيف السرقة بدا تظبط معهن"، لكن أحدهم كان له رأي آخر بالبحث عمن يقف وراء هذه الشركة: "القضيه مو قضية غاز شوفو مين صاحب شركة تكامل وقديش عم ياخد على كل برنامج من وقت البطاقه (الغبيه) لحد الأن".

الجرة في رنكوس

المفارقة العجيبة أن البطاقة الذكية يجب أن تحدد للمواطن مكان المعتمد واسمه وعنوانه حيث يجب أن يتوجه المواطن إلى أقرب معتمد ليستلم اسطوانته، ولكن المفاجئ أن المواطن القاطن في المدينة يستلم اسطوانته من الريف البعيد.

أحد المواطنين علق على هذه المفارقة وهو من سكان مشروع دمر: "انا بعتولي رسالة الموزع برنكوس"، وللتأكد من ذلك اتصل "اقتصاد" ببعض المواطنين في ريف دمشق الغربي فكانت الإجابات مذهلة، إذ تقول "أم علي" من جديدة عرطوز: "بعد انتظار وصلتني الرسالة وكان المعتمد في دف الشوك وعندما وصلت إليه بعد معاناة مع العنوان والمواصلات أجابني أن دوري بعد يومين".

"أبو محمد" من ريف دمشق الغربي يقول لـ "اقتصاد": "المعاناة ليست في بعد المكان بل في التكلفة الكبيرة للحصول على جرة الغاز فسعرها حسب البطاقة 2600 ليرة فإذا كنت ستستلمها من دف الشوك فهذا يعني أنك ستدفع أجرة سيارة 4000 ليرة لايصالها إلى بيتك في جديدة عرطوز فالأولى أن تشتريها من السوق السوداء بـ 10 آلاف ليرة وهي متوفرة".

هي حكايات الذل والامتهان التي يمارسها النظام بحق السوريين الباحثين عن بقايا حقوقهم وإنسانيتهم في بلد حوّله اللصوص والقتلة إلى خراب مقيم.

ترك تعليق

التعليق