قرار حكومي ينعش آمال السوريين المهدّدين بالترحيل في الدانمارك


قضية تهديد الدانمارك بترحيل اللاجئين السوريين إلى سوريا، والقرار الذي اتخذته الحكومة الدانماركية بهذا الشأن بحجة أن البلاد أصبحت "أكثر أمناً"، عادت إلى الواجهة مجدداً، مع صدور قرار قطعي من الحكومة بعدم إجبار أي سوري على العودة بما فيهم، المرفوضة طلبات إقاماتهم، من أبناء محافظة دمشق.

 وكانت دائرة الهجرة قد أعلنت في 27 شباط/فبراير 2019 في بيان لها أنها ستختار عدداً من الملفات من أجل تقييم ما إذا كان لا يزال هناك أسباب لمنح تصاريح الإقامة للسوريين، خاصة للقادمين من محافظة دمشق التي تقع تحت سيطرة النظام السوري.

 وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي قرر مجلس اللاجئين أن الحالة الأمنية في محافظة دمشق قد تحسنت كثيراً بحيث يمكن إعادة السوريين إلى بلادهم مرة أخرى. ومع ذلك أقر مجلس الإدارة أن الوضع لا يزال "خطيراً وهشاً ولا يزال من غير الواضح ما هي خطة الحكومة مع السوريين المرفوضين إذا كانوا لن يسافروا أو لا يمكن إرسالهم إلزامياً.

 وكان المجلس الدنماركي للاجئين، وهو منظمة حقوقية إنسانية، حذر سابقاً من إعادة اللاجئين قسرياً إلى سوريا خاصة في ظل الترويج الإعلامي "الخاطئ" بأن سوريا أصبحت بلداً آمناً لعودة اللاجئين بعد انتهاء القتال في العديد من المدن السورية.

 وما بين الشد والجذب لا تزال قضية إعادة اللاجئين من عدمها تتفاعل في الدانمارك على المستوى الرسمي والشعبي، فقد صرح رئيس وزراء البلاد للتلفزيون الدانماركي "ميت فريدريكسن" بحسب موقع TV 2 PLAY أن هذا القرار يرجع إلى حقيقة أن الدانمارك لا ترغب في إرسال رسالة خاطئة لنظام الأسد توحي بالتعاون معه، ولكن هذا لا يمنع من القول أن الحكومة الدانماركية ستناقش في المستقبل حلاً مشتركاً بشأن الإعادة القسرية للسوريين مع الشركاء الأوروبيين، بينما طالب الناطق باسم الخارجية سورين إسبيرسن (DF) بتفعيل قرار الإعادة لأنه "ليس لهم الحق في أن يكونوا هنا ويمكنهم العودة إلى (مكان هادىء وسلمي)"-حسب تعبيره-، وأن على طالبي اللجوء الذين لم يعودوا بحاجة إلى الحماية في الدانمارك أن يعودوا إلى بلادهم والشيء نفسه ينطبق –كما قال- على سوريا.

 وفي حين لم يتم ترحيل أي سوري من الدنمارك حتى تاريخه، إلا أن السياسات الدانماركية الجديدة بخصوص اللاجئين السوريين تعكس سوء فهم جوهري لخطر العودة إلى سوريا، علماً بأن إجراءات الدنمارك لا تهدّد اللاجئين داخل حدودها فحسب، بل إنها تشكل سابقة خطيرة لدول أوروبية أخرى فيها أعداد من اللاجئين-وفق ناشطين-.

وبدوره اعتبر المحامي المعني بشؤون اللاجئين في الدنمارك د. مصطفى نعوس أن ما ورد في قرار الحكومة الدانماركية مطبق ومعمول به بالنسبة للمرفوضة طلبات لجوئهم وحتى المحكومين جنائياً لا يتم ترحيلهم إذا كانوا سوريين، ولفت المحامي الذي يدير شركة قانونية دولية في "كوبنهاغن" في حديث لـ"اقتصاد" إلى أن المحكمة الدانماركية قررت ترحيل عدد من السوريين ممن ثبت دخولهم إلى سوريا ومع ذلك لم ينفذ القرار وبقي هؤلاء السوريون في مراكز الترحيل، وتم إعادة الإقامة لبعضهم والبعض ينتظر.

 وأردف أن الحكومة الدانماركية تنظر دائماً إلى تطبيق القانون الداخلي المتعلق بقانون اللاجئين Udlændingeloven بالتوازي مع الاتفاقيات الدولية التي أبرمتها الدنمارك والتي تلتزم فيها بعدم ترحيل اأي لاجىء.

 وعبّر محدثنا عن اعتقاده بأن الأمور القانونية تُطبّق على نحو عادل على الجميع وأن الدنمارك تطبق القانون الدولي والداخلي بنوع من التوازن المعقول على السواء مع الدول الأوربية الأخرى في الاتحاد الأوروبي.

 ودعا د. نعوس إلى ضرورة توجه اللاجئين الدائم إلى الاندماج مع مجتمع متقدم بتعلم اللغة والاستفادة من الفرص العلمية والتعليمية والأكاديمية والعملية في كل المجالات لأنها فرصة ذهبية للجميع للتعلم في جو من الأمن والأمان.

 وتابع المصدر أن تعلم اللغة والعمل كذلك هو السبيل للحصول على الإقامة الدائمة والجنسية، وعلى اللاجئين-كما يقول- الابتعاد عن القال والقيل، وبذل الجهود من أجل ذلك.

وكان اللاجىء السوري "زاهر سلامة" قد ربح دعوى أمام المحكمة العليا للاجئين højesteret مع 6 عائلات أخرى تم تهديدهم بالترحيل إلى سوريا، في كانون الثاني من العام الحالي، وهو القرار الأول من نوعه الذي اتخذته الدانمارك دون دول الاتحاد الأوروبي الأخرى تماشياً مع سياستها الجديدة حيال اللاجئين السوريين.

 وبعد أن أنجز الصحفي السوري "دحام الأسعد" فيلماً وثائقياً بعنوان "تذكرة ذهاب بلا عودة" تحولت قضية "زاهر سلامة" إلى قضية رأي عام مما ساهم في قرار منع الترحيل.

 وروى الأسعد لـ"اقتصاد" أن فيلمه القصير بُث على قناة "فرانس 24" بعدة لغات ونال جائزة الإعلام للهجرة عن فئة الفيديو 2019، التي أعلن الاتحاد الأوروبي عنها مؤخراً. وأثناء أحد نقاشات الفيلم سأل رئيسة المركز الدانماركي للاجئين: "كيف تضعون أيديكم بيد نظام قاتل وديكتاتوري –حسب التصنيف الأوروبي-"، وبعد يومين من عرض الفيلم ومشاركته من قبل منظمات لحقوق الإنسان في الدانمارك وأوروبا عامة تواصلوا معه لأخذ شهادته وشهادة الأشخاص الموجودين في الفيلم كما تواصلوا مع الحكومة الدانماركية مما أثر –كما يقول- على قرار العودة إلى سوريا وتم إبقاء اللاجىء "زاهر" في الدانمارك وعدم ترحيله بشكل قسري كما كان متوقعاً بقرار من المحكمة.

ترك تعليق

التعليق