ألمانيا.. كيف يتدبر اللاجئ السوري أموره في ظل أزمة "كورونا"


يترقب اللاجئون السوريون في أوروبا ما ستؤول إليه الأمور في حال استمرت أزمة "كورونا"، التي بدأت تلقي بظلالها على كافة مناحي الحياة حول العالم وخاصة الاقتصادية منها.

ورصد "اقتصاد" آراء عدد من اللاجئين السوريين المقيمين في ألمانيا، حول انعكاسات تلك الأزمة عليهم وما الذي تغير أو بقي على حاله بالنسبة لهم؟، وكيف يعملون على تدبر أمورهم وكيف هو حال المساعدات الإغاثية والمادية المقدمة لهم من قبل الحكومات الأوروبية؟

وفرضت ألمانيا حظراً للتجوال حالها كحال مختلف دول العالم، ولكن بإمكان كل شخص الخروج لشراء المواد الغذائية وممارسة الرياضة في الأماكن المخصصة كالحدائق، والعوائل تستطيع التنقل مع بعضها كونهم يعيشون في بيت واحد، ولكن يتم فرض عقوبات مادية في حال اجتمع عدة أشخاص أو في حال مارسوا الرياضة بشكل جماعي.

وقال اللاجئ السوري "ساهر سكاف"، إنه "في ظل أزمة كورونا بات الجانب الاقتصادي مرتبط بشكل كبير بالجانب السياسي، حيث عادت الأحزاب التقليدية في ألمانيا (تحديداً الحزب المسيحي الذي تنتمي إليه المستشارة أنجيلا ميركل) إلى موقع الصدارة وبقوة، وسط ارتفاع كبير في شعبية هذا الحزب في كل استطلاعات الرأي التي أجريت خلال الأسبوعين الماضيين، وأيضاً ارتفاع كبير في شعبية المستشارة، لتعود للمركز الأول لأكثر الشخصيات السياسية شعبية في البلاد، أما المركز الثاني، بزيادة كبيرة من النقاط، لنائبها وزير المالية أولاف شولتس، من الحزب الاشتراكي".

وأظهرت استطلاعات الرأي أيضاً رضى كبيراً لدى المواطنين حيال سياسة الحكومة على عدة صعد منها الإجراءات المتخذة لمواجهة تفشي وباء كورونا، والمساعدة المالية العاجلة التي وصلت بالفعل للكثيرين ممن قدموا عليها، والنظام الصحي الذي تم رفع كفاءته بشكل سريع، من خلال عدد الأسرة الخاصة بالعناية المشددة وكذلك عدد أجهزة التنفس الاصطناعي، وإنفاق 50 مليون يورو لإعادة السياح الألمان حول العالم إلى بلدهم (ما يقارب من 190 ألف شخص)، وبالتالي فإن شعبية حزب البديل المعارض لوجود اللاجئين تراجعت إلى ما بين 9 و10%، كما تراجعت شعبية حزب الخضر قليلاً، لأن موضوع حماية البيئة أصبح ثانوياً في ظل الظرف الراهن.

أما على صعيد اقتصادي، فأوضح "سكاف" أن "وزير المالية الألماني يعد بإعفاء ضريبي على المكافآت بسبب أزمة كورونا، كما قررت الحكومة الألمانية تقديم مساعدات للشركات الصغيرة وأصحاب الأعمال الحرة المتضررين بسبب أزمة كورونا، ويتم تعويض الأشخاص الذين تضرروا بسبب توقف عملهم ودفع 60% من راتبهم الذي كانوا يتقاضونه".

وتابع أن "رواتب العاطلين عن العمل وأجار بيوتهم يتم دفعها كما كانت عليه الحالة من قبل، وأصحاب البيوت لا يحق لهم طرد المستأجر في حال عدم تمكنه من دفع الإيجار، والمحال التجارية التي تبيع المواد الغذائية، والبنوك، والصيدليات، وأماكن بيع مستلزمات التنظيف والمعقمات، ومكاتب البريد، والكازيات تبقى مفتوحة، كما صدرت عدة تصريحات تطمئن بعدم انقطاع المواد الغذائية".

ولم يختلف الحال بالنسبة للعائلات السورية اللاجئة في ظل أزمة "كورونا" مقارنة بما قبلها، حسب ما ذكر اللاجئ السوري "محمد الخضر"، الذي أشار إلى أن الأوضاع والقوانين وكل ما يجري ينطبق على السوري وعلى الألماني وعلى أي جنسية أخرى متواجدة في ألمانيا.

وقال "الخضر" إن "الحكومة لم تقدم أي مساعدات إغاثية للاجئ السوري ولا حتى للألماني، كون المواد متوافرة في عموم السوبرماركات، والمواد التي فقدت هي المعقمات والكمامات بسبب الطلب المتزايد عليها".

