بين الحطام.. أهالي "سرمين"، يعودون ليزرعوا فيها الحياة


وسط السوق الرئيسي في بلدته سرمين، بريف إدلب، وقف العم "أبو محمود" وهو ينصت لوقع الخطى على رصيف السوق العتيق حيث يخطو بعض المارة.

"منذ شهر كان السوق يعج بالحركة ولم أعهده إلا مزدحماً"، قال "العم" وهو يقوم بصف بعض صناديق الخضار والفواكه بينما يعمل ابنه على إزالة الركام من على جانب المحل والطريق.

"عدت لبيتي وأحاول العودة لمحلي وتجهيزه بالبضائع ليكون حافزاً لباقي أهالي البلدة لكي يعودوا"، قال العم "أبو محمود"؛ واسترسل: "طالما هناك روح تنبض بجسدي فإن الحياة ستعود لبلدتي".

وبعد رحلة النزوح المرة التي عاشها العم "أبو محمود" قرر العودة لمنزله ومحله بعد الهدوء النسبي الذي تشهده البلدة مع الهدنة التركية - الروسية.


بجولة سريعة في أحياء سرمين، يدرك المرء ضراوة القصف الذي تعرضت له البلدة، ففي كل شارع من شوارعها ثمة أثر لقذيفة مدفعية أو غارة طيران أو حاوية متفجرة.

"والله إذا قعدت بقصور غير ببلدي وببيتي ما برتاح"، بهذه الكلمات أجاب الكهل الستيني "أبو فادي" عن سبب عودته لمدينته سرمين.

"أنا متل السمكة وبلدي هي المي ما بقدر بدونها"، قال "أبو فادي".

وكغيره العشرات قرروا العودة لبلدتهم رغم أنها منطقة قريبة من خط الاشتباكات. ولا تزال أكوام الردم والدمار ظاهرة على شوارعها، إلا أن مرارة النزوح كانت أصعب عليهم من الجلوس قرب خط النار.


في شارع سرمين الرئيسي، افتتح من جديد عدد من المحال لبيع الخضروات، وأخرى للمواد الغذائية، ومحلات تصليح سيارات وبيع محروقات.

كما عملت ورشات الدفاع المدني والمجلس المحلي على فتح الطرقات وإزالة بعض آثار الدمار الذي تعرضت له البلدة.


"مازن" صاحب بسطة لبيع المحروقات أوضح لـ "اقتصاد" المعاناة التي عاشها بعيداً عن بلدته.

 "استأجرت مع أسرتي بيتاً بـ ٨٠ دولار بمدينة إدلب، كما جلست طيلة فترة نزوحي بلا عمل".

وتابع "مازن": "عدت مع عائلتي إلى بيتنا وبدأنا بإصلاحه فمعظم البيوت التي سلمت من القصف أصبحت بلا أبواب ولا نوافذ".


من جهته، أوضح "علي الطقش"، رئيس مجلس سرمين المحلي، لـ "اقتصاد"، أن المجلس بدأ بتنفيذ خطة طوارئ، بطلب من الأهالي، لإعادة تفعيل المؤسسات الخدمية وتوفيرها للعائدين.

وقد تم تفعيل منهل مياه خاص ودعمه من المجلس المحلي، لتأمين التعبئة بسعر مقبول، وإنشاء مركزين لبيع مادة الخبز، وبدأ العمل على صيانة الفرن الرئيسي ومنهل المياه.

ويوضح "الطقش": "الأضرار التي أصابت الفرن كانت كبيرة فما سلم من القصف لم يسلم من السرقة وهو بحاجة لدعم كبير وكذلك الحال بمنهل المياه وآليات المجلس من جرارات وتركسات".

وبحسب المجلس، فإن المنظمات الإنسانية لم تستجب إلى الآن، ولم تقدم أي مساعدة في إعادة تأهيل البلدة، "التي أصبحت منكوبة جراء القصف الشديد الذي تعرضت له"، وذلك لتسهيل عودة الأهالي إليها.

وصل عدد العوائل العائدة للبلدة إلى ٧٢٠ عائلة تقريباً منها ٣٠ عائلة نزحت بوقت سابق لسرمين من أصل ٧٢٠٠ عائلة كانت تقطن سرمين قبل آخر نزوح. بينما تنتظر عشرات العوائل تأمين الخدمات في البلدة للعودة إليها.

وعبر "اقتصاد" توجه المجلس المحلي بنداء للمنظمات الإنسانية لدعمه في تحسين الواقع الخدمي للبلدة، وتأمين عودة أهلها النازحين والذين يقطن أغلبهم في مخيمات عشوائية لا تتوفر فيها مقومات الحياة.

ترك تعليق

التعليق