موجة الهجرة إلى أوروبا تنعش "السماسرة" في إسطنبول


شكّل تجمع اللاجئين السوريين وغيرهم من الجنسيات الأخرى عربية كانت أم غير عربية، فرصة ذهبية للـ "السماسرة" الذين باتوا ينتشرون بكثرة بين المهاجرين الراغبين بالإنطلاق نحو الحدود التركية اليونانية، للتجمع هناك ومن بعدها ستكون الوجهة الرئيسة هي أوروبا.

ومن يتجول في ساحة "أكسراي" والتي تقع في مركز إسطنبول، يلاحظ انتشار "السماسرة" بين المهاجرين داخل الحديقة الكبيرة والتي هي نقطة تجمع وانتظار الحافلات التي ستقل المهاجرين نحو ولاية أدرنة الحدودية مع اليونان.


ويضاف إلى ذلك أن هؤلاء "السماسرة" وجدوا أنه لا بد من التمركز في الحديقة ووضع "طاولة صغيرة" مكتوب عليها التسعيرة اللازمة لنقل الأشخاص إلى أدرنة، وهؤلاء "السماسرة" حسب ما رصد "اقتصاد" هم من الأتراك، في حين أن "السماسرة" العرب وخاصة من السوريين فإنهم يتجولون بين المهاجرين ولا يسمح لهم بوضع طاولة والتمركز بجانب الأتراك في الحديقة.


"براء الخضور" شاب سوري من إدلب، كان من بين الذين ينتظرون في حديقة "أكسراي" من أجل التوجه إلى الحدود اليونانية، أخبرنا أن "هناك نسبة كبيرة من السماسرة بدأت بالانتشار بعد أن توقف نقل المهاجرين عن طريق الحافلات التي كانت تقلهم بشكل مجاني منذ الإعلان عن سماح السلطات التركية بذلك. أما اليوم فالجميع بات يطلب النقود من اللاجئين والمهاجرين هنا".

وأضاف "الخضور": "أصحاب الحافلات يطلبون 70 ليرة تركي على الشخص الواحد، لكن أنا أفكر بالتوجه صوب (كراج الأوتوغار) من أجل أن أنطلق من هناك كونهم يطلبون على الشخص الواحد 60 ليرة تركية فقط".

وفيما تطلب "الحافلات الصغيرة" من الشخص الواحد من أجل نقله إلى الحدود اليونانية، 80 ليرة تركية، تطلب السيارات الخاصة 200 أو 250 أو 300 ليرة تركية على الراكب الواحد، حسب مصدرنا.

ويحاول "السماسرة" استغلال حاجة اللاجئين والمهاجرين ومحاولة إقناعهم وبيع الأوهام لهم بأنه من الممكن إيصالهم إلى نقطة حدودية من أجل الدخول إلى اليونان بطريقة غير شرعية لكنها مضمونة، دون أن يتم إرجاعهم.

وقال "الخضور" إن "كثيراً من السماسرة تجدهم يتجولون بيننا هنا في الحديقة ويحاولون إقناعنا بأنه إذا دفع الشخص الواحد منا 500 ليرة تركية فإن دخوله إلى اليونان سيكون مضموناً 100%، ولكن عندما يصل الشخص إلى النقطة المطلوبة يتضح أن الأمر فيه كذب وتهويل وبالتالي السمسار يتخلى عنك ويتركك هناك لتلاقي مصيرك لوحدك، وقد حدث هذا الأمر مع كثيرين".

وتُقدّر نسبة انتشار "السماسرة" في حديقة "أكسراي" بنسبة 70%، ومن أجل ذلك يناشد اللاجئون السوريون أن تتحرك منظمات المجتمع المدني والمنظمات الإغاثية لمد يد العون وتأمين الحافلات لنقل الراغبين بشكل مجاني إلى الحدود مع اليونان منعاً لاستمرار  استغلال "السماسرة" لهم.

سوري آخر قال لـ "اقتصاد" إنه "في كل دقيقة هناك سمسار يتوجه نحو أي مجموعة يجدها تنتظر في الحديقة ويعرض عليهم أن يقوم بنقلهم  إلى الحدود اليونانية مقابل 150 ليرة أو 200 ليرة تركي، من إسطنبول إلى أدرنة".

