شباب في "المحرر" متفائلون بـ "كورونا".. ويتهيؤون للأسوأ


قضى الشاب إبراهيم ذو السبعة والعشرين عاماً، خمسة أيام، في رحلة البحث عن سيارة ذات خاصية الدفع الرباعي ليقتنيها بحيث تكون جاهزة في حال عمّت الفوضى بمناطق شمال سوريا الخارجة عن سطوة نظام الأسد كامتداد لفوضى عارمة قد تطرأ حول العالم جراء الانتشار الكثيف لجائحة كورونا وما سينتج عنه من آثار سلبية قد تُصيب الدول والمجتمعات المحلية.

إبراهيم المُهجر من منطقة وادي بردى بريف دمشق إلى مخيمات حارم في شمال إدلب، تُذكّره الأخبار المتداولة المتعلقة بجائحة كورونا بما تعرض له من حصار لسنوات طويلة في منطقته بفعل الآلة العسكرية لنظام الأسد وحزب الله ترافق مع صمت عربي ودولي رهيب، إذ عاش حينها أحداث نهاية العالم كما يُشاهدها الناس في أفلام هوليود. كانت أكثر المنازل خاويةً من سكانها، عدد الناس قليل جداً مُقارنةً بسنوات ما قبل الحرب، فُقدت كافة مقومات الحياة، انعدمت الموارد، ارتفعت أسعار كافة المنتجات الغذائية والدوائية بشكلٍ تدريجي حتى تجاوزت 100 دولار أمريكي ثمناً لكيلو السكر الواحد، أزيز الرصاص ورائحة الدماء أقوى من كل شيء، بحسب ما قال لـ "اقتصاد".

ويُضيف أنّه الوحيد من عائلته الذي بقي في سوريا، ويعزف عن الزواج بسبب ارتفاع التكاليف من مهور وإيجار منزل ومستلزمات الحياة الزوجية، ويرى في كورونا أملاً لشعور كافة الناس بالمحن، علهم يرأفون بمن جار عليه الزمان.

ويختم إبراهيم: "ما يُميز كورونا عن غيرها من القتلة أنّها تستهدف الجميع، دون استثناء لغني أو قوي، ومن يدري فربما يجتاح الفيروس العالم كله لا سيّما وأنّ منظمة الصحة العالمية أكّدت انعدام إمكانية توفر العلاج قبل عام وفي الأثناء تتضاعف أعداد المصابين، ولا مانع من أخذ الحيطة، فلا فوارق عميقة بين ما نعيشه ونتوقع حصوله".

"صراعٌ لا بد منه لأجل البقاء"، يقول "أحمد" المهجر من الغوطة الشرقية، متفائلاً ومُعللاً، "كافة إجراءات الوقاية المتخذة في شمال سوريا شكلية لا تتناسب مع حجم تحذير الأمم المتحدة الصادر منتصف شهر آذار، إذ يسيطر على المشهد ندوات التوعية في ظل تخبط حقيقي بإصدار قرارات حاسمة من الجهات الحاكمة بالأمر الواقع، ورُبما يكون شح الإمكانيات سبباً لذلك، إن لم يكن قصوراً في النظر".

وعن سبب تفاؤله بسيناريو فوضى تعمّ العالم بسبب "كورونا"، قال إنّه يتوق لزوجته وأطفاله الثلاثة الذين يعيشون في أوروبا منذ العام 2014، لا يستطيع التوجه إليهم بأي طريقة، فإجراءات لم الشمل تحتاج لوجوده في تركيا، وقد حاول أربع مرات دخولها بطريقة غير شرعية تكبد خلالها خسائر مادية تصل إلى 500 دولار أمريكي كأجور تنقل في المناطق الحدودية، ويؤكد بأنّه لن يطلب من عائلته الوصول إليه بسبب سوء الإدارات المحلية في تعاملها مع الأزمات والتخفيف عن الناس وعدم قدرته على تأمين قوت يومهم جراء انعدام سوق العمل، وغياب أي حل سياسي شامل في الأفق، هناك تبقى العائلة تحت رعاية القانون ولو في الحدود الدُنيا.

دوافع التفاؤل لدى "نهاد" تختلف قليلاً، حسبما قال، فقد بدأت الثورة وهو في سن العاشرة، إلى اليوم مُقيد بقوانين لا يعلم ماهيتها، يهوى المغامرات حتّى التي فُرضت عليه زوراً في حصار منطقة داريا منذ 2014 حتّى أواخر 2016 والتهجير المتكرر الذي تبعه، يحلم بزيارة كُل معالم العالم، وفي حال عمّت الفوضى قد تكون فرصة جيدة له لتحقيق حلمه والانطلاق بمغامرات غير محلية.

يأسر نهاد، حسبما يرى، عدم وجود جهات رسمية تُصدر جوازات سفر وهذا سيتم كسره في كل العالم مع امتداد الجائحة وتطور الصراع بين الدول العظمى على امتلاك العلاج، ويرى مُصادرة الدول للمستلزمات الطبية من بعضها البعض في البحار وتوقيف أمريكا تمويل منظمة الصحة العالمية مؤشراً لذلك.

عن التجهيزات قال إبراهيم ونهاد وأحمد، إنّهم استطاعوا تأمين سيارة دفع رباعي مستعملة تحتاج لإصلاحات قليلة، ويُحاولون تخزين المعلبات ومسكنات الآلام ومياه الشرب المعدنية والتبغ، كما يسعون لامتلاك أسلحة طراز "بمبكشن" كونه يُساعد في الحماية الشخصية أكثر من بقية الأسلحة ويُستخدم في الصيد أيضاً، بالإضافة إلى أجهزة الطاقة الشمسية ومصابيح تُشحن يدوياً وأجهزة لاسلكي ومذياع، وعن مكان حجرهم الذاتي في مستقبلهم المأمول قالوا إنّهم يعرفون مغارة في جبلٍ قريب من المخيمات التي يقطنوها، ولا تعنيهم طول مدّة الحجر كونهم تعرضوا لتجربة مماثلة وأصعب في سجون نظام الأسد.

ترك تعليق

التعليق