كابوس انعدام مصادر الدخل يتفوق على "كورونا" في درعا


يعيش غالبية سكان درعا، ومعظمهم من صغار الكسبة، معاناة كبيرة نتيجة الإجراءات الاحترازية، التي اتخذتها سلطات النظام السوري، للحد من تفشي فيروس كورونا، الذي ما زال يشكل خطراً محدقاً وكابوساً مخيفاً لغالبية الدول.

وتشير مصادر متقاطعة من مناطق المحافظة المختلفة، إلى أن فيروس كورونا، والإجراءات المتخذة لوقف انتشاره، عطلا مظاهر الحياة الاقتصادية للأهالي، وتركا قسماً كبيراً من المهنين والمياومين في مهب الريح، دون أي مصادر رزق، أو بدائل إنفاق، الأمر الذي زاد من معاناتهم، وفاقم من سوء أوضاعهم المعيشية.

ولفتت المصادر إلى أن أصحاب المهن، والأعمال الحرة، الذين يعيشون على نتاج أعمالهم اليومية، باتوا عرضة للجوع، والفقر، والمرض، بسبب قلة الموارد المادية التي هي في الأساس متواضعة بفعل الحرب، والوضع الأمني الهش، الأمر الذي يتطلب تدخلاً عاجلاً، من قبل السلطات المحلية، والمنظمات الدولية، لإنقاذهم من براثن الوضع الراهن بتقديم مساعدات عاجلة، تحسن من مستواهم المعيشي.

ويقول "أبو محمد"، 50 عاماً، وهو صاحب بسطة ملابس، "منذ أسبوعين، لم يدخل جيبي ليرة واحدة، بسبب توقف العمل، وحظر التجوال"، لافتاً إلى أن ما كان يملكه من سيولة، إضافة إلى رأسماله، الذي كان يستخدمه في تمويل بسطته، أوشك على الانتهاء.

وأضاف، أنه إذا طال الأمر على هذا الحال، فإن الوضع سيكون صعباً جداً على معظم الأهالي، الذين سيفقدون كل مدخراتهم المتواضعة، في تأمين الشراب والطعام.

فيما أكد "سامر"، 42 عاماً، وهو صاحب محل للمواد الصحية ومواد البناء، بأن حركة البيع والشراء توقفت بالمطلق، مضيفاً أن "كل شي توقف عن العمل".

وقال إن خسائره أصبحت كبيرة، منذ توقف مبيعاته في ظل الإجراءات المتخذة لوقف انتشار كورونا، موضحاً أن نفقاته عالية ولا يوجد تغطية مادية لتعويضها.
 
وأضاف أنه مضطر أن يدفع نفقات، تقدر بأكثر من 60 ألف ليرة سورية شهرياً، تشمل أجور العمال والمحل، ورسوم خدمات كهرباء وماء ونظافة، رغم توقف مبيعاته.

فيما أكد "زاهر محمود"، 35عاماً، وهو بائع بسطة محروقات، أن مصدر رزقه الوحيد توقف، لافتاً إلى أنه لم يعد قادراً على تأمين احتياجاته المنزلية، بسب عدم وجود مصدر رزق، وبات يجد صعوبة كبيرة في تأمين ثمن ربطة خبز، وكيلو لبن لأطفاله، وذلك نتيجة الحظر المفروض بسبب كورونا.

وأضاف: "ليست المشكلة في فقدان مصادر الرزق فحسب، بل في الأسعار أيضاً التي باتت ترتفع مع كل لحظة، حتى باتت الأسر عاجزة عن تأمين احتياجاتها الضرورية".

ولفت إلى أن أسعار المواد الغذائية تجاوزت كل الحدود، متسائلاً: "كيف نعيش بعد أن أصبح سعر البيضة الواحدة 85 ليرة سورية، وكيلو البندورة 600 ليرة سورية، وكيلو اللبن 350 ليرة سورية، وكيلو البصل 1200 ليرة سورية، ونحن لا نملك النقود وليس لدينا مصدر دخل".

من جهته أكد "م. ص"، وهو صاحب محل حلاقة، أن مهنته بسبب فيروس كورونا باتت من المهن المحظورة جداً، وبات الزبائن يتحاشون الدخول إلى محله، موضحاً أن باب رزقه الذي يعتمده قد أغلق تماماً.
 
وعبّر عن أمله أن ينتهي الحظر المفروض قريباً، وتعود الأمور إلى سابق عهدها، وإلا ستكون الخسائر أكبر والمعاناة أكثر تفاقماً، بالتزامن مع الغلاء الفاحش، الذي تعيشه مناطق المحافظة.

وأكدت المصادر، أن الحاجة لتأمين لقمة العيش، وعدم وجود مصادر دخل بديلة، تدفع هؤلاء للمخاطرة، حتى لو كان هناك انتشار فعلي للأمراض، لأنه لا خيارات أمامهم إلا العمل، وتأمين بعض الخدمات المأجورة للغير، ليستمروا في العيش، وذلك في ظل عجز واضح للنظام، عن فعل أي شيء، وعدم قدرته على تقديم أي بدائل، أو مساعدات عاجلة للسكان.

وقال "عدي. س"، 34 عاماً، وهو ميكانيكي سيارات، "يطلبون منا الالتزام بالمنازل، وليس لدينا ما نعيش عليه، لا طعام، لا خبز، لا إمكانيات، لا نقود"، متسائلاً: "كيف يستوي هذا؟ ومن أين سنعيش؟".
 
يشار إلى محافظة درعا مازالت خالية من فيروس كورونا الخطير حتى اللحظة، حيث تشير مصادر صحة النظامـ إلى أنه لم يتم تسجل أي حالة مؤكدة في المحافظة.

ترك تعليق

التعليق