"دولار إدلب" لم يهبط على خلاف التوقعات.. فما هي القصة؟


داخل مكتب أحد الصرافين في مدينة إدلب ينهمك "حسن" في عد رزمة من النقود تجاوزت الـ 1450 ليرة سورية ليشتري بها على الفور 100 دولار أمريكي.

 "الآن شعرت بالراحة"، قال حسن للصراف ثم ولى ذاهباً.

وهكذا وقع "حسن" ضحية إحدى ألاعيب كبار المضاربين بالدولار في محافظة إدلب دون أن يشعر. مثله المئات الذين سارعوا خلال الأيام الماضية إلى استبدال ما يدخرونه من ليرات بشراء الدولار بعد التدني الكارثي في قيمة العملة المحلية.

يقول حسن إنه كان خائفاً مما يروج في المنطقة من انهيار هائل لليرة السورية بعد سماعه بدخول كميات "من الألفينات إلى إدلب".

 أما "سعيد"، وهو شاب آخر سارع إلى شراء 350 دولار مضحياً بقرابة نصف مليون ليرة أمضى عدة أشهر في جمعها، فيقول إن قضية رامي مخلوف وعلاقتها بصعود سوق الصرف جعلته يقلق من انهيار العملة.

لذلك شهدت السوق طلباً محموماً على الدولار بعد أن كان المفترض هو العكس، مع حلول شهر رمضان واقتراب مناسبة أخرى وهي عيد الفطر.

تعقيدات ومضاربات مدروسة بعناية ساهمت في قلب السوق رأساً على عقب. فإليكم أسرار هذه القصة التي لم تنته بعد.

إشاعات لـ "تحمية السوق"

كان سعر الدولار مع حلول شهر رمضان بحدود 1250 ليرة. ولأن أغلب السوريين الذين يعيشون داخل سوريا يعتمدون على الحوالات المالية التي يرسلها أقاربهم من الخارج ازداد الطلب على الليرة السورية وهو ما زاد من نسبة التوقعات بحدوث صعود كبير لليرة.

لكن ما حدث هو العكس لا سيما مع اقتراب عيد الفطر حيث تتدفق الحوالات المالية بكثافة.

وتداول السكان والصرافون معلومات تتحدث عن دخول كميات ضخمة من الليرة السورية فئة الـ (2000 ليرة) من معبر ميزناز الذي افتتح لساعات مع مناطق النظام.

قال أحد الصرافين: "ما دام السوق في إدلب لم يحصل على الليرة من مناطق النظام فإن صعود الدولار لا علاقة له بوجود سيولة كبيرة من العملة المحلية".

ومع عدم وجود أي كميات من هذه العملة في سوق الصرف وهو ما تأكد منه "اقتصاد" خلال جولة على مجموعة من الصرافين بات من المتوقع أن يكون صغار الصرافين ومعظم المدنيين القلقين من تدهور السوق وقعوا ضحية لعبة كبيرة من (كباش السوق) وهو اللقب الذي يطلق على كبار المضاربين.

مضاربات وهمية

لفهم ما يجري في سوق الصرف ينبغي الاعتماد على فرضية من ثلاثة محاور: قضية رامي مخلوف وصراعه مع النظام، دخول عملة الألفي ليرة إلى إدلب، والمضاربات الوهمية التي قام بها حيتان السوق والتي تشكل البند الأهم من هذه الثلاثية.

لا شك أن هناك من يستثمر في قضيتي مخلوف وضخ الليرة إلى المناطق المحررة التي تديرها المعارضة ليكسب المزيد من الأرباح معتمداً على هذه الأرباح ذاتها في زيادة الطلب على الدولار.

فمثلاً، من يدخل السوق مضارباً بنصف مليون دولار بإمكانه اللعب جيداً في مثل هذه الظروف التي خلقتها إشاعتا مخلوف وضخ العملة المحلية مستفيداً من مرابحه الضخمة في رفع الطلب على الدولار وهكذا سيستجيب باقي المضاربين ويرفعون أسعارهم ما يؤدي إلى حدوث طلب قوي مع بث القلق في نفوس المدنيين والصرافين المبتدئين الذين يسارعون إلى شراء الدولار ما يؤزم القضية أكثر وأكثر.

تنتهي المضاربة عندما يصل السوق إلى السعر المناسب لكبار المضاربين فيلجؤون حينها لسحب أموالهم بالليرة السورية من السوق ما يؤدي إلى صعود لليرة وهنا تبدأ مضاربة جديدة.

ترك تعليق

التعليق