آثار كورونا في جنوب دمشق.. تنتقل إلى مناطق الريف


لا تكترث "أم روان" لإجراءات الحجر الصحي المفروض مؤخراً على "حي حجيرة – جنوب دمشق" القاطنة فيه، إذ ما زالت تتوجه صباح كل يوم إلى عملها في مدينة جرمانا، حيث تعمل هناك مضيفة في إحدى مقاهي حي الروضة.

أمام إعلان تسجيل جائحة كورونا مستويات متضاعفة حول العالم لا زال نظام الأسد يعلن عن أرقام متواضعة وصلت أخيراً إلى 25 حالة توفى منها اثنتان، وفي ذات الوقت يقوم بفرض إجراءات وقائية كثيفة منها ما هو حبر على ورق لا يتعدى الإطار الإعلامي كإغلاق المقاهي والمطاعم وإيقاف الأنشطة الاجتماعية والثقافية والرياضية، ومنها ما هو حقيقي كالحجر الصحي على بعض المناطق في العاصمة دمشق وريفها، وتعليق العملية التعليمية، وتخفيض عدد العاملين في القطاع العام.

فرض نظام الأسد الحجر الصحي على منطقة السيدة زينب، مطلع الشهر الحالي. ووسع دائرة الحجر في الأيام القليلة الأخيرة لتطال عدّة بلدات محيطة بها ومتاخمة لها كـ "الحسينية والذيابية والبويضة وحجيرة" مانعاً دخول المدنيين إليها وخروجهم منها.

تعتمد أم روان في خروجها إلى عملها صباحاً وعودتها إلى منزلها مساءً على علاقاتها مع بعص عناصر الميليشيات المسلحة، كما تؤكد توفر أكثر من طريق لتنقل الناس خارج المنطقة، وتستهجن منع المدنيين من الحركة في حين أنّ غالبية المصابين هم من حملة السلاح.

وتقول أم روان أنّ فرض الحجر أسلوب جديد يتبعه النظام لتفريغ جيوب السوريين أكثر، فبعد فترة بحسب ما ترى سيضطر الناس لدفع الرشاوى لعناصر الحواجز لقاء وصولهم إلى أماكن عملهم، ناهيك عن دفع ما يملكون من مال بسيط ثمناً للمواد الغذائية لغاية تخزينها.

كان يعيش في مناطق جنوب دمشق حوالي مليون إنسان قبل العام 2011، وحالياً يعيش فيها نحو مائة ألف فقط جراء عمليات التهجير الواسعة التي طالتها، باستثناء منطقة السيدة زينب التي تكتظ بعناصر الميليشيات الأجنبية الطائفية "الإيرانية، العراقية، الباكستانية، الأفغانية" التي استقدمها نظام الأسد للدفاع عنه.

أمام إجراءات الوقاية يطفو على السطح ارتفاع حاد في أسعار المواد الاستهلاكية ابتداءً من الطبية منها والمنظفات وصولاً إلى المواد الغذائية الرئيسية والتي وصل خلالها سعر كيلو السكر الواحد إلى 700 ليرة، وكيلو الأرز بين 800 و 1200، وكيلو البرغل 800، وليتر الزيت النباتي 1600، وزيت الزيتون 2500، وكيلو السمنة 1600، وكيلو البطاطا 1000 ليرة، والباذنجان 900، والبندورة 800 ليرة، أمّا ربطة الخبز بين 600 و 800 ليرة، وفقاً لما أكده لـ "اقتصاد"، محمد جابر، الذي يعمل بائع جملة في مدينة جرمانا، والذي يعزو بلوغ الأسعار حدها هذا، إلى كثافة الطلب عليها من قبل المقتدرين مادياً وتعليق عمليات التصدير في الكثير من دول العالم وإجراءات الاستيراد المعقدة في سوريا، كما أنّ لهبوط سعر الليرة السورية دوراً رئيسياً آخر، حيث بلغ سعر صرف الدولار الواحد 1280 ليرة سورية.

تحتاج أم روان مصروفاً يومياً لعائلتها المكونة من أربعة أشخاص، حوالي 5 آلاف ليرة سورية في الحد الأدنى، وفي حال فقدت عملها ستكون عاجزةً عن تقديم أي شيء لأسرتها كونها من العائلات الكثيرة التي "تعيش كل يوم بيومه"، وسط انعدام البدائل.

وفي مدينة الكسوة بريف دمشق تقلصت المواد الغذائية الرئيسية في الأسواق، كذلك الأمر في الغوطة الشرقية وجديدة الفضل وجديدة عرطوز. بينما احتفظت المراكز الرئيسية كمدن جرمانا وصحنايا وجديدة البلد وقطنا، بحجم كبير من المواد الغذائية لوفرة المال لدى أبنائها جراء توفر بعض الأعمال فيها.

أبو مؤيد، يعمل مزارعاً ويعيش في بلدة دنون، قال لـ "اقتصاد" إنّ الناس اعتادوا الاعتماد على ذاتهم وجهودهم الشخصية لانعدام الشفافية لدى الجهات الرسمية وفقدانهم الثقة بها نتيجة تجارب السنوات الماضية، لا سيما مع تركهم كما العادة نهباً للشائعات، مضيفاً بأنّ كثيرين لم يستطيعوا تأمين أنفسهم بسبب اعتمادهم في معيشتهم على الحوالات الخارجية من أقاربهم والمُعلقة منذ شهر تقريباً.

ويقف شادي عبد الرحمن، القاطن في حي نهر عيشة، عاجزاً عن تأمين مستلزمات أبنائه الثلاثة بسبب توقف عمله جراء إجراءات الوقاية المفروضة، إذ يعمل في صالة مناسبات بأجرة يومية 6 آلاف ليرة سورية، كانت تكفيه لتأمين أساسيات المعيشة، أمّا حالياً يستدين المال من أقاربه في الحي منتظراً وصول مساعدة أقاربه في الخارج.

ترك تعليق

التعليق