لماذا لم تتحول حارم وسلقين إلى سرمدا ثانية؟


على السفح الشمالي الغربي لجبل السماق تقع مدينة حارم التي لا تزال محافظة على أجوائها الطبيعية الخلابة. أصوات القذائف لم تكن تسمع هنا حتى في أحلك الظروف حين اقترب القتال مؤخراً من مدينة إدلب (مركز المحافظة) ومع ذلك لا يوجد نشاط تجاري كبير في المنطقة.

وعلى عكس ما هو متوقع؛ يغيب النشاط الاقتصادي الكبير عن أكثر المناطق الحدودية أمناً مثل حارم وسلقين وكفرتخاريم. في حين كان من المفترض -منطقياً- أن تتحول هذه المناطق إلى مراكز تجارية ضخمة على غرار مدن تجارية هامة مثل سرمدا والدانا واعزاز.

وعلى ما يبدو فهناك أسباب عديدة تتعلق بالطبيعة الجبلية وغيرها، جعلت نصيب هذه المناطق -التي تقع بمحاذاة لواء اسكندرون وتبعد تماماً عن المعارك والقصف- ضئيلاً، من ضخ رؤوس الأموال الكبيرة وإطلاق استثمارات وحدوث نشاط عقاري.

طبيعة جبلية وعرة

هناك صعوبة للشاحنات التجارية الكبيرة في التوغل بين الطرقات الجبلية الضيقة والمرتفعة للوصول إلى هذه المدن الحدودية.

يعتقد العديد من سكان المنطقة أن هذه المسألة قد أبعدت التجار والمستثمرين عن ضخ أموالهم في المنطقة وإطلاق مشاريع تجارية وعقارية.

شبكة الطرقات التي تربط المنطقة ضيقة جداً ومنحنية. بخلاف طريق إدلب-باب الهوى وهو طريق داخلي يربط مدينة إدلب بمعبر باب الهوى ويمر من قلب المحافظة.

لا معابر تجارية

عادة ما يرغب التجار بإقامة متاجر كبرى ومكاتب للتجارة الخارجية بالقرب من المعابر. وهو ما حصل بالفعل بالقرب من معبري باب الهوى حيث تحولت كل من الدانا وسرمدا لمراكز تجارية هامة جداً، وبالقرب من باب السلامة أيضاً، الذي ضخ الحياة الاقتصادية في مدينة اعزاز وجعلها مركزاً للعديد من السلع والبضائع التركية.

هذا ما تفتقر إليه حارم وسلقين البعيدتان نسبياً عن معبر باب الهوى.

في هذه المنطقة تمارس سلقين دور مركز التوزيع التجاري على بقية المدن مثل حارم وكفرتخاريم وأرمناز والقرى القريبة، لكنها لم تتحول إلى ما يشبه سرمدا، المكتظة بالمحلات التجارية الكبيرة والمزدحمة في معظم ساعات النهار.

ما دور حلب؟

تقع حارم وسلقين في أقصى الحدود الشمالية الغربية لسوريا. وتبعد عن مدينة حلب العاصمة الاقتصادية للبلاد قرابة الـ 60 كم، وهو سبب كفيل بإبعاد التجار الحلبيين الذين يستثمرون بكثافة في مدن المعارضة القريبة من حلب، مثل الدانا وسرمدا.

ولا يفضل هؤلاء نقل ثقلهم التجاري نحو منطقة حدودية بعيدة عن المعابر مع حلب والتي كانت أحد أسباب نشاط الحركة التجارية بين النظام وإدلب.

تبعد هذه المنطقة عن مدينة إدلب أيضاً (بين 45 و50 كم) وهو سبب كافي لعدم اعتماد أكبر مدينة ذات كثافة سكانية (قرابة 800 ألف نسمة) على تلك المنطقة. في حين لا تتجاوز المسافة بين إدلب وباب الهوى أو سرمدا، أكثر من 30 كم.

ترك تعليق

التعليق