عزل أسطح المنازل.. تقنية جديدة تبدأ بالانتشار في "القلمون"


اتجه قسمٌ كبير من أهالي منطقة القلمون الشرقي بريف دمشق، في الآونة الأخيرة، إلى استخدام تقنيات جديدة في عملية عزل أسطح المباني والمنازل السكنية المكشوفة، وذلك للتخلص من مشاكل الرطوبة وتسرب مياه الأمطار التي تزداد نسبتها كثيراً في فصل الشتاء.

وحول هذا الموضوع قال "أبو أحمد" وهو أحد الفنيين المتخصصين في عزل أسطح المنازل السكنية، من أبناء مدينة "الضمير"، إنّ فصل الشتاء يسبب مشاكل لكثير من العائلات التي تقطن في أبنية سكنية قديمة في أنحاء متفرقة من منطقة "القلمون" بشقيه الشرقي والغربي، الأمر الذي كان –وما يزال- يدفعهم إلى استخدام العديد من التقنيات التقليدية غير الفعالة للتغلب على مشاكل "النش والرشح" الناجمة عن مياه الأمطار.

وأضاف في تصريح خاص لـ"اقتصاد"، قائلاً: "تقوم التقنية الجديدة في مجال العزل على استخدام العوازل ذات التركيبة الأكرليكية المائية في العزل، وهي مواد أوليّة أوربية ذات جودة عالية، وتأتي بألوان مختلفة (أزرق، أحمر، أخضر، أصفر شفاف، موف)، وقد أثبتت فاعليتها في وضع حدٍ لعوامل الرطوبة التي تعاني منها أغلب منازل منطقة (القلمون) التي تكثر فيها الأمطار خلال فصل الشتاء".

وبحسب "أبو أحمد" فإنّ المواد العازلة المستخدمة حالياً في منطقة "القلمون" تقسم إلى نوعين: العازل الإسمنتي ويُباع بسعر 4000 ليرة سورية، للسطل الواحد بوزن 5 كيلو غرام، ويغطي نحو 5 متر مربع، والعازل الأكرليكي المطاطي وهو الأكثر استخداماً ويقدر سعر البرميل وزن 27 غرام منه بـ 30 ألف ليرة، ويغطي نحو 30 متراً مربعاً، فيما تُقدر تكلفة وأجرة عزل المتر المربع الواحد بشكلٍ تقريبي بـ ١٠٠٠ ليرة سورية.

واستدرك قائلاً: "تتوفر المواد العازلة بتركيبتين؛ فبعضها مخصص لعزل الرطوبة فقط، وبعضها الآخر لعزل الرطوبة والحرارة في آنٍ واحد، ما يُوفر الكثير من تكاليف التدفئة والتبريد على صاحب المنزل".


خطوات عزل الأسطح

وعن طريقة العزل المائي أوضح "أبو أحمد" أنّها تحتاج إلى فنيين مختصين لتحديد مشاكل الرطوبة ومكامنها ومن ثمّ اختيار نوع وتركيبة العازل المناسب لها، شريطة التقيد بما يلي: تنفيذ عملية العزل في الأيام المشمسة، تنظيف الأسطح المراد عزلها جيداً من الغبار والأتربة، إغلاق جميع الشقوق والفسوخ السطحية، بعدها تُحلّ المادة الأكرليكية العازلة بالماء بنسبة ٤٠ % لطبقة الطلاء الأولى و٢٠% لطبقة الطلاء الثانية.

وتمتاز المواد الحديثة المستخدمة في عمليات العزل بقوتها وشدّة التصاقها؛ فهي تشكل طبقة جيلاتينية مضمونة لحماية الأسقف وخزانات الماء والمسابح من العوامل الجوية، وتمنع عودة "النش والدلف" نهائياً، ناهيك عن كونها أوفر من وسائل العزل الأخرى التقليدية مثل: البلاط والزفت.

