درعا.. خوف ونزوح، وأربعة احتمالات لأهداف تعزيزات النظام العسكرية


يعيش أهالي محافظة درعا بجميع مناطقهم، حالة من الخوف والتوجس والترقب لما ستؤول إليه الأمور في الساعات القادمة، وذلك على وقع التعزيزات العسكرية غير المسبوقة التي تشهدها المحافظة ولأول مرة منذ سيطرة النظام على المحافظة في تموز من  العام 2018.

حشود تفوق الهدف المعلن
 
وقالت مصادر مطلعة في محافظة درعا إن مناطق درعا بريفها الشرقي والغربي، تشهد منذ عدة أيام وصول حشود كبيرة من قوات النظام والميليشيات الإيرانية المتحالفة معها قادمة من محافظة السويداء، لافتة إلى أن هذه الحشود، نصبت مدافعها وأسلحتها الثقيلة، عند تخوم بلدات الحراك، وناحتة، وبصر الحرير، في ريف درعا الشرقي، بالتزامن مع وصول حشود مماثلة إلى أطراف مدن درعا وداعل وطفس والمزيريب في الريف الغربي.

  وأضافت المصادر أن هذه الحشود وصلت إلى تلك المناطق -ووفق هدف النظام المعلن حتى اللحظة- إثر مقتل ثلاثة عناصر لقوات النظام في الريف الشرقي، وتسعة آخرين من عناصره في ريف درعا الغربي، موضحة أن حجم هذه الحشود يعيد إلى الأذهان مرة أخرى حملات القتل والتدمير المشابهة، التي شهدتها المحافظة خلال سنوات الثورة التسع الماضية.

ولفتت المصادر إلى أنه وعلى الرغم من أن تلميحات أجهزة النظام، وما يصدر عنها من معلومات، يشير إلى أن هذه الحملة ستكون قصيرة, ومحدودة، وستستهدف مجموعات مسلحة بعينها، (أي تلك المسؤولة عن مقتل عناصر قوات الأمن في ريف درعا الشرقي وناحية المزيريب)، إلا أن حجم التعزيزات الكبير، والتحضيرات والاستعدادات التي تتخذها قوات النظام لإنجاز تلك الحملة، يوحي  بأنها ذاهبة إلى أبعد من ذلك، لاسيما إذا ما علمنا أن محافظة درعا التي يسيطر عليها النظام منذ أكثر من عام ونصف، باتفاقيات التسوية، مازالت تعيش أتون فوضى أمنية، تفقد بسببها المحافظة يومياً عدداً من سكانها، بين مدنيين وعسكريين موالين ومعارضين.

تضارب في الآراء

وقد تضاربت الآراء حول هذه الحملة، وأهدافها، ومداها، ففي حين يرى فريق أن قوات النظام ستكتفي بحملتها العسكرية عند هدفها المعلن، ألا وهو القبض على تلك المجموعات المستهدفة، التي نفذت عمليات القتل والاغتيال، بحق عناصر النظام، يرى فريق ثانٍ بأن الحملة ستطال كل المجموعات المسلحة، التي مازالت تملك السلاح الخفيف والمتوسط، ويقصد هنا عناصر فصائل "التسويات"، وبعض المجموعات المسلحة التي مازالت خارج إطار التسويات، الذين يوجه لهم النظام المسؤولية الكاملة، عن الفوضى الأمنية وعمليات الاغتيال المتكررة، التي تحصل في مناطق المحافظة كل يوم، والتي تطال العسكريين على الحواجز وعناصر الأجهزة الأمنية التابعة له المدنيين المتعاونين معها.

واستدل هذا الفريق، حسب رأيه، بأن الظروف الآن مواتية لإعادة الاستقرار إلى محافظة درعا، والقضاء على فلول بعض الثوار السابقين، كما أن حالة الهدوء على جبهات ادلب وحلب، نتيجة الهدنة الموقعة بين تركيا وروسيا، تشجع على القيام بمثل هذه المهمة، التي يعد إنجازها، إن كان عاجلاً أم آجلاً، أمر لابد منه من وجهة نظر النظام.

فيما ابتعد فريق ثالث عن الرأيين السابقين، نافياً أن يكون الهدف المبيت هو تطهير المحافظة من المظاهر المسلحة، والقبض على المجموعات التي ارتكبت عمليات اغتيال وقتل ضد عناصر النظام، رغم ضرورة  فرض هذا الواقع، لأن النظام برأي هذا الفريق  أضعف من أن يفعل ذلك في هذه الظروف، مبرراً وجود تلك الحشود بأنها تأتي في إطار إعادة الانتشار والتموضع، الذي تقوم به قوات النظام، والميليشيات الحليفة، بعد أن أصبحت أهدافاً سهلا للضربات الإسرائيلية المتكررة.

أما الفريق الرابع، وهو الأكثر تشاؤماً، فقد رأى أن النظام يجهز لحرب انتقامية من أهالي درعا، يُتوقع أن يرتكب فيها مجازر كبيرة، بناء على تحريض من بعض الجهات المقربة من الدائرة الضيقة للنظام، وذلك تأديباً لمحافظة درعا جراء خروجها على حكم الأسد، وإطلاق شرارة الإطاحة به، ويستدل هذا الفريق برأيه في تطورات الأحداث وتسارعها، لاسيما ما يتعلق منها بقرب الإطاحة بالنظام.

حالة الخوف التي تعيشها المحافظة نتيجة التعزيزات العسكرية، تسببت في تراجع، وتوقف العديد من الأنشطة الاقتصادية، كما تسببت بتراجع الحركة والتنقل بين المناطق، بعد أن نشرت قوات النظام، حواجز جديدة، وعززت الحواجز العسكرية القديمة،  بالعناصر والعتاد، سيما وأن معظم الشباب مطلوبين إما للخدمة العسكرية والاحتياطية، وإما للجهات الأمنية بتهم تتعلق بالثورة.

كما وشهدت بعض المناطق، حركات نزوح فردية لعائلات من المناطق القريبة من الحشود العسكرية، وصلت إلى الريف الغربي من المحافظة تاركة أعمالها وأنشطتها في مناطقها بانتظار ما ستسفر عنه الساعات القليلة القادمة من تطورات جديدة.

ترك تعليق

التعليق