هل يضبط الاقتصاد حدود التوتر التركي - الروسي في إدلب؟


أظهرت التطورات العسكرية في إدلب، وتحديداً بعد مقتل عشرات الجنود الأتراك في ريف إدلب، جانباً من الخلافات العميقة بين تركيا وروسيا، وبدت العلاقات فيما بينهما وكأنها انتقلت من حالة التنسيق والتحالف، إلى حالة صراع غير معلن.

لكن وبالمقابل، بدت روسيا بعد التحركات العسكرية التركية الواسعة في إدلب، وكأنها أقرب إلى الحياد، ما أثار تساؤلات عن أسباب تغير السلوك العسكري الروسي في إدلب.

مراقبون اعتبروا أن ما يبدو حياداً عسكرياً من جانب روسيا في إدلب، أو تجنباً لأي اشتباكاً مباشرٍ مع القوات التركية، مرده إلى خشية روسيا من زيادة تأزيم علاقتها مع تركيا، وهو ما سيؤثر سلباً على المصالح الاقتصادية الروسية.

الباحث بالشأن الروسي، والأكاديمي محمود حمزة، قال لـ"اقتصاد" إن "لروسيا مصالح قوية وكبيرة مع تركيا، وتحاول روسيا بما تستطيع زيادة الضغط على تركيا في إدلب، لتحصيل أكبر قدر من المكاسب، لكن دون السماح لهذا التوتر بأن يتحول إلى صدام مباشر".

وموضحاً، أضاف حمزة: "الصراع اليوم في إدلب، هو صراع على سوريا ككل، أي ما يبدو صراعاً على مناطق في إدلب، هو صراع أوسع من هذا الحيز الجغرافي".

وتابع قوله، بأن من الممكن أن تتنازل روسيا عن فرض سيطرة النظام على إدلب، لكن بثمن. مضيفاً: "لن تسكت روسيا إلا إذا تم القضاء على جبهة النصرة بشكل كامل، ما يعطي موسكو فرصة للانتقال إلى بقية المناطق".

وأنهى بقوله: "الصراع في إدلب مستمر، إلى حين وصول التوتر التركي/الروسي إلى درجة الخطر الحقيقي، وحينها سيتم الاتفاق، والتوصل إلى تهدئة في روسيا".

رئيس "مجموعة عمل اقتصاد سوريا"، الدكتور أسامة قاضي، أشار في حديثه لـ"اقتصاد" إلى أهمية العامل الاقتصادي في الحسابات التركية/الروسية.

وذكر أن التبادل التجاري الروسي/ التركي وصل لحوالي 25.7 مليار دولار في العام 2018، فيما يُنتظر أن يصل لـ 100 مليار دولار.

وكذلك أشار إلى مشروع خط غاز السيل الأحمر "ترك ستريم" الذي تم افتتاحه بعد ست سنوات من العمل الشاق، مضيفاً أن "هذا المشروع الضخم، يعد أحد الضمانات الرئيسية لعدم وقوع تصادم روسي تركي قي سوريا".

وأوضح قاضي، أن الخط يؤمن 53 في المئة من احتياجات الغاز لتركيا، إلى جانب كميات ضخمة من الغاز المعد للتصدير إلى دول جنوب وشرق أوروبا، منهياً بقوله: "لاشك أن الصفقة قادمة بين الطرفين الروسي والتركي في سوريا، وننتظر لقاء أردوغان/بوتين يوم الخميس المقبل".

يذكر أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أكد الاثنين أنه سيتوجه إلى موسكو في 5 آذار الجاري، للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين، لبحث التوتر بين البلدين في إدلب.
 
وأردف قائلاً: "نسعى لتفعيل كافة القنوات الدبلوماسية إلى جانب كفاحنا الميداني، من أجل إنجاح العملية بأسرع وقت، ووقف نزيف مزيد من الدماء".

ترك تعليق

التعليق