الاقتصاد يرتجف على وقع التصعيد التركي في الشمال السوري


تركت التطورات العسكرية الأخيرة في الشمال السوري، والمتمثلة بالتدخل العسكري التركي إلى جانب فصائل الجيش الحر، أثرها على اقتصاد النظام السوري، حيث راح المسؤولون يستثمرون هذا التدخل، لتقديم تبرير إضافي للتقصير الحكومي في تلبية الاحتياجات المعاشية للمواطنين.

وبالأمس، دعت حكومة النظام التجار لاجتماع في مبنى مجلس الوزراء، برئاسة عماد خميس، والذي استمر لأكثر من خمس ساعات، بحسب صحيفة "الوطن" الموالية، وبدا واضحاً أن النظام يريد أن يستثمر بالتدخل العسكري التركي الأخير، من أجل الإعلان عن عجزه في الايفاء بالتزاماته التي قطعها في وقت سابق للتجار ورجال الأعمال، عندما وعدهم بالدعم المطلق، واستثنائهم من القرارات الاقتصادية الجائرة المتضمنة في المرسومين 3 و 4 اللذين أصدرهما بشار الأسد مطلع العام الحالي، ويجرمان التعامل بغير الليرة السورية، لكن اتضح فيما بعد، أن النظام أطلق وزاراته وجهاته المعنية، لكي تفسر كل منها المرسوم على "قد فهما".. فاستنفرت كل من وزارات الداخلية والمالية والعدل، التي أطلقت رجالها صوب التجار ورجال الأعمال، إذ سرعان ما أعلنت عن اكتشاف عدد كبير منهم بوصفهم من المتعاملين بغير الليرة السورية، وبالتالي يستحقون عقوبة السجن، كما هي واردة في المرسوم.

وخلال الاجتماع المشار إليه، توجه حاكم المصرف المركزي، حازم قرفول، للتجار، بالقول، إن الكرة الآن في ملعبهم وليس في ملعب الحكومة كما يرون، متهماً إياهم بأن الواحد منهم لا يحتمل أن تبقى الليرة في جيبه إلى اليوم التالي، إذ سرعان ما يقوم بتحويلها إلى دولار، وهو ما يضعف من وضع الاقتصاد والعملة على حد سواء، حسب قوله.

وكان الحاكم قد انتقد التجار في بداية حديثه، متهماً طروحاتهم بأنها غير منطقية في ما يتعلق بفتح باب الاستيراد وعدم تقييده، متسائلاً: "هل يعقل أن يكون فتح باب الاستيراد هو الحلّ لتخفيض الأسعار؟"، ثم توجه للتجار بالقول: "من لديه حلّ لوضع سعر واحد للدولار فنحن جاهزون للأخذ به".

أما محمد حمشو، أمين سر غرفة تجارة دمشق، فقد قال، إن على الحكومة، أن تضبط رجالها من أولئك الذين يلوحون بالعقوبات الواردة في مرسوم بشار الأسد، ويتوعدون التجار ورجال الأعمال بها، في إشارة إلى تصريح وكيل النيابة المالية بدمشق مؤخراً، والذي قال فيه إن شراء المستوردين القطع الأجنبي من السوق لتمويل مستورداتهم أمر ممنوع، ويعرضهم للسجن 7 سنوات مع أشغال شاقة، حتى لو كانت المواد المسموح استيرادها غير ممولة رسمياً.

واعتبر حمشو، أن هذا التصريح غير مسؤول أبداً، ويتعارض مع الاتفاق الذي جرى بينهم وبين الحكومة، طالباً من رئيس الوزراء أن يتحدث إلى وزير العدل من أجل إيقاف مدرائه عن إطلاق مثل هذه التصريحات.

وأشار حمشو إلى أن هناك تخوفاً وعدم ثقة بين الحكومة والتجار، والنتيجة أن رأس المال يتناقص، مؤكداً أن استقرار سعر الصرف هو الأساس للمحافظة على توازن السوق، وأردف قائلاً: "نحن نمد يدنا لشراكة حقيقية مع الحكومة، فارسموا لنا الخط ونحن نسير عليه".

بدوره افتتح عماد خميس الاجتماع بالحديث عن التحديات الجديدة التي تواجه الاقتصاد السوري، من حصار وعقوبات وأخيراً تدخل عسكري تركي، معتبراً أن القرارات الاقتصادية التي أصدرتها الحكومة، صحيحة بنسبة 90 بالمئة، وهي تراعي الظروف التي تمر بها البلد، بعكس ما يطالب به التجار، الذين اتهمهم بالتقصير وبأنهم هم من خلقوا اقتصاد الظل وليس الحكومة، في إشارة إلى التهريب.

واعتبر خميس أن ارتفاع الأسعار ليس سببه انخفاض قيمة العملة الوطنية، ولا حتى ارتفاع سعر الدولار، "بل سببه الحرب".

في موازاة ذلك، أشارت تقارير إعلامية، إلى أن حالة من الهلع والخوف تضرب الأسواق في مناطق الشمال السوري كافة، وفي محافظة الحسكة وحلب تحديداً، وذلك على وقع التصعيد العسكري التركي والتحركات الأمريكية في تلك المنطقة، لافتة إلى أن المحال التجارية تشهد ندرة واضحة في المواد الأساسية، نتيجة لعمليات الاحتكار التي يقوم بها التجار، تحسباً لحرب متوقعة، وبالتالي تحقيق المزيد من الأرباح.

وأشار ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، أن محافظة حلب بالإضافة إلى الغلاء الفاحش في أسواقها، فهي محرومة بشكل شبه كامل من الغاز والكهرباء والمازوت، ناهيك عن عودة الإزدحام على الأفران، وسط مخاوف إضافية من تصعيد عسكري كبير بين ميليشيا النظام والقوات التركية.

ترك تعليق

التعليق