إسطنبول.. صرافون سوريون أمام تحديات "كورونا"


شكا عدد من العاملين في مجال الصرافة وتحويل الأموال داخل تركيا، من تراجع عملهم بنسبة كبيرة جداً جراء استمرار أزمة "كورونا" التي أجبرت بعضهم على إغلاق مكاتبهم والعمل من منازلهم، في حين أن البعض الآخر منهم  يعمل لكن وسط صعوبات وتحديات عدة.

وقال "حازم حاج حسين" صاحب أحد مكاتب التحويل في إسطنبول لـ "اقتصاد"، إن "آلية العمل  تسير ولكن ضمن صعوبات كبيرة وعراقيل تمنع أو تبطئ سير العمل، والصعوبات  المتمثلة بعدم وجود مكاتب  للتسليم أو الاستلام ضمن أوروبا، بسبب تطبيق منع التجوال وعدم قدرة المندوبين الموجودين هناك على استلام النقود أو تسليمها".

وأوضح "حاج حسين" أنه "في مناطق الداخل السوري توجد هذة الصعوبات أو العراقيل ولكن بشكل أقل، فهي أيضاً محكومة بوقت حظر التجوال المفروض من قبل الحكومة، ولكن بسبب الحاجة الملحة للنقود التي ينتظرها السوري بسبب غلاء المعيشة  فهو مستعد لكسر حظر التجوال وتحمل المخاطر مقابل الحصول على المال المرسل إليه من خارج سوريا من أبناءه أو أقاربه".

وعن آلية العمل في الوقت الحالي بالنسبة لإرسال الحوالات وتسليمها، قال "حاج حسين"، إنه "بالنسبة لأوروبا وفي حال استلم المندوب الموجود في ألمانيا التابع لنا مثلاً، فالأمور تسير على ما يرام، وعندها نتواصل مع المستلم الموجود في إسطنبول ونتفق معه على مكان وزمان يتناسب مع طبيعة عملنا وعمل المستفيد وتتناسب مع أوقات الحجر".

وأوضح أنه "بالنسبة للحوالة إلى داخل سوريا، فالأمور تسير نوعا ماً حتى الآن وبشكل طبيعي، كونه يسمح بتحرك المواطنيين لحد الساعة 6 مساء، فيتم تسليمهم من قبل المندوبين أو المكاتب التي نتعامل معها".

ودخلت أزمة "كورونا" في تركيا عموماً شهرها الثاني، وسط مزيد من التدابير والقرارات التي تتخذها الحكومة التركية للوقاية من الفيروس ومن بينها تقييد حركة المواطنيين بشكل كبير جداً، إضافة إلى إغلاق المرافق العامة والتشديد على ضرورة التزام السكان بالحجر الصحي الطوعي في منازلهم، حتى وصل الأمر بأن شوارع عدد من المدن الكبرى كإسطبنول تكاد تبدو شبه خالية من المدنيين مع ساعات المساء الأولى.

وتابع "حاج حسين" أنه "بالنسبة لعملنا ضمن مكاتبنا هنا في إسطنبول فالحكومة باستثناء حظر التجوال الذي فرضته يومي السبت والأحد الماضيين، فإنها لم تفرض علينا أوقات معينة للعمل إذ أنها لم تقيد عمل المكتب بساعة معينة أو أيام معينة، ولكن التقيد مفروض بشكل عملي لأن المواصلات تم تقييد عملها بساعات محددة، فالمترو مثلاً تم تقييد عمله حتى الساعة 9 مساء وكثير من المرافق  العامة تم إغلاقها أو تقييد عملها بساعات معينة".

وأشار مصدرنا إلى أن "هذا اكله انعكس على عمل المكاتب سلباً فكثير من الصعوبات أو العراقيل والمشكلات دخلت مجال عملنا بسبب فيروس كورونا، وما جاء معه من قوانين  قرارات".

وبلغت نسبة تضرر عمل عدد من مكاتب الصرافة والحوالات في إسطنبول 40% بسبب أزمة "كورونا"، فأسعار الصرف ارتفعت كثيراً بالنسبة لليرة التركية التي وصل سعر صرفها إلى حدود 6.80 ليرة تركية للدولار الواحد، إضافة لارتفاع أسعار صرف العملات الصعبة الأخرى كالدولار واليورو، في حين أن حركة البيع والشراء تكاد تكون معدومة بسبب حالة الركود التي تعيشها إسطنبول خاصة وتركيا عامة.