وأضاف مصدرنا أن "الناس التي تتجمع هنا في الحديقة أعصابها تالفة جداً وتحاول أن تجد من يساندها ويقف إلى جانبها وخاصة العائلات التي معها أطفال، وهنا يأتي دور السمسار ليستغل حاجتهم الماسة للتوجه إلى الحدود اليونانية ويبدأ بفرض شروطه عليهم، وهم مجبرون للقبول بذلك، إلا أن المصيبة تكون عندما تصل تلك العائلة إلى الحدود لتجد أن ما تم الاتفاق عليه مختلف تماماً عما هو عليه على أرض الوقائع، ولكن الندم لا ينفع بعد أن يكون السمسار قد قبض من تلك العائلة المبلغ الذي يقدّر أحياناً بحدود 1000 ليرة تركية وأحياناً أكثر، وفي كثير من الأحيان يقوم هذا السمسار برمي تلك العائلة على قارعة الطريق دون أن يكون لتلك العائلة حول أو قوة".

ولا يقتصر وجود "السماسرة" على منطقة "أكسراي" فحسب، بل من الممكن أن تجدهم في مناطق أخرى مثل "منطقة اسنيورت" والتي هي نقطة تجمع كبيرة للسوريين، وأيضاً يعملون على محاولة إقناع الناس ومحاولة الاحتيال عليهم، حسب مصادر من المنطقة.

وقال أحد السوريين لـ "اقتصاد"، إن "السماسرة تطلب من السوريين 250 أو 300 ليرة تركي على الشخص الواحد من أجل إيصاله إلى نقطة حدودية على أساس أنها مضمونة للدخول، ولكن عندما يصل الشخص أو العائلة يكون الكلام مختلفاً تماماً، وعندما تريد العودة من حيث أتيت فإنهم يطلبون 300 ليرة تركي على الشخص الواحد".

وقال مصدرنا إن "غالبية السماسرة هم من الأتراك وهناك نسبة قليلة من السوريين، وجميعهم يحاولون الاحتيال على المهاجرين عن طريق محاولة إقناعهم بأنه سيتم نقلهم إلى آخر خط عند النقطة الحدودية تماماً، ولكن هم في الحقيقة يقومون برمي الأشخاص في أماكن غير معروفة ما يجبر اللاجئين على العودة".

وأوضح مصدرنا أيضاً أن "هناك نسبة من غير السوريين يقبلون بشروط السمسار ويدفعون له ما يريد. ويقوم السماسرة، بشكل كبير، باستغلال الأفارقة المتوجهين إلى أوروبا أيضاً. وقد حاولت أن أقنعهم بعدم القبول بشروط هؤلاء السماسرة لكن دون جدوى".


ولدى محاولة التحدث مع أحد "السماسرة" الأتراك المنتشرين في حديقة "أكسراي" رفض الإدلاء بأي تصريح صحفي وتوضيح الأسعار وآلية نقل المهاجرين، مشيراً إلى أنه في حال كنا نرغب بالذهاب إلى الحدود فإنه مستعد لنقلنا بسعر نتفق عليه، أما إجراء لقاء صحفي فهو أمر مرفوض بالنسبة له ولغيره من السماسرة.

وتغيب الجهات الرقابية الضابطة عن مسألة انتشار "السماسرة" واستغلال حاجة اللاجئين والمهاجرين إلى أوروبا، وفق ما أخبرتنا مصادر موجودة في المنطقة، والتي اعتبرت أن وجود هؤلاء "السماسرة" هو غير شرعي، لكن لا يوجد هناك من يشتكي كون الغالبية همها أوروبا فقط.

وتؤوي تركيا ما يقرب من 4 ملايين لاجئ سوري وفق مصادر رسمية، في حين أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قال السبت، إن "تركيا ستبقي أبوابها مفتوحة أمام اللاجئين الراغبين في التوجه إلى أوروبا"، مؤكداً أن "تركيا لا طاقة لها باستيعاب موجة هجرة جديدة".

ترك تعليق

التعليق