وأضاف أنه "بالنسبة لتموين المواد الغذائية فلم يحصل هذا الأمر بشكل كبير جداً من قبل السوريين، إلا أن هناك بعض العائلات حاولت تخزين بعض المواد ولكن ليس بشكل جنوني، مثل الطحين والسكر والأرز والمعكرونة، بحيث تكفيهم لعشرة أيام تقريباً، وهناك قسم قليل جداً بدأ في بداية الأزمة بتخزين المواد بشكل ملفت للانتباه، علماً أنها متوافرة في المحال التجارية".

وتحدث "الخضر" عن تجربته كعائلة مؤلفة من 5 أفراد، وقال: "نحن كعائلة لدينا برنامج تسوق نسير عليه حتى ما قبل الأزمة، وهو التسوق مرتين في الشهر الواحد، الأولى في بداية الشهر والثانية في منتصفه، وتشمل شراء مواد السكر والطحين والأرز والشعيرية والبقوليات والمناديل وأدوات التنظيف، ما عدا مواد اللحمة والخضار والخبز التي لا يمكن تخزينها و نضطر لشرائها بشكل دوري".

وعن مصروف العائلة الشهري أوضح "الخضر" أنهم "يحتاجون في بداية الشهر 500 يورو تقريباً بسبب شراء كميات من المواد الرئيسة، وفي منتصف الشهر يحتاجون 300 يورو تقريباً كون الاحتياجات تكون أقل".

وعلى اعتبار أن اللاجئين السوريين في أوروبا يحصلون على مساعدات مالية فإنه ومن وجهة نظر المدرس السوري "خالد رعد" الذي اختار هولندا مكاناً يلجأ إليه، فهو غير متضرر من أزمة كورونا، والمبلغ الذي يحصلون عليه يختلف باختلاف عدد أفراد العائلة.

وقال إن "الحالة الاقتصادية لم تؤثر على اللاجئ السوري حامل بطاقة المساعدات الاجتماعية، أما من خرج عن برنامج المساعدات وبدأ يعمل أو افتتح مكاناً خاصاً به للعمل، فهو سيتأثر بشكل كلي كون الحركة في عموم أوروبا شبه متوقفة، لكن مع ذلك فإن الدول الأوروبية وبلدياتها تتكفل بتعويض مالي لصاحب المتجر".

وتابع قائلاً: "أنا أقيم في منطقة قريبة من الحدود الألمانية، ورغم أزمة كورونا مازلنا نستطيع الخروج ونذهب للسوق وراتبي كما هو لم يتغير ولم أتأثر بشيء، لكن اللاجئ الذي ينتظر قرار الإقامة فقد تأثر بشكل كبير خاصة بعد توقف الإجراءات الإدارية لأن المنظمات أو الوزارة القائمة على هذا العمل متوقفة بسبب الكورونا، وبالتالي اللاجئ ينتظر بالكامب مع بعض الملل أما اقتصادياً فلم يتأثر أيضاً".

وتعليقاً على كل ذلك قال المستشار الحقوقي "محمد كاظم هنداوي" مسؤول الهجرة واللجوء في أوروبا في "المنظمة العربية لحقوق الإنسان"، إن "أزمة كورونا انعكست بشكل كبير على اللاجئين بمن فيهم السوريين بشكل سلبي، خاصة على صعيد تدبر الأمور وأخذ الاحتياطات اللازمة، بعكس المواطن الألماني الذي أخذ الاحتياطات مسبقاً بعد تصريحات حكومته، وهذا الأمر كان بمثابة مفاجأة للسوريين كون كل هذه الأمور كانت غائبة عنهم ضمن أوروبا، وأصبح هناك تخبط في المعلومات وبدأت الناس تقول إنه يجب تخزين المواد الغذائية، وبالتالي اللاجئين السوريين لم يكونوا يعلمون كيف سيكون التخزين وما هي المواد اللازمة".

وبيّن "هنداوي" أن "مصروف العائلة في ألمانيا ارتفع والسبب أن الناس بدأت تتبضع وتخزن المواد الغذائية مع الأخذ بعين الاعتبار أن بعض السلع لم تكن متوافرة، لكن الحكومة وجدت حلاً للموضوع لاحقاً وكل شي حالياً متوفر ولكن نلاحظ أن هناك بعض السوبرماركات شبه خالية وهذا يدفعنا للتساؤل هل السبب كورونا أم عدم تأمين الاحتياجات، ولكن التجارة لم تتأثر خاصة فيما يخص موضوع السلع الغذائية".

وأضاف أن "هناك سلعاً عربية متوافرة بكثرة ولكن للأسف بعض السوريين يستغلون حاجة الناس، وهذا الأمر لن يمر مرور الكرام وسيكون هناك من يحاسبهم مستقبلاً بعد انتهاء الأزمة".

وتعد ألمانيا من أكثر الدول الأوروبية التي تحتضن لاجئين سوريين، إذ تقدر بعض المصادر غير الحكومية أعدادهم بأكثر من 500 ألف لاجئ.

ترك تعليق

التعليق