الجنرال الذي اختفى.. وأمواله المهرّبة إلى أوكرانيا


آخر مرة ذُكر فيها العماد منير أدنوف، بوصفه نائباً لرئيس هيئة أركان جيش النظام، كان في آذار/مارس من العام 2015. بعدها، اختفى ذِكر الرجل تماماً من وسائل إعلام النظام، دون أن نجد أية إشارة إلى إقالته، أو تقاعده، أو حتى نقله إلى موقع رسمي آخر.


وكما اختفى أدنوف من المشهد العسكري الرسمي، اختفت ثروته، من سوريا، لتنتقل إلى أوكرانيا، حيث انتقل معها ابنه، دانيال أدنوف، الذي ترك عمله كمدرسٍ في "الجامعة السورية الخاصة"، ليعيش في كييف، دون أي نشاط علني، كي لا يلفت إليه الأنظار، وفق وصف المطلعين.

(دانيال أدنوف)

تلك معلومات، حصل عليها "اقتصاد"، من مصادر كانت إلى وقت قريب، وبعضها ما يزال، مطلعاً على نشاطات "العماد أدنوف"، الأب، ونجليه، دانيال وأكسم، اللذين ساهما في نقل ثروته خارج البلاد تدريجياً، منذ أن أصبح الأب على قوائم المطلوبين من عتاة مجرمي نظام الأسد، والخاضعين لعقوبات الاتحاد الأوروبي في العام 2011، والولايات المتحدة الأمريكية في العام 2012.

(أكسم أدنوف)

بعض مصادرنا، قالت إن "أدنوف" الأب، نُقل إلى الحرس الجمهوري، وما يزال يقدم خدماته ضمن قوات النظام، وتصفه تلك المصادر بأنه مقرّب من رأس النظام، بشار الأسد. فيما عجزت مصادر أخرى عن تحديد وضع "أدنوف" الأب، حالياً.

كان أدنوف نائباً لرئيس هيئة أركان جيش النظام، حين اندلاع الثورة. وكان تحت إمرة وزير الدفاع، داوود راجحة، حينما اغتيل الأخير مع ثلة من رموز النظام في حادثة تفجير خلية الأزمة الشهير، في صيف العام 2012، بدمشق.

يتحدر أدنوف من الطائفة العلوية، من شرقي حمص، من قرية اسمها "السنكري"، بعد القرية المعروفة باسم "المخرم الفوقاني".

تطابقت شهادات نشطاء كُثر حيال مسؤوليته في مجازر عديدة، أبرزها حينما كان مسؤول عمليات بابا عمرو، بحمص، مطلع العام 2012. وقد كلفه بشار الأسد، برئاسة اللجنة الأمنية في حمص، مع تصاعد الاحتجاجات في المدينة وريفها، في بدايات الثورة، فلعب دوراً بارزاً في ترسيخ الشرخ الطائفي بين أبناء المدينة، ونقل الصدع الطائفي إلى الريف أيضاً، وفق وصف نشطاء عايشوا تلك الحقبة.

أما حول مصادر ثروته، فتقول معلوماتنا، إنها من ثلاثة مصادر رئيسية، الأولى مسروقات "التعفيش" في المناطق التي كان يدير العمليات فيها، والثانية أموال كان يتلقاها لقاء وعود بإطلاق سراح معتقلين، وكان يخلف بهذه الوعود في معظم الأحيان، أما المصدر الثالث، فهو من منصبه السابق، حينما كان رئيس الهجانة بسوريا، وبالتالي، كان مسؤولاً عن الحدود، وكان له نصيب وافر من عمليات التهريب عبرها.

ومنذ أن وُضع "أدنوف" على قائمة العقوبات الغربية في العام 2011 و2012، بدأ بتهريب أمواله تدريجياً، عبر ولديه، إلى أوكرانيا تحديداً.

وحسب مصادرنا، فإن ابنه دانيال، يدير تلك الأموال الآن، في كييف.

وبعد محاولات حثيثة للبحث عن معلومة توضح وضع "العماد منير أدنوف"، الآن، وجدنا إشارة إليه، برتبته الرسمية "العماد"، في منشور شكرٍ للمشاركين في عزاء شقيق لواء في قوات النظام. ويعود تاريخ المنشور إلى كانون الثاني/يناير 2020.



كما حصل "اقتصاد" على صورة عن صفحة دانيال أدنوف، الابن، على "فيسبوك"، والتي تشير إلى مكان إقامته في كييف بأوكرانيا، مع الإشارة إلى أنه كان قبل بضع سنوات، مدرساً في "الجامعة السورية الخاصة".




ولا يستطيع "اقتصاد" الجزم، كما تقول بعض المصادر، بأن "أدنوف" الأب، ما يزال ضمن الخدمة العسكرية. خاصة أن الرجل قارب السبعين من عمره الآن. لكن، ما نستطيع الجزم به، هو أن الرجل هرّب الكثير من الأموال إلى خارج سوريا، وهرّب معه أحد أبنائه، على الأقل، فيما هو ما يزال داخل سوريا، يتمتع بلقب "العماد"، ضمن محيطه الاجتماعي.

بطبيعة الحال، فإن "أدنوف"، ليس نموذجاً شاذاً عن رموز نظام الأسد، بل على العكس، هو تأكيد للقاعدة، إذ أن جميع رموز هذا النظام، الذين يصدعون رؤوسنا ليلاً نهاراً، بالحديث عن المقاومة والممانعة، والمؤامرة الكونية المحاكة ضدهم، لأنهم يقاومون الغرب، جميع أولئك الرموز، نجد أموالهم، وأبنائهم، في الغرب ذاته، وفي بنوك ذلك الغرب ذاته، الذي يدعون مقاومته.

والغريب أكثر، أن الغرب ذاته، يستقبل أبناء رموز النظام، وأموالهم، فيما يتحدث ليلاً نهاراً، عن إدانته لأفعال النظام وجرائمه، ورفضه للإقرار بالتعامل معه.

(الصورة الرئيسية للعاصمة الأوكرانية كييف)

ترك تعليق

التعليق