جنديرس: أصحاب مهن يسلكون طرقاً تقيهم من الخسائر جراء إجراءات الوقاية من كورونا


لم يجد الشاب صهيب طريقة يحتال فيها على الإجراءات الرسمية للوقاية من انتقال فيروس كورونا إلى مناطق "شمال غرب سوريا" سوى بدء أعماله بعد صلاة الفجر فوراً ليعوض فترة فرض إغلاق المحلات الصناعية، إذ يمتهن تصليح السيارات العاملة على مادة المازوت.

منذ إعلان منظمة الصحة العالمية عن مخاطر جائحة كورونا، عملت المنظمات الطبية وفرق المجتمع المدني في شمال سوريا على توفير سبل الوقاية من انتقال الجائحة وانتشارها، كما عممت المجالس المحلية عدّة قرارات وقائية أبرزها منع التجمعات في الأفراح والمناسبات وإيقاف الصلاة في المساجد وتعليق العملية التعليمية والتنويه لضرورة عدم الخروج من المنازل والتنقل إلّا للضرورة.

المجلس المحلي في مدينة جنديرس التابع لمنطقة عفرين وبتنفيذ من الشرطة المدنية والعسكرية، نجح في فرض حزمة إجراءات الوقاية تدريجياً وصولاً إلى فرض إغلاق نسبي للمحلات التجارية ذات الطابع غير الغذائي في الساعة الثانية بعد ظهر كل يوم، والتنويه لضرورة استعمال كمامات الوقاية على العاملين في المتاجر الغذائية.

معاناة جمّة وحياة جديدة تضيفها جائحة كورونا على أصحاب المحلات التجارية وورش التصنيع الصغيرة، حيث كانت معاناتهم ناتجةً عن ظروف الحرب في غياب الاستقرار وانخفاض كبير في سوق العمل وارتفاع حاد في أسعار قطع التبديل، ناهيك عن تذبذب سعر صرف الليرة السورية.

لم يتغير الواقع كثيراً بالنسبة لـ جمال المهجر من مدينة دير الزور، إذ قال لـ "اقتصاد" إنّه من حق وواجب الجهات الرسمية فرض القرارات الوقائية، ومن حقّه هو وقاية نفسه من الخسائر جراء القرارات، مضيفاً بأنّ أبناءه الثلاثة وزوجته ينتظرون منه وقايتهم من الحاجة والعوز واللجوء للمنظمات الإنسانية والجمعيات الخيرية.

يُشير جمال أنّه يعمل "كهربائي سيارات"، ولعامل الوقت أهمية بالغة في مهنته واضعاً مثالاً حيّاً من واقعه الجديد، "أجرة تصليح سيارة تبلغ 100 دولار أمريكي، تحتاج لخمسة أيام عمل في الأحوال الطبيعية، أمّا حالياً فتحتاج لثمانية أيّام عمل على أقل تقدير"، وبالتالي يكون جمال قد تعرّض لخسارة ثلاثة أيام عمل.

وعن تعويض خسارته قال إنّ الطريقة الوحيدة هي رفع أجور التصليح بالتوافق مع الزبون، وإن تضاءل عدد الزبائن فلن يكون لديه مشكلة بسبب ضيق الوقت.

أمّا وليد الذي يعمل مصلح إلكترونيات، فقد لجأ إلى نقل ورشته للمنزل، حيث يستلم نهاراً من زبائنه القطع المراد تصليحها وينقلها إلى منزله لتصليحها هناك، وعند الانتهاء يسلمها لأصحابها في اليوم التالي قبل ساعة الإغلاق، ولم يضطر لرفع قيمة أجور التصليح باستثناء أسعار القطع التي ارتفعت بما يقارب 20%، وفقاً لما قاله لـ "اقتصاد".

جوان يعمل في تحويل الأموال وبيع معدّات الطاقة الشمسية والبطاريات، أوجز كلامه بعدم تضرره من القرارات المحلية بسبب الإجراءات الأصعب المتخذة في دول العالم، حيث شحت عمليات التحويل عن الشهر السابق بنسبة لا تقل عن 50%، أمّا معدّات الطاقة الشمسية فلا تدخل في أساسيات الناس، بحسب ما يرى. ويُضيف "من يريد اقتناء قطعاً منها يستطيع شرائها قبل الساعة الثانية ظهراً".

وبالعودة إلى صهيب الذي يتشارك ذات الهم الجديد مع جمال يقول إنّه وجد رفع أجور التصليح صعباً عليه وقد يسببه خسارة زبائنه في المستقبل القريب متأملاً في انتهاء العالم من الجائحة والإجراءات التي فرضتها.

ترك تعليق

التعليق