على الحدود السورية-التركية: مهجرون يؤجرون خيامهم لمهجرين


عندما هرب "أبو عبدو" من الموت المحتم عشية تمدد النظام إلى قريته بريف إدلب الشرقي، لم يجد سوى خيمة من القماش على الحدود السورية-التركية تؤويه مع زوجته وأطفاله الخمسة. لكن مفاجأة من "العيار الثقيل" كانت في انتظاره؛ فقد قام بدفع أجرة شهرية لصاحب الخيمة في تطور صادم للحياة القاسية التي يعيشها الآلاف في محافظة إدلب.

ويمكن ملاحظة أن هناك من يؤجر الخيام للنازحين الباحثين عن أي مأوى في معظم المناطق الحدودية المكتظة بالمخيمات التي تشرف عليها منظمات إنسانية مثل قاح وأطمة وكفرلوسين وعقربات. في هذه الأماكن يقوم نازحون سابقون بتأجير خيامهم لنازحين جدد بعد أن قاموا بتغيير مناطق إقامتهم ولم يعودوا بحاجة لهذه الخيام.

نتيجة المعارك التي اندلعت بالقرب من طريق ترانزيت هام، ثم سرعان ما قُضمت كامل القرى الواقعة على جانبيه حتى مدينة حلب، فر قرابة مليون شخص بحياتهم متجهين غالباً نحو الحدود مع تركيا، لكن الواقع لم يكن كما يرجون، فـ "هناك من يؤجر حتى الخيم"، للنازحين، كما يؤكد "أبو عبدو".

في مخيمات كفرلوسين المتاخمة للجدار الذي نصبته تركيا لمنع أي مدني من العبور نحو أراضيها، استأجر "أبو عبدو" خيمة بـ 10 آلاف ليرة شهرياً. يعلق قائلاً لـ "اقتصاد": "أمتلك خيمة لكني لم أجد مكاناً لنصبها هنا، لذلك قمت باستئجار خيمة جاهزة مع مكانها في أحد المخيمات المنظمة".

يتراوح السعر الذي يدفعه البعض كل شهر عن الخيمة الواحدة بين 10 وحتى 20 ألف ليرة سورية.

خلال معارك كانون الثاني من العام الجاري فرت مجموعة من العائلات باتجاه مدينة كفرتخاريم ليقيموا في مدرسة بشكل مؤقت. قام بعدها المجلس المحلي بإخراجهم منها وإعطائهم بعض الخيام. وحينما لم يجدوا أماكن جاهزة استأجروا عدة خيام في أحد مخيمات كفرلوسين.

لا يكتفي البعض بتأجير خيامهم بل هناك من يبيعها بمبلغ يتجاوز 200 ألف ليرة.

عندما يسافر نحو تركيا أو يجد مكاناً آخر بعيداً عن المخيمات، يحجز صاحب الخيمة مكانها، بينما يبقيها منصوبة على حالها دون أثاث. وحين يأتي "زبون ما"، يؤجرها أو يبيعها بـ "المبلغ المرقوم".

"العيش في المخيم بات مكلفاً لأن هناك من يستغل الوضع السيء للنازحين"، يقول أحد من استأجروا "خيمة أنيقة ذات إطلالة جميلة في منتجعات أطمة!"، والكلام الأخير له أيضاً.

(الصورة المرفقة بالمادة أرشيفية)

ترك تعليق

التعليق