رمضان "بائس" لفقراء دمشق وريفها


في سوق الدحاديل الشعبي يمر "أبو محمد" أمام البضاعة المعروضة متذكراً كما يقول لـ "اقتصاد" أقل ما يمكن شراؤه في رمضان، وخصوصاً تلك الأشياء البسيطة التي يهتم بها الصغار قبل موعد آذان المغرب: "كيس العصير اللي كان بـ 25 ليرة صار سعرو 150 ليرة"، وهذا يعني أن ابريقاً صغيراً يحتاج لثلاثة منها لا يمكن أن يكون حاضراً على مائدة الفقير.

التجار يتهمون.. كورونا

لن يكون تقصير النظام من أسباب حزن السوريين على رمضان بائس قادم، وسيبدأ كعادته معزوفة مبررات العجز، وها هي تتحقق بكورونا الذي أنهك اقتصاده وأفرغ الأسواق، وأما الحقيقة فهي في أن ما يتقاضاه الموظف لا يكفي لوجبة متوسطة السعر في مطعم بثلاث نجمات.

التجار الموالون تحدثوا لجريدة "الوطن" المملوكة لرامي مخلوف عن استبعادهم حدوث زيادة في الطلب على المواد الاستهلاكية والسبب: "إجراءات التصدي لفيروس كورونا، وما رافقه من توقف لعدد كبير من الأنشطة الاقتصادية، والمهن الحرفية، وبالتالي تراجع مصادر الدخل، ليكون التقشف هو السمة البارزة للشهر الفضيل هذا العام، وخاصة لدى أصحاب الدخل المحدود والمتضررين من الظروف الاستثنائية".

من دون.. دسم

يتساءل "أبو خالد" من ريف دمشق الغربي عن صيام دون طقوس اعتادوا عليها في ريف دمشق، وذكريات عن وجبات دسمة من الكبة المحشوة باللحم وسواها من المحاشي والمشويات.

 وأما "أبو سعيد" فيقول لـ "اقتصاد": "لم نعد قادرين على شراء الخضار العادية واليوم مثلاً في السوق لا سلعة تحت الألف ليرة باستثناء الثوم الأخضر بـ 800 ليرة أما ثوم المونة فالكيلو 5000 ليرة".

أية وجبة صغيرة تكلف حوالي 5000 ليرة، وحتى وجبة خفيفة مثل (الجظ مظ) لعائلة صغيرة تحتاج إلى مبلغ ليس بالقليل.. يقول ضرار من سكان كفرسوسة: "كنا نسميها أكلة العساكر حيث لا تحتاج إلى جهد أو مال كثير لكن اليوم كيلو البندورة بـ 1000 ليرة، والبصل 1500 والبيضة 100 ليرة تخيل معي أين وصلنا!".

أما محاولة إدخال بعض اللحم فستكلف الوجبة مبلغاً مضاعفاً فكيلو اللحم البلدي بين 12000- 14000 ليرة، وهذا يعني كما يقول "مراد . ن" لـ "اقتصاد": "فطور لحمة بالصينية لعائلتي المكونة من أب وأم وأربعة أولاد يحتاج على الأقل لكيلو ونصف من اللحم ما يقرب من 25000 ليرة وأضف البصل وبقية التتبيلة يعني 30000 ليرة هذا فقط للصينية عدا ما تستلزمه من مقبلات".

عادات جديدة

اكتسبت بعض العائلات الفقيرة سلوكاً مغايراً لما اعتادت عليه في سنوات العوز الأخيرة، وبات رمضان الذي عرفوه منذ سنوات ليست بعيدة مجرد ذكريات يروونها لأبنائهم.

تقول فايزة لـ "اقتصاد": "رمضان حزين بالنسبة لي فكيف أحكي لأبنائي عن رمضان الذي عشته وعلى طاولة الفطور لا يوجد سوى ما يتيسّر لزوجي الفقير من تأمينه.. لم أعد أقدر على التذكر".

ومع كل هذا الحزن والخوف سوف تعرض قنوات تلفزة النظام في الأيام القادمة صور الحلويات وحشود المتبضعين في الأسواق، وتتردد عبارة "سوريا بخير" من أفواه الأبواق الرخيصة.

ترك تعليق

التعليق