وأشار "عمر محمد" وهو فنيٌ آخر من منطقة "يبرود" ويعمل في مجال العزل المائي، في حديثه لـ"اقتصاد" إلى أنّه قام بعزل العديد من أسقف المنازل الشامية القديمة وأسقف القرميد وفواصل التمدد مع ورشته في مناطق متفرقة من دمشق وريفها، وأوضح في الوقت نفسه أنّ "عملية العزل لا تقتصر على الأسطح البيتونية المكشوفة فحسب، وإنما تشمل أيضاً جدران الواجهات الخارجية، الأساسات والجدران الإستنادية، مما يؤمن لها حماية من العوامل الجوية".

وأضاف أنّ "عملية العزل تتم عبر طبقتين الأولى: عازل مركب مؤلف من بودرة وسائل، والثانية عازل مطاطي أبيض عاكس، حيث يتم طلاء الطبقتين بسماكة تصل إلى 2مم على أقل تقدير، أمّا التكلفة فتختلف بين منتج وآخر؛ فمثلاً هناك مواد عازلة يُباع البرميل وزن 14 كيلو غرام، الواحد منها بسعر 26 ألف ليرة سورية، ويغطي مساحة 70 متراً مربعاً، وهناك مواد وزن البرميل الواحد منها 12 كيلو غرام، ويُباع بسعر 16 ألف ليرة، ويغطي ٣٠ متراً مربعاً".

وقدّر "محمد" سعر تكلفة وأجرة المتر الواحد بشكلٍ وسطي ما بين 2000 إلى 2500 ليرة سورية، لكل متر مربع، وهذه القيمة تختلف بحسب نوع المادة العازلة المستخدمة وطبيعة السقف والتشققات التي فيه والتي تساهم بدورها بارتفاع أو انخفاض التكلفة.

ولفت أيضاً إلى أنّ هناك أنواعاً أخرى من المواد العازلة المائية التي تدوم لسنوات طويلة-5 سنوات وأكثر- إلاّ أنّها أكثر تكلفة مثل العوازل الألمانية التي تمتاز بأنّها عوازل طويلة الأمد، فضلاً عن كونها مقاومة للصقيع والجليد والمياه والحرارة، ولحركة البناء بنسبة تصل إلى نحو ١٠٠٠%.


ترحيب

ولاقت هذه التقنية الجديدة في عزل الأسطح وإنهاء مشاكل الدلف والرشح المائي، استحسان شريحة واسعة من أبناء منطقة "القلمون" الذين كانوا يعانون من مصاعب صحية ومادية جمّة نتيجة تسرب المياه أثناء موسم الأمطار.

ووفق "أبو عدنان" وهو ربّ أسرةٍ من أبناء مدينة "الرحيبة"، فإنّ العزل المائي خلصه من الآثار السلبية للرطوبة، حيث عانى وعائلته لسنوات طويلة من عوارض صحية-تنفسية، إضافةً إلى مشاكل الملوحة والرشح الناجمة عن تسرب المياه عبر السقف والجدران خلال فصل الشتاء.

وأوضح لـ"اقتصاد" قائلاً: "كان لابدّ لي في كل عام من اتخاذ بعض التدابير لوقف تسرب المياه؛ فتارةً كنت أقوم بملء الشقوق بمادة الزفت المخلوط مع قليلٍ من رمل المازار، وتارةً أخرى كنت ألجأ إلى صبِّ سطح المنزل بخليطٍ مكون من إسمنت أبيض ومادة (البولي بوند)، لكنّ ذلك لم يمنع الرطوبة من الوصول إلى الجدران وأسقف الغرف".

وألحقت الرطوبة-كما يقول أبو عدنان- أضراراً بصحة أطفاله، فضلاً عن اضطراره لإعادة عملية طلاء المنزل سنوياً وتحمل أعباء ومصاريف مالية إضافية، إلاّ أنّ لجوءه إلى استخدام العازل المائي قبل نحو عامين أزاح عنه كلّ تلك المشاكل والأعباء التي لازمته في الأعوام الماضية.


ترك تعليق

التعليق