مسرحو جيش الأسد.. قطاع طرق في اللاذقية


مع نهاية شهر آذار الماضي، وما إن وصل مئات من المسرّحين حديثاً من جيش الأسد إلى قراهم في محافظة اللاذقية، حتى وجدوا أنفسهم دون دخل، ودون عمل، حيث الفقر المدقع يحيط بهم وبأسرهم، وهم الذين اعتادوا عيش الرخاء من عائدات التعفيش والسرقة من المناطق التي يدخلها جيش الأسد، لا سيما في إدلب، عدا عن رواتبهم الرسمية.

المسرّحون تجاوزت أعمار أصغرهم الخامسة والعشرين بعد أن خدموا في جيش الأسد مدة تجاوزت سبع سنوات، فهم من الدورات 107-106-105-104-103-102 الذين سيقوا إلى الجيش قبل أن تبدأ الثورة وصولاً للعام 2013، لا يتقنون أي مهنة، حيث غادروا الحياة المدنية وهم في سن الثامنة عشرة، وأغلبهم لم يتحصّل على شهادة علمية.

تثبيت الوجود

غالبية هؤلاء، اتجهوا إلى العمل الوحيد الذي يتقنونه، وهو السرقة، فقد سجلت قيادة شرطة محافظة اللاذقية 17 حالة سرقة لمنازل في قرى جبلة والقرداحة الأسبوع الماضي، وقبضت على خمس من المجموعات التي نفّذت عمليات السطو، وكانوا جميعاً من العسكريين المسرّحين حديثاً.

ضابط في قيادة الشرطة أكد لنا أن ارتفاع نسبة السرقة والسطو بعد أسبوعين من تسريح عدد كبير من عناصر الجيش دليل واضح على أن لهؤلاء يد طولى فيها، واعترف بعض المقبوض عليهم بوجود عشرات المجموعات التي تخطط لامتهان السرقة والتهريب.

المسرّحون لا يأبهون بالشرطة وعناصر الأمن، بل لعلّهم يريدون تثبيت وجودهم كقوة تشبيح إضافية في الساحل السوري، فقد نفذوا عملية سطو كبيرة نهار يوم الجمعة الماضية على فيلا في قرية عين العروس القريبة من القرداحة، تعود ملكيتها للعميد في جيش الأسد، أسامة خضور، وقتلوا ثلاثة حرّاس فيها، وأفرغوها من محتوياتها تماماً، ونقلوها بشاحنات لا تخفي لوحاتها المرورية، ولم تنفع محاولة قوة أمنية في إيقافهم، فقد اعترضوا طريقها وأطلقوا عليها النار وأرغموها على الانسحاب.

كذلك التهريب

ولوحظ بوضوح تزايد المعروضات من المواد المهرّبة في مدن الساحل وريفه، تشمل الأسلحة والمخدرات والأدوات الكهربائية، والأدوية، لا سيما تلك التي يدّعون أنها تعالج فايروس كورونا، يقوم ببيعها علناً عناصر يرتدون لباس جيش الأسد، "تبين أنهم عناصر من المسرّحين حديثاً، يرفضون تغيير زيّهم الذي رافقهم سنوات طويلة"، حسب تأكيد ناشط إعلامي متعاون معنا.

ظاهرة إجرامية أخرى تضاف لضيق الحياة وشظف العيش والفلتان الأمني في اللاذقية والساحل عموماً، زادت من تهديد حياة المدنيين الذي راحوا يناشدون عبر وسائل التواصل الاجتماعي الجهات المسؤولة لضبط الأمن والقبض على هؤلاء.

الدكتور "حسيب"، المختص بعلم الاجتماع، وهو اسم مستعار، أكد لـ "اقتصاد" أن الفلتان الأمني حالة معتادة في محافظة اللاذقية، حيث تنتشر المجموعات المسلحة بكثرة، تسطو وتقتل وتعتقل، تُهرّب وتغتصب، تتاجر بالأعضاء، كل ذلك موجود.

وأضاف: "نعم، كل ذلك موجود، ولكن بدلاً من مكافحته ومحاسبة مرتكبيه، تضاف عليه اليوم مجموعات محترفة في هذا المجال –يقصد المسرّحين حديثاً-، وكان حريّاً بالحكومة أن توفّر لهم دخلاً شهرياً معقولاً يلبي متطلبات حياتهم، إنهم أكثر خطورة، وهم من اعتادوا القتل والاستمتاع بمشاهد الدم، أمن المدنيين في مهب الريح".

 وفي ختام حديثه توجّه الدكتور حسيب إلى الله بدعاء أن يحمي المدنيين من كل المجرمين، لأنه وحده يستطيع ذلك، فالفروع الأمنية والشرطة شركاء لهم يتقاسمون معهم المكاسب مقابل عدم ملاحقتهم. وشكّك في وجود نيّة الملاحقة أصلاً.

وفي السياق، نذكر أن قيادة الشرطة في محافظة اللاذقية تلقّت بلاغات عن 167 حالة سرقة سيارات بعد فرض حظر التجول الليلي مطلع الشهر، تبيّن أن للمسرّحين حديثاً مشاركة كبيرة فيها، حسب تصريحات سابقة لضابط في القيادة المشار إليها.

ترك تعليق

التعليق