الخبز.. الأسباب الحقيقية للأزمة


منذ عدة أشهر، يحاول النظام أن يصرف الأنظار عن الأسباب الحقيقية لأزمة الخبز، بالحديث عن الفساد والهدر والتهريب، بينما المشكلة يمكن تلخيصها بكلمتين فقط، وهي أنه لا يوجد طحين أو قمح..

وقد جرب النظام، من أجل أن يدعم نظريته، باتخاذ عدة إجراءات لمكافحة ما يدعيه، منها توزيع الخبز عبر معتمدين وفي صالات السورية للتجارة، بالإضافة إلى تحديد ساعات عمل الأفران.. فهل انحلت المشكلة؟

الوقائع تقول بأن المشكلة زادت، وأصبح الحصول على ربطة خبز حلماً للسوريين، وبالذات في مدينة حلب، التي غالباً ما تكون أولى المحافظات التي يتقصدها النظام بأزماته، وذلك بالإشارة إلى أزمة الغاز التي بدأت في فترة مبكرة في حلب، وبفارق شهرين عن باقي المحافظات..

إذاً الحقيقة التي يرفض النظام أن يصارح الشعب بها، هي أنه لا يوجد في مخازنه قمحاً كافياً، وقد حاول كثيراً خلال الفترة الماضية لشراء قمح من الأسواق الروسية، إلا أنه فشل، بسبب أن العروض التي كانت تقدم له، أسعارها مرتفعة، وفق وصف مسؤوليه، بينما الحقيقة التي كشفت عنها وسائل إعلام النظام مؤخراً، أن الأخير يطلب من التجار أن يحاسبهم بالليرة السورية، مقابل ما يشتروه من الأسواق الروسية بالدولار، وهو ما يرفضه التجار، في ظل تذبذب سعر الصرف، ناهيك عن الفارق في السعر، بين المصرف المركزي والسوق السوداء، والذي يكاد يقترب من الضعف..

وقبل يومين نشرت وسائل إعلام مقربة من النظام، عن نجاح المؤسسة العامة للحبوب، بعقد صفقة مع روسيا لاستيراد 300 ألف طن قمح، سوف تبدأ بالوصول نهاية الشهر الحالي، ليتبين لاحقاً بأن الخبر كاذب، وقصد منه النظام تخدير الناس وتسكين أوجاعهم إلى أن يحين موعد حصاد الموسم الجديد، والذي يحتاج إلى ثلاثة أشهر على الأقل..

لذلك، وبحسب الكثير من المتابعين، فإن أزمة الخبز والازدحام على الأفران، لن يتم حلها قبل تلك الأشهر، حيث يتوقع النظام أن يشتري محصولاً من الفلاحين تتجاوز كميته الـ 600 ألف طن، وهو ما يكفي نصف حاجة سوريا من القمح سنوياً، وإلى أن تنتهي هذه الكمية، "بفرجها الله"..

ومن أجل إغراء الفلاحين ببيع محصولهم لمؤسسة الحبوب، قام النظام برفع سعر كيلو القمح إلى 225 ليرة، وهو سعر بنظر الكثير من الفلاحين، غير مشجع، ويواجه منافسة كبيرة من قبل الإدارة الذاتية الكردية، التي تسيطر على أغلب مناطق إنتاج القمح الرئيسية في سوريا، وتدفع أسعاراً أعلى من هذا الرقم. هذا بالإضافة للمنافسة في أسواق المناطق المحررة، وفي إدلب تحديداً، حيث يدفع التجار سعراً يتراوح بين 300 إلى 350 ليرة، ثمناً لكيلو القمح من الفلاحين..

كل ذلك يشير إلى أن أزمة الخبز في مناطق النظام، سوف تتصاعد في الفترة القادمة، والتي تقول كل المعطيات، إن أسبابها الحقيقية تعود إلى أن النظام لم يعد يملك العملات الصعبة الكافية، لتغطية مستورداته من الأسواق الخارجية، من القمح والمحروقات وغيرها.. سيما وأن بشار الأسد، صرح علانية بأن الأولوية بالنسبة له، هي لشراء الذخيرة والسلاح، وكل ما من شأنه أن يساهم بقتل الشعب السوري.. فهل تريدون منه أن يشتري ما يساعد على حياتهم وبقائهم..؟!

ترك تعليق

التعليق