على موائد السوريين.. الدجاج هو الطاغي، ولا مكان للحم الخروف


ليس قريباً ذلك الوقت الذي لجأ فيه السوريون -ولا يزالون- إلى لحم الدجاج عوضاً عن لحم الضأن الباهظ الثمن. وهكذا غدا اللحم الأبيض الذي تنتمي إليه الدجاجة الأكلة المفضلة للجميع تقريباً -عدا الأثرياء- كلما احتاجت معداتهم المسكينة للبروتين وحنت إلى تناول اللحوم.

وفي رمضان الحالي يبتعد السوريون عن اللحوم الحمراء أكثر وأكثر، بما فيهم سكان إدلب وشرقي الفرات اللتين كانتا تمتازان برخص أسعار المواشي. ولم لا؟ وفي إمكان لحم الدجاج تقديم وجبات لا حصر لها؛ فهناك أنواع عديدة تقدمها الدجاجة على الرغم من كونها ضئيلة الحجم مقارنة بالخروف (المهبر)؛ تتراوح بين المشوي والمقلي والمسلوق وكل نوع يتشعب إلى عدة أصناف.

يقول "سعيد" وهو من إدلب إن اللحم الضان مرتفع جداً حيث يتجاوز الكيلو 9 آلاف ليرة لذلك يعتمد مثل باقي السكان على الدجاج.

مؤخراً صعدت أسعار لحم الدجاج في إدلب تزامناً مع صعود الدولار مع ذلك لم يمتنع السكان عن الشراء. يشرح سعيد "لا يمكننا الاستغناء عن هذا اللحم لكننا بتنا نقلل من الكمية التي نشتريها".

في دمشق لم تمتنع "سلمى" عن تناول لحم الدجاج تماماً. لكنها تشتريه بين الفترة والأخرى فـ "ارتفاع ثمنه لا يسمح لمعظمنا بتناوله بشكل مستمر"، تقول أسماء التي لا تتذكر آخر مرة تمكنت فيها من تناول لحم الغنم في العاصمة ذات الأسعار الباريسية. لذلك يبقى الدجاج "أرخص وجبات اللحم هنا وربما في كل سوريا"، تضيف أسماء.

هناك عشرات الأطباق المصنوعة من الدجاج. منها الـ (شيش طاووق) الذي يعتبر أشهر الأطباق المشوية ويستخرج من صدر الدجاج ويتبل جيداً ثم يشوى على الفحم أو في الفرن مع بعض الخضار كالبصل والفليفلة والبندورة المقطعة. وبعض عشاق الشواء يضيفون القليل من "لية الخروف" وهو ما يضيف نكهة مميزة لهذه الوجبة العريقة.

منذ سنوات طويلة اعتاد السوريون على منظر الشواية العاملة على الغاز وهي تدور محملة بـ "الفروج المشوي" بينما يسيل الدهن منه. تعتبر هذه الأكلة أحد أشهر الوجبات الجاهزة والمفضلة للكثير من السوريين.

بسبب غلاء لحم الضأن يلجأ الكثيرون للاعتماد على مناسف الرز مع الدجاج عوضاً عن (كراديس اللحم) التي كان القدماء يغطون طبق الرز بها.

أما صينية البطاطا مع الدجاج والتي يطلق عليها المصريون (صينية الفراخ) فهي أكلة مشهورة أيضاً في العديد من المناطق السورية ويستخدم في مقاديرها الثوم المهروس ودبس البندورة والبطاطا والحمض ثم توضع الصينية في الفرن و(تقمر) جيداً.

لم يكن السوريون القدماء يعترفون بلحم الدجاج كما هو الحال اليوم. وعندما كان أحدهم يتحدث عن اللحم كان يقصد لحم الخروف الذي يختال بـ (ليته) الكبيرة أمام الجزارين وفي المراعي.

أما الدجاج فكان يربى للبيض ولم يدخل إلى لائحة اللحم إلا عندما عم الفقر في سوريا وصار شراء وجبة (شقف) أو (كباب) مشوية من لحم الضأن أحد المشاريع المكلفة لمعظم طبقات المجتمع وأقرب إلى الحلم.

ترك تعليق

التعليق