85% منهم سوريون.. انتشار لسماسرة "كمامات كورونا" في إسطنبول


مع انتشار فيروس "كورونا" في عدد من الدول المجاورة لتركيا، ومع بدء الحديث عن ضرورة أخذ الاحتياطات اللازمة ومنها اقتناء "الكمامة الطبية"، بدأت تطفو على السطح ظاهرة "الوسطاء" الذين يقدمون العروض والأسعار الخاصة بتلك الكمامات بهدف بيعها والمتاجرة بها سواء داخل تركيا أو خارجها.

وبات من الملاحظ أن أغلب هؤلاء "الوسطاء" أو "السماسرة" هم من الجنسيات العربية والنسبة الأكبر هم من السوريين وخاصة القاطنين في ولاية إسطنبول التركية.

وبات موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك" هو المنصة للعرض والطلب على الكمامات، وما إن ينشر أحدهم تعليقاً أنه يريد أنواعاً معينة من "الكمامات" حتى تنهال العروض عليه من كل حدب وصوب موضحة الأسعار المتعلقة بالجملة أو المفرق مرفقة بالصور التي توضح نوعية وجودة الكمامة، وآلية الاستلام والتسليم.

"أبو طارق" أحد السوريين المطلعين على سوق بيع وشراء الكمامات، قال لـ "اقتصاد"، إن "أغلب السماسرة والوسطاء في سوق الكمامات بإسطنبول هم من السوريين وربما تصل نسبتهم إلى حدود 85%".

وانتقد "أبو طارق" تلك الموجة وتدخل السوريين بها، وقال إن أغلبهم لا يفقهون شيئاً في عملية البيع والشراء، هم فقط مجرد وسطاء لأصحاب البضاعة الأتراك، وقد ساهموا بشكل كبير في رفع أسعار الكمامات الطبية كونهم يريدون الربح السريع، "أضف إلى ذلك أن العرض على الكمامات ينتقل من وسيط إلى آخر والكل يريد أن يستفيد على حساب الآخر ويبدأ بوضع السعر الذي يراه مناسباً، الأمر الذي يؤدي بالنهاية إلى فشل عملية البيع كون الزبون لم يعد بهذا الغباء، وأغلب من يريد شراء الكمامات يسأل أكثر من مصدر عن السعر الحقيقي لها".

وأضاف "أبو طارق" أن "موضوع الكمامات أصبح أمراً مستهلكاً ومزعجا بنفس الوقت، والكل بات يريد أن يعمل في تلك المصلحة، وأصبح هناك كروبات على الواتس آب والفيس بوك من أجل العرض والطلب".

وحول الأسعار الحقيقية والفرق بينها وبين المتداول في السوق وبين السماسرة والوسطاء، أوضح "أبو طارق"، أن "هناك من يعرض 50 قطعة بسعر 32 دولار مع أن جودتها متدنية جداً مقارنة بما هو أفضل، في حين أن سعرها الحقيقي ربما لا يتجاوز 12 دولار لكل 50 قطعة وهنا نلاحظ الفارق الكبير في الأسعار".

وتابع قائلاً: "قبل أزمة الكورونا والطلب على الكمامات كان سعر الـ 50 قطعة يتراوح بين 3 و4.5 دولار، ومن ثم ارتفع السعر إلى ما بين 7 و10 دولار ومن ثم بدأ السعر يصل إلى ما بين 17 و25 دولار وهو السعر الذي يعتبر مرتفعاً الآن في تركيا وما يزيد عن ذلك يعتبر (لف ودوران)، خاصة وأن بعضهم بدأ يقول إن سعر الـ 50 قطعة هو 20 دولار حتى وصل السعر إلى 32 دولار وما فوق وهو سعر غير مقبول أبداً في السوق".


وتمكن "اقتصاد" من التواصل مع عدد من "وسطاء الكمامات"، إذ أوضح بعضهم آلية العرض والطلب والعمولة المطلوبة لقاء التوسط في عمليات البيع أو الشراء.

وقال "أبو عمر"، أحد هؤلاء الوسطاء، في تصريح لـ "اقتصاد": "يوجد عندي بضاعة من سوريين وأخرى من أتراك، وهمي الوحيد هو الحصول على عمولتي من وراء ذلك، فمثلاً عندي نوع من الكمامات يصل سعر القطعة الواحدة إلى 2 ليرة تركية و80 قرش، والكمية المتوفرة هي 2 مليون قطعة في إسطنبول، وعلى كل قطعة أحتاج عمولة تقدر بـ 5 قرش تركي".

وتابع "أبو عمر": "مصدر تلك البضاعة هو شخص سوري وهي موجودة ضمن مستودعات خاصة في إسطنبول، ويوجد مع البضاعة شهادة صحية وشهادة منشأ أيضاً".

وسيط آخر ويدعى "أبو محمد" من الجنسية السورية، يعمل في أحد البازارات الكبيرة في إسطنبول، قال لـ "اقتصاد": "بإمكاني تأمين الكميات المطلوبة من الكمامات الطبية ويتوفر حالياً 250 ألف قطعة جاهزة للتحميل من المصدر مباشرة، وسعر كل 50 قطعة يصل إلى 32 دولار بدون عمولتي التي سنتفق عليها فيما بعد".

وأضاف "أبو محمد": "كل علبة فيها 10 كمامات وسعر العلبة الواحدة 6.40 دولار من المعمل مباشرة، ويأتي مع البضاعة شهادة منشأ وشهادة صحية، وهذا السعر هو نهائي ولا يمكن تخفيضه مهما حصل".

وعندما تمت مواجهة "أبو محمد" بأن الأسعار في السوق مختلفة عن السعر الذي يطلبه في البضاعة التي لديه، أجابنا بكل ثقة: "ليذهبوا ويشتروا.. هذا ما لدينا من الآخر".


وذكرت مصادر أخرى لـ "اقتصاد" أن "هناك عروضاً كثيرة على وسائل التواصل وأنواع متعددة من الكمامات، وآخر عرض هو وجود 5 ملايين كمامة بأسعار مغرية جداً وجاهزة للتحميل مباشرة، إضافة لإعلانات أخرى من سماسرة ووسطاء سوريين وجدوا لأنفسهم موطئ قدم في مهنة تسهيل بيع وشراء الكمامات.

ومع قرار السلطات التركية منع تصدير الكمامات الطبية إلا بإذن مسبق، بات الداخل التركي هو الملعب الوحيد للسماسرة والوسطاء دون أن يكون هناك إمكانية لإجراء صفقات بيع لخارج تركيا والحصول على مكاسب ربما تكون أكبر بالنسبة لهم.

وفي أوائل شهر آذار/مارس الجاري، أصدرت وزارة التجارة التركية قراراً بمنع تصدير الكمامات من تركيا دون الحصول على إذن مسبق، إذ ذكرت وسائل إعلام محلية أن هذا القرار جاء نتيجة الإقبال الكبير وزيادة الطلب على شراء الكمامات بعد أن بات فيروس "كورونا" يحيط بتركيا بعد تفشيه في عدد من الدول المجاورة لها.

والأحد الماضي، أعلنت وزارة الصحة التركية، أن عدد المصابين بفيروس "كورونا" وصل إلى أكثر من 100 ألف حالة، في حين أن عدد الوفيات بسبب الفيروس تجاوز الـ 3500 شخص، مشيرة إلى أن تلك الاحصائيات في 104 دولة حول العالم، مؤكدة في الوقت ذاته خلو تركيا من أي حالة إصابة بـ "كورونا".

ترك تعليق

التعليق