سكان في "القلمون الشرقي" يتحدثون عن تأثير "كورونا" على معيشتهم


فاقمت الإجراءات الاحترازية الأخيرة التي فرضها النظام للتصدي لانتشار فيروس "كورونا" من المعاناة المعيشية لأهالي منطقة "القلمون الشرقي" بريف دمشق، وسط عجز حكومي واضح عن توفير أي حلول ناجعة للتخفيف من انعكاسات هذا الوباء على أبناء المنطقة، حالهم في ذلك حال بقيّة المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.

حول هذا الموضوع قال "عبد الحميد"- وهو اسمٌ مستعار لأحد أبناء مدينة "الرحيبة"- في تصريح خاص لـ"اقتصاد" إنّ الأهالي في عموم منطقة "القلمون الشرقي" باتوا في حيرة بين ضرورة الالتزام التام بمنازلهم أو الاستمرار بمزاولة أعمالهم خارج ساعات الحظر الجزئي التي أعلنت عنها حكومة النظام، ليستطيعوا تأمين قوت أُسرهم بشكلٍ يومي، خاصة مع غياب أي نوع من المساعدات الحكومية.

وأضاف: "ساهمت تلك الإجراءات في زيادة حالة (الاختناق) التي تعاني منها شريحة واسعة من أبناء المجتمع السوري، حيث أنّها أدّت إلى تراجع أو انعدام دخل كثيرٍ من العائلات نتيجة توقف أعمالهم، وارتفاعٍ كبيرٍ في الأسعار شمل كل مستلزمات الأسرة اليومية من المواد والسلع الغذائية والخضار والفواكه والمنظفات، وما أثقل كاهلهم أكثر فأكثر هو غياب أي ضوابط أو رقابة لحكومة النظام على السوق المحليّة".

ووفقاً لما أشار إليه "عبد الحميد" فإنّ كثيراً من العائلات في منطقة "القلمون الشرقي" تعاني ومنذ عدّة سنوات من ارتفاع معدلات البطالة وتزايد نسبة الفقر، بالإضافة إلى عدم وجود مخزونٍ مالي سابق لديهم يُساعدهم على مواجهة الأزمات في حال توقفت أعمالهم لبعض الوقت.


حلول مؤقتة

بدورها أشارت "نجاح" -اسمٌ مستعار لأرملة وأمٌ لطفلين، تُدير صالون حلاقة وتجميل للسيدات- إلى أنّها استجابت لحالة حظر التجوال الذي فرضه النظام في منطقة "القلمون الشرقي"، حيث توقفت عن العمل منذ بدء انتشار المرض، وفي الوقت الراهن تعتمد هي وعائلتها في مصروفهم على مدخراتها من الأموال التي عملت على جمعها خلال السنوات الفائتة.

وأوضحت "نجاح" في حديثها لـ"اقتصاد" قائلة: "أحاول أن أتغلب على مشاكلي المادية عبر تلبية بعض السيدات (الزبونات) وزيارتهن في منازلهن خارج أوقات الحظر، حيث أقوم بتزيينهن كما لو أنّ الأمر يتم في صالون التجميل، ورغم صعوبة ذلك إلاّ أنّ هذه الطريقة تُوفر لي بعض المال في مثل هذه الظروف العصيبة".

وماتزال "نجاح" ملتزمة بدفع 30 ألف ليرة سورية شهرياً، كبدل إيجار لصاحب صالون الحلاقة، وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه الآن لأسابيع أخرى، فإنها مضطرة-كما تقول- لإغلاقه بشكلٍ كامل وتسليمه إلى صاحبه.


هواجس والتزامات

أمّا "أم علي" وهي زوجة معتقل، فتقول أنّها وأولادها لم يتأثروا كثيراً بالإجراءات الاحترازية الوقائية من فيروس "كورونا"، إذ أنّهم يلزمون المنزل ولا يخرجون منه نهائياً وهم يعتمدون في مصروفهم على الأموال التي تأتي من إخوتها المقيمين خارج سوريا.

وأشارت "أم علي" إلى أنّها لا تخرج من المنزل إلاّ لشراء بعض الحاجيات الأساسية؛ مع الالتزام في المنزل باستخدام الكمامة والكفوف والمعقمات، وذلك بسبب خوفها على عائلتها من انتقال العدوى؛ عندها لن ينفعهم أحد، فالنظام لا يهتم سوى لنفسه وللأشخاص المقربين منه، على حد وصفها.

"نادر" وهو أبٌ لثلاثة أطفال، ينحدر من مدينة "جيرود"، ويعمل في إصلاح ولفِّ المحركات الكهربائية المعطلة (مضخات-غطاسات، المراوح)، لا يختلف حاله كثيراً عن حال أبناء منطقته الذين أُجبروا على التقيد بقرار الحظر وإيقاف أعمالهم والبقاء في منازلهم، علماً أنّ عمله هو مصدر رزقه الوحيد.

وهناك التزامات مالية أخرى لا بدّ من الإيفاء بها في مواعيدها-كما يقول نادر- مثل إيجار المحل والمنزل وفواتير المياه والكهرباء، بالإضافة إلى الاحتياجات اليومية للأسرة.

وتساءل "نادر" قائلاً: "كيف رح سدد كل هالمصاريف وأنا قاعد بالبيت؟ رح موت من الهم مو من العدوى بـ(كورونا)".


ترك تعليق

التعليق