راتب أسبوع أقل من تكلفة كيلو لحمة غنم


تفتقد أسواق العاصمة دمشق لأصناف وأنواع اللحوم الحمراء جراء ارتفاع حاد في أسعارها وكثافة عمليات تهريب المواشي إلى الدول المجاورة لا سيما لبنان منها.

وتزامناً مع تدني القدرة الشرائية لدى قاطني العاصمة يتواصل ارتفاع أسعار اللحوم يوماً بعد الآخر، حيث وصل سعر كيلو لحم الغنم إلى ١١ ألف ليرة سورية وكيلو لحم الخاروف إلى ١٣ ألف ليرة وكيلو لحم البقر ٧ آلاف ليرة وكيلو لحم العجل ٦ آلاف ليرة، بحسب ما قاله لـ "اقتصاد"، "شريف"، صاحب متجر صغير لبيع اللحوم في سوق باب سريجة.

وأضاف شريف أن تهريب اللحوم إلى خارج سوريا يُعد أبرز مخارج المُربين والتجار هرباً من جمود الأسواق المحلية وتكبدهم خسائر كبيرة بشكل يومي بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف التي بلغ سعر الطن الواحد منها ٤٧٥ ألف ليرة سورية إضافةً لفقدان مستلزمات البيطرة وارتفاع تكاليف تربية الأبقار ووقود التدفئة والنقل.

ويرى شريف ظاهرة التهريب أمراً خطيراً جداً، كون المهربين يقومون بتهريب الذكور والإناث مما يتسبب باستنزاف وفقدان الثروة الحيوانية على المدى القريب.

الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا أصدرت منتصف الشهر الماضي قراراً يقضي بمنع تصدير الأغنام من مناطق سيطرتها، الأمر الذي انعكس سلباً على أسواق دمشق كونها كانت الوجهة الأولى للتصدير عبر وسطاء محليين منذ سنوات، وأبرز البوابات الهامة لتأمين الإناث والبواكير.

انطلاقاً من مراكز الأسواق المركزية في المحافظات تبدأ عمليات تهريب المواشي إلى الدول المحيطة "لبنان - الأردن - العراق" بعد أن يتم بيعها وشراؤها بشكل سلس دون عواقب روتينية، ثم يتم نقلها إلى الحدود عبر ميليشيات الدفاع الوطني، ومنها تسلك المعابر الحدودية الرئيسية بتسهيل من عناصر الجمارك معتمدين طرق الاحتيال على القانون، وفقاً لما أكده لـ "اقتصاد"، "حسين"، وهو يعمل في سوق نجها بمحافظة ريف دمشق.

بدورها إدارة الجمارك العامة في نظام الأسد أكدت تمكنها من احباط ٨ عمليات تهريب مواشي على الحدود "السورية - اللبنانية" خلال الشهر الماضي لوحده، بينما تستمر دوائرها في الحدود الأردنية والعراقية بالتحفظ على بيانات إحباط محاولات التهريب، ما يُشير إلى إستمرار استنزاف موارد الثروة الحيوانية، دون رقيب.

"جهاد"، يعمل سائق تكسي عمومي، قال لـ "اقتصاد" إنّ المؤسسة السورية للتجارة تُعلن بين الآونة والأخرى عن توفر اللحوم الحمراء في صالاتها بسعر مدعوم "أي بنصف قيمة أسعار السوق"، إلا أنّ الصالات تنتهي من بيعها بغضون دقائق بسبب الإقبال الكثيف.

وأشار جهاد أنّه واحد من 83% من السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر بحسب تقييم احتياجات الأمم المتحدة لعام 2019، منوهاً أنّ مُرتبه الأسبوعي لا يتجاوز ١٠ آلاف ليرة سورية "أي أقل من سعر كيلو لحم الخاروف"، وأضاف أنّه ليس مضطراً لشراء لحوم قد تكون مغشوشة بلحوم أخرى كالديك الرومي والدجاج المفروم وهذه ظاهرة مستحدثة في ظل غياب وسائل وأدوات الرقابة الرسمية والتموين.

وانخفض استهلاك دمشق من اللحوم إلى أقل من ٧٠٠ ذبيحة يومياً بعد أن كان معدل الاستهلاك اليومي في العام الماضي نحو ١٥٠٠ ذبيحة وقبل العام ٢٠١١ حوالي ١٠ آلاف ذبيحة.

تبقى أسعار اللحوم ومدى توفرها هاجس أرباب الأسر في ظل عجزهم عن شرائها أو حتى وضعها في جدول مفاضلات الوجبات اليومية وسط غياب مؤسسات رسمية بات شغلها الشاغل فرض الأتاوات بحق التجار عوضاً عن تأهيل وتطوير معامل الأعلاف والعمل على رفع الانتاج ودعم المزارعين وتأمين الثروة الحيوانية وتمكين المستهلك المكلوم من شراء اللحوم ببساطة.

ترك تعليق

التعليق