وسألنا مصدرنا أنه في حال تقرر العمل بشكل دائم من المنزل وعن طريق "الأون لاين" في ظل هذه الأزمة، كيف سيكون سير العمل؟ فأجاب: "العمل عن طريق الأون لاين  لا يجدي أي نفع لأن قليل من الزبائن  تثق بالعمل أون لاين، أما نسبة كبيرة جداً وخصوصاً في مجال الأموال لا تثق إلا عن طريق الاستلام والتسليم المباشر".

وعن المخاوف التي يخشون منها بالنسبة لعملهم، قال: "المخاوف هي أن يستمر الوضع على ما هو عليه ما يؤدي إلى توقف عملنا من جهة وعدم قدرة  الناس على إرسال الأموال لبعضها من جهة أخرى، وما يتبعه من تضييق على الناس داخل سوريا بشكل خاص، كون غالبية الزبائن يرسلون الأموال إلى ذويهم هناك ليتمكنوا من تدبر أمورهم وشراء أهم احتياجاتهم".

وتشتهر ولاية إسطنبول بسوق "جراند بازار" الذي يعتبر مركزاً رئيساً أيضاً للكثير من مكاتب الصرافة التي تتجمع في بناء واحد اسمه "روكوكو سينتر"، إلا أنه وفي ظل أزمة "كورونا" بات بعض أصحاب مكاتب الصرافة يأتون إلى هذا المجمع لساعات قليلة جداً والبعض الآخر لا يأتي أبداً.

وقال أحد الصرافين العاملين في هذا المجمع لـ "اقتصاد": "أنا مضطر لأن أفتح مكتبي لمدة 3 ساعات فقط من الساعة 12 ظهراً وحتى الساعة 3 عصراً من أجل تسيير أمور من تأتيه حوالة ليصار إلى تسليمها، وعدد المكاتب التي تعمل الآن نسبتها ضئيلة جداً بسبب الظروف الراهنة".

أما الصراف "أبو أمير عون" والعامل في المجمع أيضاً، فقد أجبرته الظروف على البقاء في المنزل مفضلاً عدم التوجه إلى مكتبه كونه لا يوجد أي حركة للبيع والشراء والاستلام والتسليم حسب تعبيره.

وقال "عون" لـ "اقتصاد": "منذ ما يقارب الـ 20 يوماً ونحن متوقفين عن العمل كون سوق جراند بازار مغلق وليس هناك أي حركة للمدنيين".

وأضاف "عون": "صعوبات عدة تواجهنا في العمل حالياً خاصة أن التعامل مع الخليج كالسعودية وقطر والإمارات كله متوقف، يضاف إلى ذلك عمل البنوك في تركيا والمحدد بنصف دوام تقريباً، فما دفع بنا لإغلاق مكاتبنا هو أن حركة العمل تراجعت، كما أن حركة الحوالات باتت ضئيلة جداً".

وأشار "عون" إلى صعوبات أخرى تواجه عمله في إسطنبول، وقال: "نحاول أن نرسل عن طريق بنك كويت ترك، لكن تفاجأت أنهم أوقفوا لي الحد الأقصى للإرسال وهو 100 ألف ليرة تركية وهو المسموح لي في كل شهر، والآن هناك صعوبات بالنسبة للحوالات الداخلية التي هي ضمن البنك نفسه، ومن أجل ذلك أنا مضطر للانتظار للشهر القادم حتى يسمحوا لي بـ (ليميت) جديد محدد يسهل حركة الحوالات الداخلية كما هو الحال بالنسبة للحوالات الخارجية التي لم يوضع عليها قيود حتى الآن، خاصة وأن موضوع الحوالات الداخلية مهم جداً من أجل تسيير أمور الزبائن السوريين في تركيا، والذين يعتمدون على الحوالات المرسلة من الخارج من أجل دفع إيجارات البيوت وتأمين الحياة المعيشية".

وعن المخاوف في حال استمرت أزمة "كورونا"، قال "عون": "نخشى أن نصل إلى مرحلة ننقطع فيها عن الناس وبالتالي ينعكس هذا الانقطاع سلباً على من هو محتاج للحوالة الصغيرة، التي تعينه على تدبر أموره الحياتية اليومية".

يشار إلى أن العديد من المهن السورية في إسطنبول إضافة لمكاتب الصرافة، تضررت بسبب أزمة "كورونا"، ومنها مهنة الحلاقة، إضافة للعاملين في مجال بيع وتصنيع المفروشات، يضاف إليهم العاملون في ورش البناء ومن يعمل "مياومة"، إضافة للكثير من المهن الأخرى، وسط دعوات للحكومة التركية ومؤسسات المعارضة السورية لإيجاد الحلول اللازمة للتخفيف من الآثار الناتجة عن ذلك.

ترك تعليق

التعليق