البصل بـ 850 ليرة.. ورباعية الذل والانتظار


لا حديث لسوريي الداخل سوى الغلاء، وفقدان الكثير من أساسيات حياتهم، والانتظار الطويل من أجل الحصول على طعام أبنائهم ودفئهم الذي غاب هذا الشتاء بسبب انقطاع المواد البترولية وغلائها.

وسائل التواصل تعج بالأسئلة الساخطة، واتهام حكومة النظام بالفساد وهو أقصى ما يمكن أن يوجهونه في ظل القبضة الأمنية الشديدة، ولكن ضيق الحال يخرج بعضهم عن خشيته، وأما الحاجات فهي أكبر من أن تحصى.

رباعية الذل

وضعت إحدى الصفحات المحلية قائمة بأربعة مشاكل عسيرة في إحدى أهم ضواحي العاصمة (قدسيا) وطلبت من متابعيها تذكر المشاكل الأخرى، وأما القائمة الرئيسية فتضم عدم توفر المازوت ودور الغاز الطويل وغلاء أسعار الخضار والانتظار على أبواب الأفران وسوء نوعية الخبز.

صفحة (دليلك في ضايحة قدسيا) تلقت شكاوى هائلة شملت كل مناحي الحياة، وهي دلالة على ما وصلت إليه حياة السوريين في ظل النظام من تردِ وتهاوٍ على جميع الصعد.

المعلقون تناولوا رباعية الذل التي وصلوا إليها، فمازوت التدفئة توقف عند الـ 100 لتر الأولى من أصل كامل الدعم، فكتب أحدهم: "خلصت الشتوية وماشفنا ريحة المازوت والغاز يمكن انتهى من حياتنا للابد". ورد عليه آخر: "بعدين عأساس نصيب المواطن 400 ليتر مازوت؟".

أما على صعيد غلاء أسعار الخضار، فآخر المصائب هي وصول سعر كيلو البصل إلى 850 ليرة، وأما الثوم في موسمه فوصل إلى 4500 ليرة، وبقية الأصناف اليومية هي فوق الـ 500 ليرة.

مشكلة الخبز هي أيضاً أخذت حيزاً من تعليقات المواطنين، فبعد قرار حكومة النظام بتغيير حجم الرغيف هناك معاناة أخرى هي في الانتظار الطويل ورداءة النوع. وعلقت مواطنة حول النوعية: "مو المشكلة بدور الخبز بس بعد ما الواحد يحصل عليه بعد معاناة طعمتو كتير غريبة وما بيتاكل".

دزينة هموم مختلفة

بالتأكيد الهموم تتجاوز ما تم ذكره وتكاد تكون في كل خطوة يمشيها المواطن طلباً لحاجته، ومنها كما يذكر أحد المعلقين 12 مشكلة لا بد من حلها "انشاء مشفى عام حيث يمكن ان يموت المريض ريثما يصل لمشفى لمواساة- انشاء فرن خبز موحد حيث نعاني من الانقطاع ونضطر لشراء الخبز السيء من المحلات وبأسعار عالية لعدم وجود فرن- إنشاء مقبرة لدفن اموات القاطنين بالضاحية اسوة ببقية المناطق - اقامة حدائق وملاعب للأطفال في السكن الشبابي- اقامة مدارس لكل المراحل في السكن الشبابي- اصلاح اعمدة الانارة - اقامة اسواق نظامية حضارية - اصلاح الارصفة وإكمال البلاط والحجارة الناقصة فيها- تشجير الارصفة - توظيف عمال نظافة يومية لجمع القمامة يوميا- مكافحة الكلاب الشاردة- تتحول حدائق الشقق الارضية الى محلات تجارية وتزداد يوما بعد يوم بقدرة قادر مما يشوه المظهر العام" .

و.. الكلاب الشاردة

كما كل بلدان العالم لم تكن الكلاب الشاردة تشكل مصدر رعب للسكان في سوريا حيث كانت تحت رقابة البلديات التي إما تقتلها أو تلقحها من الكلَب، وأما المجتمع الأهلي فاعتاد وجودها والتعامل معها، ولكنها مع توسع الحرب انتقلت أعداد كبيرة منها إلى المناطق الهادئة، وفي بعض الأماكن ساهم انتشار جثث القتلى في تغيير عاداتها وتعاملها مع البشر، كما يقول لـ "اقتصاد"، أحد سكان الريف الغربي لدمشق: "باتت الكلاب تهاجم الأطفال والنساء وتجتمع بأعداد كبيرة خصوصاً في الليل". وتعلق امرأة: "الكلاب.. كل يوم الصبح لازم ارتعب متل العصابات".

لا مواد أولية.. ذكية

معلقون على المشاكل اليومية يرون أن بطاقة النظام الذكية التي يحملونها لا تقدم لهم أية خدمات، وعادة ما يتم الذهاب إلى المؤسسات التي توزع لكن لا مواد متوفرة. تعلق إحداهن: "السكر والرز على البطاقة الذكية التموينية بنسمع بالمكان الفلاني عم يوزعو بنروح ما بنلاقي".

المشكلة الأصعب هي في انتظار الحصول على المادة الوحيدة التي قد تكون متوفرة وعادة ما يعني هذا الوقوف لأكثر من ساعتين، وهو ما يتكرر مع كل مادة: "وهالشعب المفروض يعيد نفس الوقفة اللي عم تتجاوز الساعتين ليرجع ياخد نوع تاني.. وبهيك بيكون إلنا اربع وقفات ذل وبهدلة بكل شهر".

حلم.. إيجار بيت

أما قمة المصائب والتي تحتاج إلى مبلغ خرافي من أجل استئجار بيت صغير لأسرة صغيرة في منطقة لا بأس بها، ومع هبوط قيمة الليرة السورية فقد وصل إيجار المنزل إلى 300 ألف ليرة ما يقارب 300 دولار، وهذا يعني تضاعف الرقم مقابل ثبات الراتب أو بزيادة بسيطة لا تذكر.

"أبو عمر" من الريف الغربي يتحدث لـ "اقتصاد" عن هموم إيجاد منزل لائق: "خلال تسع سنوات سكنت اكثر من عشرة منازل في ثلاث مناطق مختلفة، واليوم أدفع حوالي 250 ألف ليرة ايجار منزل من غرفتين لخمسة أشخاص ومطبخ صغير، وراتبي الشهري 42 ألف ليرة".

إحدى المعلقات من (قدسيا) وتبدو مهجرة من منشورها، تكتب: "غربة تغربنا اجار البيت وصل لـ ٣٠٠ واذا راعاك ٢٧٥ اجار شهر للمكتب عدا التأمينات ١٠٠ الف".

ترك تعليق

التعليق