طبيب في الرقة يعاين مرضاه بأجور رمزية.. في مجابهة "كورونا"


أبدى الطبيب "سامر العليص" العامل في قرية "كسرة فرج" جنوبي الرقة، استعداده لمعاينة المرضى بسعر رمزي جداً، في خطوة تهدف للتخفيف عن كاهل السكان جراء أزمة كورونا، التي بدأت تلقي بظلالها على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للسكان في عموم المناطق داخل سوريا.

وقال "العليص" المختص بطب الأطفال في تصريح خاص لـ "اقتصاد": "في الحقيقة أنا لا أعتبر أن تلك المبادرة  رمزية، بل أنا أحصل على حقي ضمن الإمكانات المتوفرة لأغلب المواطنين، وأتمنى من الأطباء الاستمرار في كل الظروف، بمثل هالخطوة، وعدم تقييدها بوقت محدد".

واشتكت مصادر محلية من المنطقة في حديثها لـ "اقتصاد"، من غلاء أسعار المعاينات الطبية سواء أكانت في العيادات الخاصة أو في المستشفيات، معتبرين أنها تفوق قدرتهم على دفعها.

وأضاف "العليص": "في الحقيقة أنا آسف من بعض الأطباء الذين وجهوا انتقاداً مباشراً لانتقادي لهم على غلاء المعاينات، لكن الموضوع واضح بمجرد مراجعة المشافي الخاصة، بالإضافة لإرهاق المرضى بالتحاليل واستقصاءات بدون استطباب".

وعن تلك المبادرة أوضح "العليص" قائلاً: "أنا أستقبل الحالات من كل المناطق بما فيها المدينة، وأي مريض يقول ليس لدي قدرة على دفع المال، تتم معاينته من دون أي مقابل".

ولاقت تلك المبادرة صدى واسعاً بين سكان المدينة وريفها، وبدأ كثير من الأهالي بمراجعة عيادة الطبيب "العليص" الذي قال: "بدأنا  نلاحظ زيادة في عدد المراجعين خلال هذه الظروف نتيجة الوضع الصحي والخوف المبرر عند الأهالي من موضوع فيروس كورونا".

وأضاف: "في الحقيقة كنت أتمنى أن نشكل كأطباء أطفال مبادرة جماعية ومكاناً محدداً لنتمكن من مساعدة أهلنا جميعاً، ولكن رغم ذلك عندي قناعة تامة بأن أغلب أطباء الأطفال عندهم استعداد لمثل هكذا مبادرات".

وحسب مصادر من داخل مدينة الرقة، فإن الوضع الصحي سيء جداً من كل النواحي، وأسعار المشافي مرتفعة جداً ولا تتناسب مع دخل المواطنين، خاصة وأن غالبية الأهالي في الرقة "عمال مياومة" وفقراء وسط قلة فرص العمل وانتشار البطالة.

وتعليقاً على تلك المبادرة الطبية الرامية للتخفيف من معاناة الأهالي قال الدكتور "فراس ممدوح الفهد" رئيس منظمة صناع الأمل الإنسانية، لـ "اقتصاد": "خطوة بوقت إنساني حرج جداً على المدنيين بسبب أزمة كورونا والغلاء الحاصل، فهو لم يقم فقط بواجب معاينة المرضى بسعر رمزي، ولكن الطفل الثاني بالعائلة القادمة لعيادته يعانيه مجاناً، وكذلك استعداده زيارة أي عائلة في بيتها أضرار، وبشكل مجاني".

وأضاف: "هذا يدل على استمرار وجود هكذا شخصيات تحترم مهمتها الطبية الإنسانية، يقابلها للأسف، الكثير جداً من تجار الأزمات من أطباء ومشافي وغيرهم، ممن استغل الظروف الصعبة للناس لزيادة أرباحهم وإشباع الطمع بقلوبهم، ولكن هذه الأزمات كشفت حقيقة هؤلاء المتاجرين بحياة الناس وعرفهم الجميع".

وتتجاوز أجور المعاينات في المستشفيات 5000 و6000 ليرة سورية فقط لحساب الطبيب، ما عدا حصة المستشفى، أما في العيادات الخاصة تتفاوت بين 3500 و4000 و5000 ليرة سورية، وهذا الأمر أثقل كاهل المرضى، بصورة هائلة.

وفي هذا الصدد، قال "الفهد": "بوجود الدكتور سامر، وكذلك الدكتور دحام الذويخ باختصاص طب الأطفال في منطقة الأحوس قرب الرقة الذي أيضاً بدوره يتقاضى معاينة رمزية.. بوجودهم وغيرهم من زملائنا الأطباء الذين بقلوبهم رحمة لواقع المرضى في هذه الأزمات الإنسانية، سيبقى بلدنا بخير رغم وجود تجار الأزمات".

وفي رد منه على سؤال حول عمل الجمعيات الطبية في مثل هذه الظروف ووسط غلاء أجور المعاينات الطبية، أوضح "الفهد": "تتواجد جمعيات طبية ومنظمات تساعد قدر استطاعتها القطاع الطبي بأزمة كورونا كمنظمة صناع الأمل وغيرها، ولكن لا تكفي الجهود إلا بمساعدة كم كبير من زملائنا الأطباء الذين بالتأكيد لن يوفروا أي جهد لمساعدة المرضى إنسانياً".

وفي 23 آذار/مارس الماضي، فرضت "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، المسيطرة على مدينة الرقة وريفها، حظراً للتجوال في داخل المدن. كما منعت التنقل ما بين الإدارات الذاتية والمدنية وكذلك بين المدن الرئيسية، إضافة لإغلاق كافة المطاعم والمقاهي وأماكن التجمعات، للوقاية من فيروس "كورونا".

وفي 25 من الشهر ذاته، أصدرت الإدارة الذاتية بياناً حذرت فيه التجار من احتكار السلع وغلاء الأسعار، إلا أنها لم تتطرق أبداً إلى أجور المعاينات الطبية سواء في العيادات أو المستشفيات، الأمر الذي لاقى ردود فعل غاضبة خاصة من قبل المرضى، إذ قال أحد سكان المدينة تعليقاً على تلك القرارات، "فرضتم علينا حظراً من فيروس كورونا، وتركتم لنا  فيروس التجار وجشعهم، إضافة لغلاء المحروقات وأسعار المواد الغذائية والخضراوات، أو حتى غلاء الأدوية وأجور معاينات الأطباء". وأضاف آخر: "إذا كنتم حريصون بالفعل علينا احمونا من جشع كل هؤلاء".

ترك تعليق

التعليق