سوق الصرف في إدلب.. حيتان تتفوق، وأسماك صغيرة تبتلع الطعم


في إحدى غرف التلغرام التي تضم صرافين ومتاجرين بالعملات الصعبة في إدلب، غدت قضية صعود الدولار إلى رقم غير مسبوق محط تندر للأعضاء، لاسيما بعد الخسائر الفادحة التي مني بها معظمهم، فمن بين من يقترح شراء منزل أو عقار بالعملة المحلية التي غدت ذات قيمة متدنية جداً كان هناك من يفكر بالزواج ودفع المبلغ الكبير/الصغير كمهر للعروس وهكذا يمكن تلافي الخسارة.

الرقم غير المسبوق الذي سجله دولار إدلب أمام الليرة السورية ضاعف حجم الخسائر لاسيما لصغار الصرافين الذين لا "ظهر لهم" على حد تعبير أحد هؤلاء، بينما كان المتاجرون بالعملة من المنزل والذين يطلق عليهم في عرف السوق لقب (البيتوتي) أكبر الخاسرين.

يقول "أسعد" أحد الصرافين لـ "اقتصاد" بينما كان جالساً في مكتبه بريف إدلب، "لا أحد يستطيع اللعب في سوق كهذا". وبينما كان يشير إلى رزم من العملة السورية، قال أسعد: "ماذا أفعل بهذه الأوراق الرديئة؟ لقد خسرت الكثير اليوم".

أما "أبو أحمد" فقد باع مبلغ 3000 دولار قبل عدة أيام بمبلغ 1270 للدولار الواحد، واليوم خسر أكثر من 150 ليرة في كل دولار. يقول لـ "اقتصاد" إنه يفكر في عدم دخول السوق مرة أخرى، فـ "الخسارة لا تحتمل. وعظمنا لا يزال طرياً"، على حد قوله.

ضربة قاضية

ليست المرة الأولى التي يتعرض خلالها سوق الصرف في إدلب وفي معظم المناطق السورية، لمضاربة حيتان السوق السوداء الذين يطلق عليهم بقية الصرافين لقب "الكباش".

ويعتقد العاملون في سوق الصرف أن المصرف المركزي التابع للنظام له اليد الأكبر في عمليات المضاربة هذه حيث يدفع رواتب موظفي الدولة من فرق أسعار الصرف.

وكم ارتفع الدولار أمام الليرة في أوقات سابقة لكنه سرعان ما عاود الهبوط.

لكن الصعود هذه المرة سدد ضربة قوية للعشرات.

وكشف مجموعة من الصرافين لـ "اقتصاد" عن دور لصرافين كبار في مدينة إدلب في الدخول بعمليات مضاربة كبيرة تسببت بحدوث طلب جنوني على الدولار ما أدى لصعود مماثل في أسعار التداول.

وقال الصرافون إن مدينة إدلب لم تكن بهذه القوة سابقاً حيث كانت أسواق الصرف في ريفها تتغلب عليها في حجم السيولة وقوة الطلب وكثافته لكنها لعبت هذه المرة دوراً رئيسياً في التحكم بسوق الصرف.

خطط للمواجهة

قال ثلاثة صرافين تعرضوا لخسائر فادحة إنهم لن يغدوا مرة أخرى ضحية مضاربات (كباش السوق) وذلك بعدة أساليب تعلموها من السوق وتقلباته المستمرة.

من هذه الوسائل تجنب التداول تماماً وتجميد المال عند اشتداد الطلب وذلك تجنباً لأقل حجم من الخسائر.

أحد الصرافين الثلاثة تحدث عن خطة أفضل في اعتقاده وهي تقسيم المال إلى قسمين الأول دولار والثاني ليرة سورية. يقول الصراف: "أحد المبلغين يعدل الآخر وفي حال لم تحدث أرباح لن تحدث خسائر أيضاً".

أما خطة الصراف الثالث فتمثلت في بيع جزء من المبلغ عند ارتفاع السوق وفي حال حدث خطأ في تحليل السوق وارتفع الدولار مجدداً يلجأ إلى بيع جزء آخر بالسعر الجديد. بهذه الطريقة يمكن -على الأقل- تجنب الخسائر الفادحة.

ترك تعليق

التعليق