"الزعتر البري".. مصدر دخل أساسي لبعض العائلات النازحة في ريف حلب الشمالي


يعد قطف الأعشاب الطبيعية وعلى رأسها الزعتر البري الأخضر الذي ينمو بشكلٍ تلقائي على السفوح الجبلية وبين الأودية، مصدر رزقٍ لعدد من العائلات النازحة في ريف حلب الشمالي، وذلك لاستخدامها في صناعة الأدوية ودخولها في مكونات بعض المأكولات والمشروبات الشعبية المحليّة.

ووفق "أم محمد" وهي أرملةٌ وأمٌ لطفلين، من نازحي ريف دمشق، وتقيم مع عائلتها في إحدى قرى ناحية "راجو" بريف منطقة "عفرين" شمالي حلب، فإنّ انتشار الزعتر البري بكثرة في المناطق الجبلية والمرتفعات الواقعة في محيط مكان إقامتها، دفعها إلى محاولة الاستفادة من هذه النبتة من خلال البحث عنها وقطفها وبيعها الأمر الذي وفر لها بعضاً من المال الذي يساعدها على سدِّ جزءٍ من احتياجات عائلتها.

وأضافت "أم محمد" في حديثها لـ"اقتصاد" قائلة: "منذ حلول فصل الربيع وأنا أخرج في كل يوم ومنذ ساعات الصباح الباكر نحو الأماكن التي ينمو فيها الزعتر البري بكثافة، حيث أحاول جمع أكبر كميةٍ منها من خلال قطع الأوراق العلوية الخضراء التي تشبه نبتة الحبق، وترك الأجزاء السفلية، حتى تعود وتنمو مرةً أخرى، وما يساعد على ذلك هو الهطولات المطرية الغزيرة التي تشهدها المنطقة".

وأشارت إلى أنّها تضطر إلى الصعود لارتفاعات جبلية مختلفة في سبيل جني كميات مناسبة من نبتة الزعتر البري، وعندما تشعر بأنّ الوزن الذي بحوزتها أصبح ثقيلاً عليها تعود أدراجها إلى منزلها للبدء بعملية تنقيته وإزالة الشوائب والأعشاب الضارة منه، ومن ثمّ تقوم بوضعه في أكياس نايلون تمهيداً لبيعه إلى أحد التجّار في المنطقة.

ويبلغ مقدار ما تجمعه السيدة "أم محمد" من الزعتر البري في اليوم الواحد حوالي 8 كيلو غرامات، وهي تقوم ببيعها بسعر يتراوح بين 500 و600 ليرة سورية، للكيلو غرام الواحد وما يحدد السعر هو التاجر نفسه.


مؤونة

بدورها أشارت "أم توفيق" وهي ربة منزل، من أبناء مدينة "الباب"، إلى أنّ كثيراً من العائلات في ريف حلب الشمالي ومحافظة إدلب يقبلون على شراء كمياتٍ كبيرة من الزعتر البري خلال فترة قطافه في فصل الربيع، لكونه يدخل ضمن قائمة المؤونة الأساسية لتلك العائلات بحيث لاتكاد تخلو موائد المنازل من حضوره.

وتقوم بعض ربّات البيوت-كما تقول أم توفيق لـ"اقتصاد"- بحفظ كمياتٍ لا تقل عن 3 كيلو غرام من الزعتر البري إمّا في أكياس بلاستيكية ضمن الثلاجة، أو داخل مرطبانات زجاجية مغمورة بزيت الزيتون، تحفظ بعيداً عن أشعة الشمس لاستخدامها لاحقاً في مكونات بعض المأكولات والفطائر والسلطات الشعبية المعروفة لدى أبناء المنطقة.


فوائد طبية وتراجع في الأسعار

وشهد الموسم الحالي زيادةً ملحوظة في الطلب على الزعتر البري، لكونه يعتبر من أهم الأعشاب التي تدخل في علاج الأمراض التنفسية المصاحبة لفصل الشتاء (الرشح، الإنفلونزا)، وأيضاً في تقوية الجهاز المناعي في ظل ظهور وانتشار فيروس "كورنا" الذي تحول إلى وباءٍ في عددٍ من دول العالم.

بدوره قال "إبراهيم حج حسن" وهو خبير أعشاب طبية في مدينة "عفرين" لـ"اقتصاد" إنّه يقوم بشراء الزعتر البري الأخضر عن طريق أشخاص يقومون بجمعه وبيعه خصيصاً له، حيث يستخلص منه الزيوت التي تستخدم في علاج السعال الديكي والالتهابات الرئوية والربو والشقيقة والبلغم وغيرها من الأمراض الصدرية التي تصيب الكبار والصغار على حدٍ سواء.

وفيما يخص الأسعار أشار "حج حسن" إلى أنّ أسعار الزعتر البري الأخضر قد تراجعت في هذا العام لتتراوح بين 800 و1000 ليرة سورية، بعد أن وصلت إلى 1500 ليرة للكيلو غرام الواحد في العام الماضي.

ويعود السبب وراء تراجع أسعار الزعتر البري-كما يقول حج حسن-إلى توفر كميات كبيرة منه في الأسواق المحليّة، وعدم تمكن التجّار من تصديره إلى خارج المنطقة نتيجة إغلاق المعابر التجارية مع النظام.

ترك تعليق

التعليق