اقتصاديات.. إلا الخبز يا أنذال، أين بشار الأسد؟!


تواصل معي قبل أيام صديق قديم في سوريا، وهو محسوب على المؤيدين بحكم انتمائه الطائفي، ليحدثني بأن الناس في الداخل تتساءل، لماذا لم يخرج بشار الأسد حتى الآن، شأنه شأن كل رؤساء الدول، ليتحدث عن الأوضاع الداخلية في بلده في ظل أزمة فيروس "كورونا"..؟ سيما وأنه طبيب، ويفترض به في هذه الحالة أن يكون الأسرع في التواصل الإنساني مع شعبه والتخفيف من روعهم..

ثم أجاب ساخراً، بأن السوريين في الداخل يتحدثون عن أن بشار الأسد مشغول حالياً في البحث عن علاج لوباء "كورونا"، مستشهداً بصورة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو يجلس خلف المجهر الطبي، بينما يرتدي بدلة رسمية وليس طبية.

قادنا الحديث بعدها، إلى واقع الأزمات المعاشية التي بدأ يعانيها السوريون، وبالذات أزمة الخبز، وكيف أن النظام استغل فترة الحظر وانشغال الناس بالوباء ليمرر أخطر قرار على الشعب السوري، وهو توزيع الخبز على البطاقة الذكية، بمعدل ربطة واحدة من سبعة أرغفة لكل ثلاثة أشخاص في الأسرة، وربطتين لكل أسرة مكونة من 4 أفراد إلى 7، حيث أخبرني أن لديه شاب مراهق يأكل لوحده على الوجبة ما يقارب ربطة خبز كاملة، بينما حالياً أصبح يضرب أخماس بأسداس، من أين سيطعم هذا "الحيوان" الموجود عنده في البيت..؟ هكذا قالها بسخرية ومرارة..

ثم تابع، "هذا يعني أنني بحاجة لشراء ربطتي خبز سياحي يومياً على الأقل أو من السوق السوداء، سعرهما لا يقل عن 1200 ليرة، أي في الشهر أكثر من 35 ألف ليرة، بينما راتبي لا يتجاوز الـ 50 ألف ليرة سورية في الشهر".

لم يتوقف صديقي عند هذا الحد من الحديث عن الواقع المعاشي، حيث توقع بأن الشعب السوري في الداخل مقبل على مجاعة حقيقية في ظل غلاء الأسعار الفاحش لكل السلع والخدمات، لافتاً إلى أن الناس تغلي من القهر والظلم، وأن بوادر ثورة جياع حقيقية بدأت بالتشكل، وداخل طائفة النظام ذاته هذه المرة، لكنه قلل من قدرة هذه الثورة على تغيير أي شيء، بسبب ما وصفه بحالة الترويع التي مارسها النظام على حاضنته الشعبية، بأن الجزء الآخر من الشعب الذي ثار عليه، إنما ينوي قتلهم والانتقام منهم.. لذلك خيارات الناس أصبحت بين الجوع أو الموت..

من جهتي قلت لهذا الصديق، الذي لم يتوقف عن التواصل معي منذ بدء الثورة وحتى اليوم، ليؤكد لي باستمرار أن وقوفه مع النظام ليس إلا كونه جزءاً من القطيع، قلت له، بأن يد النظام، بما أنها امتدت إلى رغيف الخبز، الذي كان يعتبره خطاً أحمر إلى ما قبل عدة أشهر، يعني بأن الإفلاس قد ضرب أطنابه في خزائن المصرف المركزي، وهي مرحلة لم يصلها النظام، حتى في فترة الثمانينات من القرن الماضي، عندما جوّع حافظ الأسد الشعب السوري من كل شيء، باستثناء الخبز.. وهذا سوف يؤدي في المرحلة القادمة إلى عصيان مدني طبيعي، عندما تفقد الناس الجدوى من الالتحاق بوظائفها، إذا كان الراتب الشهري لن يكفي لتغطية سوى لمصاريف يوم أو يومين في الشهر.. وبالتالي ما أتوقعه، هو ازدياد مستويات الجريمة والفوضى والسرقة والنهب داخل المجتمع السوري، مع اضطرار الناس للجوء للسلاح من جديد للدفاع عن نفسها ضد بعضها البعض.. وهي مرحلة يتوقعها النظام، إن لم يكن هو من خطط إليها، لأن ذلك سوف يبقيه على قيد السلطة إلى أطول فترة ممكنة..

أما الحل من وجهة نظري، وكما طلبه مني هذا الصديق، فهو بالتغيير الفوري في النظام السياسي، وبأسرع ما يمكن، لأن ترك الأمور لهؤلاء الأنذال، الذي يحكمون سوريا حالياً، يعني مزيداً من الدمار الاجتماعي..

ترك تعليق

التعليق